سندريلا في بيتي بقلم منى أحمد حافظ الجزء الأول معدل
سندريلا في بيتي بقلم منى أحمد حافظ الجزء الأول
الأولى. خادمتي ولكن.
وقفت تحدق بتلال الأواني المتراصة على جانبي المجلي پذعر كأنها رأت أمامها أسوأ كوابيسها يتحقق وتطلعت حولها تبحث عن أحد تسأله العون والمساعدة ولكنها صدمت بخلو المطبخ من الجميع كأنهم فروا من الچحيم الذي وضعت هي فيه.
أغمضت عينيها وتنهدت بيأس حين أيقنت أن لا مفر لها فشمرت عن ساعديها لتبدأ في جلي أول إناء وهي تسب وټلعن تلك الظروف التي جعلتها تلجأ إلى العمل گخادمة.
ومن خلف إحدى نوافذ المطبخ المطلة على الحديقة الخلفية وقفت العاملتان المكلفتان بجلي الأواني تنظران إليها خلسة وتضحكان لحيلتهن التي انطلت على تلك المسكينة التي تسلمت عملها لأول يوم تمنيان نفسيهما بالراحة ولو قليلًا ولم تنتبه أي منهن إلى صاحب العينين القاتمتين والذي تابع ما يدور بسخرية لسذاجة تلك العاملة الجديدة والتي استغلها الجميع منذ اليوم الأول لها.
التفتت ولاء إلى ساعة الحائط خلفها لتدرك أن لها أكثر من عشرين ساعة تعمل بشكل متواصل فزفرت بتعب وهي تجفف آخر إناء وتضعه بحرص في مكانه وابتعدت عدة خطوات إلى الخلف تقيم نظافة المكان وتنهدت براحة حين رأت كل شيء في مكانه وقد بدا المطبخ وكأنه لم يستخدم من قبل، وأرتمت على أحد مقاعد مائدة المطبخ وهمست قائلة بتوعد:
_ منك لله يا هنادي بقى هو دا الشغل اللي مش هتعب فيه، بس أما أشوف وشك وحياتك عندي راح اخليكِ متعرفيش عينيكِ كان مكانها فين أصلا.
أسندت ولاء رأسها إلى الطاولة ليسرقها النوم سريعًا ولم تر صاحب العينين الذي وقف يحدق بها بشفقة ليغادر المطبخ متجها إلى غرفته وتمدد فوق فراشه وأسند رأسه إلى ذراعه يفكر فى أمر تلك الزيجة التى تفاجىء بتخطيط الجميع لإجباره عليها والتى لم يكن سيعلم عنها أبدًا لولا تلك الصدفة التى جعلت الخادمة الجديدة تقع بها لتكشف له مخططهم الذي بدأ يحاك وينفذ من خلف ظهره، زفر پغضب لاصرارهم على التدخل فى شؤن حياته واللعب فيها ليعتدل فجأة وهو يشحذ عقله ليجد مهرب يخلصه من الزواج من أبنة الأدهم دون أن يلقى أحدا باللوم عليه، ليبتسم فجأة وهو يتعجب من أمر نفسه لتذكره تلك الخادمة بعيناها التى احاطتهما بأغرب لون كحل أسود رآه فى حياته وهيئتها الغريبة بدءً بجلبابها المعقود جانبًا والذي كشف عن بنطال لا ملامح له أسفله وتلك الربطة الغريبة الشكل التي تغطي بها جدائل شعرها المجعدة، إنتهاء بذلك المنديل الذي لفته حول عنقها عدة مرات وذكرته بمظهرها المشعث والعشوائي بتلك الشخصية الهزيلة بالأفلام القديمة.
في حين انتفضت ولاء بفزع حين صدح صوت بجانب أذنها يقول بحدة:
_أنتِ يا بنتي قومي أنتِ إيه اللي نيمك هنا؟
هبت على قدميها تحدق في صاحبة الصوت الحاد بحيرة وابعدت عيناها عنها وجالت في المكان لتتذكر تلال الاواني التى جلتها في الامس وعادت بعيناها إلى تلك السيدة مرة أخرى وقالت وهي تضع كفها فوق فمها تمنع تثاؤبها:
_ معلش مخدتش بالي أنا أصلي خلصت المطبخ ورتبته على الفجر وكنت عاوزة بس اريح رجلي والظاهر نمت وأنا قاعدة حقك عليا.
قطبت السيدة حاجبيها والتفتت الى المجلى وعادت بعيناها الى ولاء مرة اخرى وقالت:
_ عاوزة تفهميني أنك لوحدك غسلتي كل حاجات الحفلة ورتبتي المطبخ، اومال البنات اللي كانوا معاكِ راحوا فين؟
حكت ولاء راسها ومطت شفتيها وقالت:
_ أنا مكنش معايا حد بعد ما نضفت الملحق زي ما طلبتي مني امبارح وجيت على المطبخ كان في انسة قالت لي إن حضرتك سيبتي خبر أني ممشيش قبل ما اخلص المطبخ كله وبعدين سابتني ومشيت.
رفعت شويكار حاجبها بتوعد وقالت:
_ بقى الانسة قالت لك اني سايبة خبر وماله أما أشوف الهوانم راحوا فين وسابوا الشغل اللي مفروض يقوموا بيه.
صمتت شويكار ونظرت بتقييم إلى ولاء وهزت رأسها برفض وقالت وهي تشير إلى ما ترتديه:
_ هو إيه اللبس اللي أنتِ لابساه دا يا ولاء.
نظرت ولاء إلى ملابسها وقالت:
_ مالها يا ست هانم ما هدوم ستراني أهي ولا أنا لازم اتعرى علشان اعجب واشتغل.
احتقن وجه شويكار ورفعت سبابتها في وجه ولاء وقالت محذرة إياها:
_ لسانك يا ولاء لو مخلتيش بالك منه صدقيني هتمشي من هنا من قبل ما تاخدي حق اليوم فاهمة ودلوقتي اتفضلي ادامي أما اديلك لبس غير الحاجات الغريبة اللي أنتِ لابساها دي علشان تطلعي تنضفي جناح الاستاذ نبيل.
صمتت شويكار مرة أخرى وحدقت بولاء بحيرة وقالت:
_ ألا يا ولاء الأستاذ نبيل عرف بيكِ أزاي علشان يطلب أنك أنتِ اللي تطلعي تنضفى الجناح بتاعه وأنتِ امبارح من وقت ما الانسة هنادي جابتك ووصت عليكِ ومشيت وأنتِ يا فالمطبخ يا فالملحق بتنضفيه قوليلي قابلتي الاستاذ نبيل فين؟
حكت ولاء رأسها مرة أخرى ثم فركت عيناها بلا وعي فسال كحل عيناها ليلون حول عينيها بأكملها ففزعت شويكار حين خفضت ولاء يدها وتراجعت خطوة للخلف قائلة:
_ سلامًا قولا من رب رحيم، إيه يا ولاء حرام عليكِ يا زفته حد يبهدل وشه بالكحل بالمنظر دا؟ مش معقول دا أنتِ لو قاصدة ترعبيني مش هتعملي كدا؟ اقولك امشي ادامي خليني اديكِ هدوم وادخلي اوضتك استحمي ونضفي نفسك من الكحل دا وبعدين تبقي تطلعي تنضفي الجناح احسن أنتِ لو طلعتِ بمنظرك دا مش بعيد تجيب لاهل القصر سكتة قبلية لما يفتكروا إن في شبح متجول فيه.
تبرمت ولاء من كلمات شويكار واتبعت خطاها وهي تقلد حركات وجهها ولكنها سرعان ما التزمت في خطواتها خشية أن يراها أحد ويقوم بطردها.
انهت ولاء استحمامها وغادرت المرحاض ووقفت أمام المرآة تحدق بوجهها وخصلات شعرها التي بلا شك ستعذبها لتمشطها فزفرت بيأس وقامت بعقص خصلاتها معًا دون تمشيط وسحبت إحدى ربطاتها ووضعتها فوق رأسها ونظرت إلى الزي الموحد الذي وضعته شويكار على الفراش وحدقت به وارتدته ووقفت تقيم نفسها ولاحظت أن الزي تخطى أصابع قدميها فحكت ذقنها ولمعت عيناها فانحنت ورفعت طرفه وشبكته قبيل خصرها وابتسمت لصورتها وأسرعت بمغادرة الغرفة واتبعت تعليمات وإرشادات شويكار حتى وصلت إلى جناح نبيل وولجت إليه ووقفت في منتصفة فارغة الفاه وهزت رأسها تنعي حظها الذي أوقعها في ذلك العمل وهي تجول بعينيها في أرضية الجناح الذي تناثرت على أرضه قطع من الملابس الملقاه بإهمال فزفرت وهي تشد رباط رأسها وتنحني تلملم الملابس من على الأرض، وأنهمكت ولاء في تنظيف الجناح بعد أن وضعت سماعات الهاتف التي أعارتها هنادي إياها لتتمايل مع الموسيقى الصادرة من هاتفها وتنقلت من مكان إلى الأخر ولم تشعر بمرور الوقت ولا بِنبيل الذيي ولج إلى جناحه ليقف مبهورا بالتغيير الذي أصاب جناحه بعدما عاث شقيقه فسادًا فيه وانتبه اخيرا الى تلك التى وقفت تتراقص وهى تقبض بيدها على عصا المكنسة فاستند إلى باب جناحه عاقدًا لساعديه يتابع حركاتها ليكتشف أنه يبتسم للمرة الثانية بسبب تلك الفتاة ليقرر التحرك وجذب انتباهها لوجوده، تمايلت ولاء بمرح تراقص عصى مكنستها لتتذكر إحدى الحركات الراقصة بالعصى ومدت يدها بالعصى وهي تلتفت لټرتطم عصاها برأس نبيل فتجمد كلاهما أحدهما غاضبًا والأخرى شاحبة الوجه فأسرعت ولاء ونزعت سماعات الهاتف عن أذنها وألقت العصى من يدها وازدردت لعابها قائلة باضطراب:
_ أنا أنا مأخدتش بالي والعتب على النظر كان مفروض حضرتك تاخد بالك طالما شوفتني وأنا وأنا.
ابتلعت ولاء كلماتها بحرج لترى غضبه يتبدد وترتسم على وجهه ابتسامه جعلتها تحدق به ببلاهة، اتسعت ابتسامة نبيل أمام ردة فعلها وتحديقها به فمد يده وأغلق فمها الذي اتسع وقال:
_ اقفلي يا ماما اقفلي.
ابتعدت ولاء عنه بارتباك للمسه لشفتيها واشاحت بعينيها بعيدًا لتتذكر باقي الأعمال الموكلة إليها فأنحنت سريعًا إلى الأرض وجمعت أدواتها وتخطته لتتوقف أمام الباب وتلتفت إليه وتقول:
_ بالله عليك يا شيخ لما تقلع هدومك في علاقة هدوم شيك أوي عندك علقهم عليها وبلاش ترميهم فالأرض أحسن أنا ظهري اتكسر من لم هدومك من على الارض.
اكملت ولاء خروجها من الغرفة تاركة نبيل في حالة صدمة بسبب ما قالته ليسب شقيقه الذي جعل تلك الفتاة تظنه هو صاحب كل ذلك الاهمال.
انهت ولاء عملها الشاق على أكمل وجه وعادت إلى المطبخ من جديد وجلست منهكة القوى وهي تهمس پألم:
_ وأنا كان مالي والتعب دا كله هقول إيه منك لله يا هنادي ما أنتِ عارفة أني معنديش صحة للهدة دى بس لما اشوفك وتقعي تحت ايدي والله لهطلعه عليكِ.
انتفضت ولاء حين ربتت شويكار على كتفها ففزعت هي الاخرى وقالت مؤنبة ولاء:
_ يا بنتي حرام عليكِ هو أنتِ حد مسلطك عليا تخضيني كل شوية.
ارتبكت ولاء ووقفت وهى لا تقوى على الوقوف وقالت معتذرة:
_ أنا اسفة بس كنت بريح شوية عمومًا أنا خلصت كل حاجة زي ما حضرتك طلبتي ولسه نازلة حالا هو في شغل تاني ولا إيه؟
ابتسمت شويكار وقالت وهى تربت على كتف ولاء:
_ لا يا بنتي بصراحة أنتِ مقصرتيش وعملتِ شغلك على اكمل وجه علشان كدا روحي ريحي أنتِ كدا خلصتي المطلوب منك النهاردة بس تعالى هنا هو ايه اللي أنتِ عملاه فنفسك دا هو دا اليونفيورم اللي ادتهولك معقول أنتِ كنتِ فوق بشكلك دا؟
نظرت ولاء ألى هيئتها وقالت:
_ مالي بس ما انا مېت فل واربعتاشر اهو وبعدين اليونيفورم كان طويل فأنا غيرت فيه شوية يعنى.
هزت شويكار رأسها بأسى قائلة:
_ مافيش فايدة فيكِ، عمومًا اقعدي كلي الاول وبعدين تقدري تروحي اوضتك تريحي ولو عاوزة تخرجي اخرجي بس متتأخريش برا عن الساعة تسعة فاهمة.
اومأت ولاء وقالت وهى تفكر في أمر ما:
_ يعنى أنا براءة دلوقتي واقدر اخرج كمان والله تشكري يا مدام شويكار عمومًا أنا مش جعانة دلوقتي وهروح اوضتي اغير واروح اجيب شوية حاجات لزمانى ومټخافيش مش هتأخر ها حضرتك تؤمرينى بحاجة تانية قبل ما امشى.
صدح جرس غرفة والدة نبيل نهاد فعقدت شويكار حاجبيها وزمت شفتيها بأمتعاض واتجهت إلى هاتف المطبخ واجابت على الاتصال فسمعت صوت نهاد المتذمر يقول:
_ ابعتي لي حد حالا يا شويكار ينضف الاوضة فورا أحسن توستا وقعت علبة الميكب فالارض وبهدلت الدنيا وشوفيلي الغبية اللي مفروض تراعي توستا سابتها وراحت فين أنا مش فاهمة أنتِ أزاي سايبة الشغالين فالقصر قاعدين براحتهم ومش واخدين بالهم مش شغلهم عموما لما يجي جويد أنا هخليه يشوف له حل فالاهمال دا وهخليه يخصم للكل أسبوع والمقصر حتى لو كنتِ أنتِ يرفده.
اغلقت نهاد الهاتف دون ان تعطى الفرصة لشويكار ان تجيبها والتقطت كلبتها الصغيرة وقبلتها وقالت:
_ كدا يا توستا تبهدلي الدنيا اوف أنا مش عارفة الغبية اللي مفروض تاخد بالها منك راحت فين وسابتك بالشكل دا.
وفالى المطبخ تعالت أنفاس شويكار الغاضبة وهمهمت بكلمات السخط والاعتراض والتفتت إلى ولاء وقالت وهي تبتسم لها بحرج:
_ معلش يا ولاء أنا عارفة أنك تعبتي بس أنا مش عارفة سامية أختفت فين وهي مفروض تراعي كلبة الهانم بصي اطلعي حناج مدام نهاد نضفيه وبعدين أمشي، وخلي بالك مدام نهاد مش بيعجبها أي نضافة يعني عوزاكِ تبيضي وشي ماشي.
كادت ولاء تبكي من شدة تألمها ولكنها تماسكت وأومأت برأسها إلى شويكار وقالت:
_ حاضر يا مدام شويكار أنا تحت أمرك وأهو دا شغلي فالأول والأخر بس هو جناح المدام فين.
وصفت لها شويكار الجناح فسحبت ولاء ساقيها واتجهت إلى الاعلى وهي تهمهم بسخط:
_ يا صغيرة على الهم دا كله يا لوزة بس هقول إيه أنا اللي جبت دا كله لنفسي.
طرقت ولاء باب الجناج وولجت الى الداخل ووقفت متسعة العين من مشهد الارض الذى لوثته علبة المكيب فأغمضت عيناها وتنهدت پألم واتجهت الى الارضية واخذت تنظفها وحين كادت تنتهى تفاجأت بنهاد تغادر المرحاض وهي تحمل بين يداها كلبة بيضاء لها لونى عيون مختلف وقعت ولاء في عشقها فورا فابتسمت لنهاد وقالت:
_ حلوة اوي الكلبة دي هي دي توستا.
رمقتها نهاد بنظرات متعالية وتخطتها الى غرفة صغيرة فعبست ولاء وهمست قائلة:
_من تواضع لله رفعه مالها دي.
واكملت ولاء تنظيفها للغرفة وحين همت بالانصراف غادرت نهاد الغرفة وهي تحمل كلبتها وجالت بعيناها في كل مكان بالغرفة وقالت:
_ تمام بلغي شويكار انك أنتِ المسئولة عن نضافة الجناح بتاعي كل يوم واياكِ تفكري ان دا امتياز ليكِ لا دا بس علشان شغلك مش بطال وكمان علشان مش بتتلكعي وأنتِ بتشتغلي ودلوقتى عوزاكِ تروحي اوضة بسمة تشوفيها لو مش مترتبة ترتبيها وبعد ما تخلصيها اطلعي الدور اللي فوق نضفي جناح بهير يلا روحي اعملي اللي قولت عليه.
انصرفت ولاء من الجناح واتجهت إلى الاسفل ووقفت أمام شويكار وابلغتها ما قالته نهاد فزمت شويكار شفتيها وقالت:
_ معلش يا ولاء انا عارفة ان الشغل كتير عليكِ بس فعلا احنا عندنا أزمة الايام دى لان البنت اللى كانت شغالة مع سامية مشيت فجأة ومن غير أى أسباب ولا حتى تقول ودلوقتي مش عارفة سامية راحت فين ربنا يستر ومتكونش مشيت هى كمان اقولك اطلعى الاول جناح الاستاذ بهير نضيفه وخلى اوضة الانسة بسمة للاخر هى مش متعبة اصلا لانها مرتبه ومنظمة زى الاستاذ نبيل وبتحب ترتب اوضتها بنفسها فمش هتتعبي فيها واوضتها اللي جانب جناح الاستاذ نبيل.
لوت ولاء شفتيها وهمهمت بسخرية وقالت:
_ قال الاستاذ نبيل منظم قال اومال لو مكنش منظم كان جناحه هيبقى ازاى اووف انا ايه اللى وقعنى فالعيلة المهملة المغرورة دى والله تستحقوا اللى اللهو الخفى يعمله فيكم علشان تتعلموا الادب وتتربوا وتعرفوا ان الناس كلها واحد لا يفرق غنى من فقير.
وصعدت ولاء الى جناح بهير ووقفت مصدمة من اهماله المفرط فعقدت حاجبيها ولعنت في سرها هنادى للمرة المليون وتوعدتها بالويل حين تلقاها وسحبت نفسا عميقا وانهمكت في تنظيف الجناح الذى اجهز عليها كليا وانهت وهى تسب وټلعن ذلك البهير المهمل وهى تغادر جناحه متوجهه الى الاسفل ووقف ولاء أمام غرفة بسمة وطرقت بابها فسمعت صوت رقيق يأذن لها بالدخول وولجت ولاء إليها فطالعتها فتاة رقية الملامح هادئة تجلس خلف مكتب للمذاكرة وشحب وجه ولاء حين أدركت هوية الفتاة وازدردت لعابها وحاولت اخفاء وجهها عنها فخضت رأسها أرضا وقالت بصوت خشن:
_ أنا جيت علشان ارتب الاوضة لو بس حضرتك ينفع تخرجى علشان اخلصها زي الست هانم ما أمرت.
تركت بسمة مكتبها واتجهت صوب ولاء ووقفت أمامها محدقة بها بدهشة ودارت حولها عدة مرات وجمد جسد ولاء أمام نظرات بسمة التي اخذت تدور حولها لتفاجئها بسمة بسحب غطاء رأسها الذي تغطي به شعرها لينهمر شعرها الغجري حول وجهها فصاحت بسمة وهي تقفز وتقول:
_ مش معقول ألاء الادريسي.
الثانية. درس لمن يستحق.
شهقت ولاء أمام ما فعلته بسمة ورفعت يدها إلى شعرها تلملم تبعثرة الغجرى واختطفت غطاء رأسها من يد بسمة وحاولت أن تعيده كما كان وهي ټلعن في سرها هنادي للمرة المائة ونظرت إلى بسمة خلسة وقالت بصوت حاولت جعله ثابت:
_ لا حضرتك أنا إسمي ولاء محمود مش ألاء أنا أنا بشتغل هنا وجاية علشان انضف اوضة حضرتك.
تراجعت بسمة إلى الخلف خطوة وهي تحدق بوجه ولاء بشدة وعقدت ساعديها وقالت:
_ والله على اساس اني مش هعرفك وهتوه عنك بطلي المقالب اللي بتعمليها دي يا ألاء علشان متزعلش واظن أنك متجبيش تزعليني ودلوقتي ممكن أعرف أنتِ ايه اللي عملاه فنفسك دا.
ازدردت ولاء لعابها وهي تتهرب بعيناها من تفرس بسمة فيها وأهملت حديث بسمة تماما وقالت:
_ أنا مش عارفة حضرتك بتكلميني الكلام دا ليه؟ صدقيني يا هانم أنا الشغالة الجديدة حضرتك وو.
عقدت بسمة حاجبيها وأدركت أن آلاء ورائها أمر ما جعلها تخفي شخصيتها فزفرت وقالت بتهكم:
_ أها الشغالة الجديدة تمام بصي بقى يا شغالة يا جديدة أنا بحب ارتب اوضتي بنفسي وزي ما أنتِ شيفاها كدا مش محتاجة اي لمسات تانية فشكرا اوي لخدماتك وبلغي شوشو اني شاكرة اوي اهتمامها بيا ودلوقتي تقدري تروحي تعملي اي حاجة تانية يا.
صمتت بسمة برهة واردفت:
_قولتي اسمك ايه؟
رددت ولاء اسمها بحرج وقالت:
_ولاء يا هانم اسمي ولاء.
هزت بسمة رأسها وعادت الى مكتبها وقالت:
_تمام يا لولو تقدري تروحي واه عاوزة بس اقولك حاجة قبل ما تمشي في امتحان فالكلية بعد يومين والامتحان مهم ولو ألاء محضرتش الامتحان هتشيل المادة.
لوت ولاء شفتيها واسرعت بالهروب من غرفة بسمة واتجهت الى المطبخ واعادت ادوات النظافة إلى مكانها واتجهت الى غرفتها وسحبت هاتفها واتصلت بصديقتها هنادي وقالت ما ان سمعت صوتها:
_تعالي قابليني حالا يا هانم واياكِ تقولى مشغولة احسن أنتِ حرة واظنك عارفة جناني شكله ايه.
ولجت ولاء إلى مرحاضها لتغتسل حتى تلحق بموعدها وأسرعت إلى الخارج ووقفت أمام الخزانة وسحبت بنطالا وقميصا وعادت إلى المرحاض وحين غادرته وقفت متجمدة حين رأت ذلك الشاب يقف مستندا إلى باب غرفتها المغلق فرمقته پغضب وقالت بعصبية:
_انت انت مين ووإزاى تتجرأ وتدخل اوضتى من غير إذن إيه فاكرها وكالة من غير بواب اتفضل لو سمحت أطلع برا بدل ما أصوت وألم عليك سكان القصر دا.
أهمل الشاب حديثها وخطى نحوها فتراجعت ولاء إلى الخلف ولأول مرة تخيفها نظرات أحد وانتفضت حين أرتطمت بالحائط فعقدت حاجبيها وهزت رأسها لرفضها خۏفها فصاحت بحدة:
_إيه يا أخ مسمعتنيش دا أنت بجح بقى وشكلك كدا عاوز تتربى من أول وجديد.
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتى الشاب وقال:
_أولا أنا بهير جويد وأبقى إبن صاحب القصر اللى أنتِ بتشتغلى فيه خدامة وبعدين مالك كدا قافشة وعاملة فيها البت المحترمة ما تفكيها شوية وتلينى ولا أنتِ عاوزة تفهمينى إن مالكيش فالشغل التانى عموما خليكِ حلوة معايا كدا وأنا هجيبلك كل اللي نفسك فيه.
أهانت كلمات بهير ولاء فشمخت برأسها وأبتعدت عن الحائط ووقفت أمامه متحدية إياه بنظرات صارمة وفاجأته بصفعها إياه وقولها بصوت جليدى:
_إبن صاحب القصر ولا حتى الجنينى أنا ميهمنيش إنت إيه أساسا لكن اللي يهمني إنك تيجي لحد عندي وتقف وتعمل خط فاصل علشان أنا غير أي حد تاني عرفته وتصرفك دا يا أستاذ يا تربية القصور مالوش غير تفسير واحد وهو إنك مش محترم ومش متربى علشان تسمح لنفسك تدخل اوضة واحدة ملكش بيها أي صلة ودلوقتي لو مخرجتش من هنا أنا هضطر أرفع صوتي وأنادي على اهلك يجيوا يشوفوا ابنهم المحترم وهو بينضرب من الخدامة.
بهتت ملامح بهير أمام مدفع الكلمات الذى أنطلق أمامه هكذا وحدق بها بغيظ وقال:
_ أنتِ بتمدى إيدك عليا يا جربوعة.
انحنت ولاء فجأة وخلعت مداسها ورفعته في وجه بهير وقالت بصوت عال:
_هو الأول كان قلم علشان تفوق لنفسك يا إبن البشوات لان الظاهر كدا إن شبشبي هو اللي هينزل فوق راسك يعلمك الأدب والأخلاق ومش هيخلصك مني أبوك نفسه لو جه.
واتجهت ولاء نحوه لتباغته فتراجع بهير ومد يده يفتح باب الغرفة ليسرع بمغادرة الغرفة وهو يسبها ويلعنها ولم يرى شقيقه نبيل إلا حين ارتطم به وهو يوقف اندفاعه ونظر صوب غرفة ولاء وعاد ببصره إلى وجه شقيقه الممتعض وقال:
_مش هتبطل بقى العادة الزفت دي ولا أنت مش ناوي تجيبها لبر إلا لما تفضح العيلة بتصرفاتك الطايشة بذمتك مش مكسوف من نفسك وأنت خارج من اوضة الخدامة وصوابعها معلمة على وشك عمومًا يا بهير إنت وضعك زاد عن حده ولازم فعلا بابا يعرف بكل التصرفات اللي بتعملها وبعدين يا أخي راعي ربنا شوية فبنات الناس ولا انت ناوي تطفشها زي ما طفشت اللي قبلها.
احمر وجه بهير امام تقريظ شقيقه وقال:
_انا معملتش حاجة يا نبيل وبعدين هي اللي فهمت غلط و.
قاطعه نبيل بحدة وقال وهو يرفع سبابته في وجهه محذرا:
_ كفايا يا بهير واياك تقول كلمة زيادة عن البنت لان دي غير اللى قبلها فعلا ودلوقتي اتفضل اطلع اوضتك واياك تدخل اوضتي تاني وتقلبها مزبلة زي ما كنت عامل.
انصرف بهير ولاحقه نبيل بعيناه والټفت فرأى ولاء تغادر غرفتها وهي تحمل حقيبة ملابسها فأوقفها قائلًا:
_رايحة فين يا انسة.
نظرت له ولاء پغضب وقالت:
_ماشية الله الغني عن دي شغلانة ولا حضرتك مشفتش اخوك المحترم اللي دخل اوضتي من غير استأذان عموما انا مش عاوزة اكمل شغل هنا تاني اساسا انتو ناس متعبة وبصراحة انا مبحبش العالم المغرورة اللي زيكم عن اذنك انا همشي دلوقتي بدل ما استني والاقي نفسي لابسه فمصېبة من تحت راس اخوك.
لوى نبيل شفتيه وهو يستمع اليها وقال:
_ بصي انا مش هقدر امنعك انك تمشي لكن صدقيني لو فضلتي انا هتكلم معاه ومش هخليه يتعرض لك تاني وبعدين أنتِ اثبتي وجودك من اول يوم ومأظنش ابدا ان نهاد هانم هترضى انك تمشي خصوصا بعد ما شافت شغلك خليكِ يا انسة ولاء وانا اضمن لك ان بهير مش هيتعرض لك تاني.
ازدردت ولاء لعابها وهى تحدق بوجهه فالفرصة سنحت امامها لتفر من ذلك البيت ولكن ذلك النبيل الذي يقف امامه بقامته الفارهة الطول وسمار بشرته المحبب الى نفسها وعيناه اللوزية التي تحدق بها برجاء جعلتها تستسلم وتضعف وعادت في صمت الى غرفتها ووضعت حقيبتها وغادرت مرة اخرى فوجدته يقف كما هو وعلى وجهه ارتسمت اجمل ابتسامة رأتها في حياتها فنهرت نفسها لتحديقها به بتلك الطريقة وزفرت فسألها نبيل حين رأها تتخطاه وقال:
_رايحة فين مش اتفقنا.
التفتت ولاء اليه وقالت بحرج:
_ما خلاص سمعت كلام حضرتك وسبت الشنطة انما أنا دلوقتي ورايا مشوار مهم ولازم اروحه وأنا واخدةاذن من مدام شويكار وهى فهمتني اني متأخرش فالرجوع ودلوقتي بقى عن اذن حضرتك علشان الحق مشواري.
تابعها نبيل وهي تسرع في خطاها وتعجب من امرها فكل مرة يراها فيها يشعر انه يراها للمرة الاولى هز نبيل رأسه بقوة ينفض عن عقله تفكيره بها واستدار واتجه الى مكتبه وجلس يتابع بعض اعماله ولكنه لم يستطع التفكير فحديثه مع والده فى الصباح الباكر عن زواجه المدبر من تلك الفتاة المدللة الثرية التي ترقى الى اسرتهم والذي بزواجه منها سيقوي الروابط بينه وبين والدها مما يدعم من موقفه فى الانتخابات والاعمال زفر نبيل بأختناق وحل ربطة عنقه بعدما احسها تزيد من ضيق انفاسه متذكرا صوت والده وهو يصيح بوجهه بقوة ويقول:
_انت مش واعي ان بطريقة تفكيرك بتخسرنا كل حاجة يا استاذ يا نبيل بجد انا مبقتش فاهمك انت ازاي وانت ابني الكبير اللي مفروض ېخاف على مصلحة العيلة ويضحي علشان الكل ليه رافض تتجوز البنت وهي مفيهاش حتى عيب واحد يا ابني انت ليه كل ما نتكلم معاك فموضوع الجواز ترفض ومش بيعجبك اختيارنا بص يا نبيل رفضك لاي واحدة قبل كدا انا تقبلته منك ونسيت كل احراج عرضتني ليه انما المرة دي لا فاهم لان المرة دي انت هتكسرنا على ايد الادريسي لانه مستحيل يقبل ولا يرضى على بنته بعد ما طلبت ايديها ليك انك ترفضها وبعدين هو انت هتبقى مرتاح واحنا واقعين تحت ضرس الادريسي ولما يضربنا فالسوق كله بسببك.
صمت جويد وحدق بوجه ابنه الخال من التعبير وازداد وجهه ڠضبا واردف قائلا:
_ اعمل حسابك اننا هنروح نقرا الفاتحة اخر الاسبوع واياك يا نبيل تعمل اي حركة من حركاتك لان وقتها هتبقى كسبت عداوتى.
ترك نبيل مكتبه واقترب من النافذة المطلة على الحديقة والټفت حين اقټحمت زوجة والده نهاد غرفة المكتب تحتضن قطتها عابسة الوجه ووقفت فى منتصف الغرفة وقالت:
_انا مش عارفة انت هتفضل اناني لامته يا استاذ نبيل ايه خلاص مبقاش عندك احساس بوالدك ابدا قاعد ولا كأنك حړقت دمه ومخليه متوتر وقلقان من تصرفاتك ايه فيها ايه لما تتجوز علشان خاطر العيلة ما رجالة كتير بترضى اهاليهم ويتجوزوا عادى وبعدين يعنى ما انت الراجل يعنى لو معجبتكش ابقى اتجوز عليها فالسر بس المهم انك ترضى والدك وتنقذ مستقبله السياسى ومستقبل الشركة اللى تعب فيها ولا انت عاوزه يخسر مكانته فالمجتمع بسبب انك مش عاوز تتجوز وكل دا علشان ست الحسن اللى سابتك وراحت لصاحبك بصراحة هى معاها حق انا لو منها اعمل كدا لما الاقيك كل حاجة بتتعصب عليها وتقول لا وتتعامل كانك واحد من العصر الحجرى بص يا نبيل انا مش هقف اتفرج عليك وانت بتضر جويد وانا بحذرك انك تحاول تطفشها واظن انك عارف نهاد المنشاوى تقدر تعمل ايه عن اذنك.
غادرت نهاد المكتب فجأة كما دخلته وحدق نبيل فى اثرها متعجبا من جرأتها المجىء اليه وتهديده هكذا بل والتهكم عليه بسبب ترك تغريد له والزواج من صديقه فلمعت عيناه بالرفض والتمرد واخذ عقله يفكر فى طريقة ېصفع بها تلك العائلة كى تصحو من غرورها وتتقبل ان الجميع سواسية.
جلست ولاء فى المقهى تحدق بساعة يدها وتزفر بحنق لتأخر هنادى عليها لتقف پغضب حين لمحتها تتجه صوبها وجلست هنادى امامها وقالت:
_ اسفة بجد على التأخير بس على ماما رضيت تسبنى انزل ها يا ستي فى ايه مالك وجرانى على ملا وشى تانى ليه بالشكل دا.
تمالكت ولاء اعصابها حتى لا تبطش بصديقتها فضغطت على اسنانها ومالت للامام وقالت وهى ترميها بنظرات مشتعله پغضب:
_بقى اقولك شوفى لى مكان اشتغل فيه واستخبى فيها ومحدش يعرفنى فيه لحد ما الهوجة اللى فالبيت تعدى تقومى ترمينى فبيت جويد يا هنادى لا وتدبسينى فشغل عاوز عشرة علشان يخلصوه بتسلمينى يا هنادى تسليم اهالى لا ومش كدا وبس دا كمان اتفاجىء ببسمة قصادي هو دا اللى طلبته منك بجد انا مش عارفة اعمل فيكى والمشكلة الاكبر انى مش عارفة اسيبهم دول زى ما يكونوا ما صدقوا لاقوا خدامة بتعمل كل حاجة واستعبدوها أنتِ عارفة ان ليا يومين منمتش وشغالة فالقصر ولا العبيد.
اڼفجرت هنادى ضاحكة حين تخيلت صديقتها بهئيتها الجديدة وهى تنظف وتجلى الصحاف ضړبت ولاء سطح الطاولة بيدها بقوة فانتفضت هنادى وقالت بتلعثم:
_اهدى اهدى أنتِ هتتجننى ولا ايه الناس بتبص علينا امسكي اعصابك شوية وبعدين انا ماليش ذنب فكل اللي حصل انا قولت لك انى سمعت ماما وهي بتتكلم عن احتياج عيلة جويد لواحدة تساعد فالحفلة وتكون امينة وأنتِ كنتِ هتموتى وتختفى بأي طريقة فقلت أأمن مكان محدش يتوقع انك فيه هو قصر جويد وعمي محمود مش هيعرف يوصلك هناك انما راح عن دماغى خالص موضوع بسمة المهم أنتِ اتصرفتى معاها ازاى.
زفرت ولاء بحنق وقالت:
_ ولا حاجة هى عرفتنى وكشفتنى لكن اضطرت تجارينى فكذبتى علشان متحرجنيش لا وكمان قالت لى ان فى امتحان فالكلية عارفة يعنى ايه امتحان يعنى سيادتك للمرة المليون طنشتى الكلية ومروحتيش زى ما اتفقنا وتابعتى المحاضرات ولولا بسمة مكنتش هعرف ان فى امتحان ولو محضرتش هشيل المادة عموما يا هنادى انا هتصرف وهعرف امشى من القصر قبل ما اڠرق فيه اكتر وحقيقى انا اول مرة اقابل ناس بالغرور دا ولو اطول كان زمانى نازلة فيهم هبد بس ملحوقة افوق لهم بس واعرفهم ان الله حق وهخليهم ياخدوا اول درس على ايدى ويتربوا.
مضى الوقت سريعا بين ولاء وهنادى وحين شارفت الساعة على العاشرة اسرعت ولاء بالمغادرة وتسللت ولاء إلى حديقة القصر وحين همت بالتوجه صوب الباب لتلج الى داخل القصر جذبتها يد وكممت فمها فدفعت ولاء مهاجمها وكادت تطيح به أرضا ولكنها حدقت به وعيناها متسعة وصاحت:
_ أنت.
الثالثة. كرولا
كادت ولاء تطيح بمهاجمها وقد تدافع الډم بعروقها پغضب وهى تدفع مهاجمها ارضا واتسعت عيناها حين وقع بصرها على بسمة فصاحت وقالت:
_ أنتِ يا شيخة حرام عليكِ خلتيني قطعت الخلف في حد عاقل يعمل اللي عملتيه.
مدت ولاء يدها بعد ان القت كلماتها وساعدت بسمة على الوقوف فنفضت بسمة ملابسها وهى تأن وقالت:
_ أنتِ ايه قطر يا آلاء والله حرام عليكِ وبعدين انا الحق عليا لما شوفت والدك قاعد مع بابا جوا وعرفت انك لسه مرجعتيش خۏفت تدخلي ويشوفك ويعرف انك هربانة عندنا وتبقى ليلة يا آلاء.
شحب وجه آلاء وجذبت بسمة بحدة من ملابسها وقربت وجهها اليها وشعرت بسمة بالخۏف بسبب نظرات آلاء الغامضة فهمست بصوت مهزوز:
_ آلاء اعقلي كدا ومتنسيش اني فالاول والاخر زميلتك وغلبانة وأنتِ عارفة اني بخاف من خيالي فبلاش تكشري فوشي كدا وترعبيني احسن اصوت وهوب تلاقي الكل هنا وتنكشفي.
تركتها آلاء وزفرت پغضب وقالت وهى تتوارى عن العيون:
_ وهو بابا هنا من امته يا بسمة.
اتسعت ابتسامة بسمة رفعت حاجبها بظفر وقالت:
_ ايوة كدا قرى واعترفى انك آلاء الادريسى عموما اطمنى والدك مشى من ساعة وانا قلت اشتغلك علشان اكشفك يا جميل.
زمت آلاء شفتيها ونظرت بتوعد لبسمة وعادت تجذبها من ملابسها مرة اخرى فصاحت بسمة باستسلام:
_ آلاء أنا معاكِ مش ضدك وهساعدك خصوصا بعد ما سمعت اتفاق والدك مع بابا وفهمت السبب اللي خلاكِ تسيبى البيت وتوهمى والدك انك سافرتي رحلة تبع الكلية المهم الكلام هنا مش هينفع لان شوية والاستاذ بهير اخويا هيخرج وطبعا هيتسحب زي الحرامية زي كل يوم ووراه نبيل وهنبقى عرضة نتكشف فانا هستناكِ فاوضتي بالليل اطلعي وهنقعد نتكلم مع بعض فكل حاجة وتفهميني ازاي تقبلي على نفسك تبقى خدامة وأنتِ اميرة وملكة فبيتكم.
أومأت آلاء وتنهدت بارتياح وقالت:
_ بصي لو هتعملي فيا معروف يبقى سبيني أنام براحتي احسن أنا اليومين اللي فاتوا دول شقيت كتير اوي فبيتكم وبصراحة اخوكِ طلع مهمل اوي واوضتة تعبتني على ما خلصتها دا غير اوضة والدتك وقطتها اللي مش بيحلى لها تبهدل الدنيا إلا وهي نضيفة فلو ممكن تخليني انام بدل ما اطيح فيكم بجناني علشان منمنتش.
ضحكت على ملامح وجهها بسمة وقالت وهى تضمها بمزاح:
_خلاص انا هفهم شوشو انك أجازة بكرة بأمر مني انا ونامى براحتك تمام كدا.
قبلتها آلاء واسرعت الى غرفتها وبدلت ملابسها بعدما تأكدت من وصدت باب غرفتها واسندته بمقعد حتى لا يلج الى داخل غرفتها ايا كان وارتمت فوق الفراش واغمضت عيناها ولكنها سرعان ما عادت واعتدلت وجلست وهى تنهر نفسها لعدم نومها وقالت بسخط:
_ وبعدين بقى هو أنا مش عارفة أنام ليه وأنا مقتولة تعب بالشكل دا يا ربي أنا نفسي انام ولو ساعة دماغي هتشت وبعدين هو بابا كان هنا ليه واتفاق ايه اللي عمله مع جويد اوف بقى هو انا مش هخلص من العيلة دي ولا ايه بس عارفة يا بت يا لولو شغلك فالقصر هنا احسن حاجة حصلت لك علشان أنتِ بالشكل دا هتعرفى كل اسرارهم وخباياهم وهتقدري ترفضي الجوازة وانتى مرتاحة لا ومش كدا وبس دا انا هلاعبهم واللهو الخفي هيتسلى عليهم واحد واحد واولهم نهاد هانم وحيوانتها الاليفة.
واسرعت آلاء الى خزانتها واخرجت جهزها اللوحي وسحبت قلمه وأخذت تخط فوق شاشته بحركات مدروسة وسريعة بعض الرسومات واندمجت فيما تفعل ولم تنتبه الى الساعات التى اخذت تجرى لتشرق الشمس عليها حين انهت رسمتها الساخرة وكتبتها أسفلها:
_ اختنقت منك فإلي اين الفرار وأنتِ تلتصقين بي ليل نهار هكذا استجارت تلك الكلبة المسكينة التي لا تجد من ينقذها من بين يدا كرولا.
لمعت عينا آلاء بسخرية وهي تضغط على ارسال لترفع صورها الجديدة لتسدد إلى نهاد صڤعة مؤلمة على صفحة موقعها السري "سخافات مجتمع" واغلقت آلاء جهازها بعدما حذفت كل ما يدينها من عليه واعادت الجهاز إلى حقيبته وعادت إلى فراشها لتستسلم للنوم وهي تبتسم بسخرية متخيلة وجه نهاد حين ترى تخيلها الجديد.
استيقظت آلاء على اصوات حادة وعالية وسمعت طرقات على باب غرفتها فانتفضت فوق فراشها واسرعت وابعدت المقعد وفتحت الباب وشعرها مشعث مغمضة العين واستمعت الى توبيخ شويكار تقول:
_ يا بنتي والله حرام عليكِ كل مرة تخضيني بالشكل دا ايه يا ولاء في حد ينام ويصحي وشعره عامل كدا أنتِ يا بنتي فوقى واصحي لي كدا احسن الدنيا والعة فوق وشكلها الحړب هتقوم والست نهاد لا هى على حامي ولا بارد وصاحية بترعد زي العواصف وطلباكِ فاوضتها.
حاولت آلاء فتح عيناها وهى تتمنى لو تعود للنوم مرة اخرى ولكن الحاح شويكار عليها لتصحوا جعلها تنتبه لحديثها فقالت بصوت ناعس:
_ خلاص هغسل وشي واطلع اشوفها عاوزة ايه اوف هو الواحد ميعرفش يريح فالبيت دا شوية.
هزت شويكار رأسها بتعجب وقالت:
_ يابنتي لسانك دا هيوديكِ ورا الشمس لو حد سمعك اتفضلي روحي اغسلي وشك وحاولي تسرحي شعرك اللي من منظره باين ان مافيش مشط اتحط فيه ليه سنة المهم اتصرفي ولمي شعرك دا وغيرى هدومك واطلعي للهانم فاوضتها.
اومأت آلاء وقالت:
_ حاضر نص ساعة وهطلع اشوف الهانم.
واستدارت صوب مرحاضها وهي تسب كرولا في نفسها لتتسع ابتسامتها وهى تتذكر تلك الصورة الهزلية التى صورت فيهم نهاد بصورة كرولا وهي تحتضن كلبتها التى تصرخ مستغيثة.
هرولت ولاء الى الاعلى بعدما جمعت شعرها بعشوائية وطرقت باب جناح نهاد وسمعت صوتها الحاد يأذن بالدخول فدلفت وهي تخفى ابتسامتها فسمعت صوت نهاد يقول:
_ اخيرا الهانم شرفت ايه سنة علشان تطلعى تشوفى شغلك.
همست ولاء بصوت خفيض وقالت:
_ والله يا نهاد هانم انا ريحت لما الانسة بسمة اذنت لي اني اخد اليوم أجازة علشان كدا صحيت متأخر عموما انا بعتذر لحضرتك.
رمقتها نهاد بنظرات التعالى واتجهت اليها وسلمتها توستا وقالت:
_ خدي توتسا وحضري لها الحمام واعملي لها مساج واياكِ تدخلى الشاور فعنيها وبعد كدا رتبي لها شعرها وهاتيها علشان تفطر وبعد كدا ابقى نضفي الجناح كويس.
توجهت ولاء وهى تحمل توستا الى المرحاض ووضعتها في المغطس ونظرت لها وقالت:
_ بقى انا على اخر الزمن احمي الكلاب وماله اما نشوف اخرتها معاكِ ايه يا ست كرولا اما خليتك تقولي حقي برقبتي مبقاش انا اللهو الخفي.
وبالخارج ولج بهير الى الغرفة وجلس بجوار ولدته وقال:
_ مالك يا ماما سمعت ان في حد ضيقك قوليلى مين اللي اتجرأ وزعل القمر بتاعي.
تطلعت نهاد الى ابنها وقالت وهى تعقد حاجبيها:
_ سيبك من اللي زعلني وخلينا فالمصاېب اللي سيادتك عملتها تسمح بقى يا استاذ تقولي كنت فين امبارح.
ارتبك بهير وتهرب من نظرات والدته وقال:
_ انا انا كنت سهران مع صحابي يعنى عادي يا قمر دي سهرة عادية وبعدين انا هفهك موضوع الصور علشان تطمني.
سحبت نهاد هاتفها بعصبية وفتحت معرض الصور وثبتته على احدى الصور ووضعتها ڼصب عيناه وصاحت وقالت:
_هي دي السهرة العادية يا بيه انت ڤضحتنا بعمايلك عموما ابقى شوف بقى والدك لما يعرف بكل اللي عملته دا وابقى وريني هتعرف تخرج بالليل ازاي.
تجهم وجه بهير وزم شفتيه وقال:
_ اوف بقى انا مش عارف انتم ليه مصعبينها كدا عليا اشمعنه انا اللي كل تصرفاته حطينها تحت المنظار ما كل صحابي عايشين وبيسهروا وبيشربوا وبيبقى معاهم بنات واهاليهم مش بيقولوا حاجة وبعدين مټخافيش اوي كدا البنات اللى معانا عارفة كويس هي بتعمل ايه ومش بتتكلم.
زفرت نهاد بحدة وقالت:
_ يا ابني مينفعش ابن جويد يتصور بالمنظر دا وبعدين ليه تتشبه بصحابك ما عندك نبيل اهو عمره ما عمل تصرف واحد من تصرفاتك دي.
قطب بهير وجهه ووقف محدقا بوجه والدته بضيق وقال:
_ يادي نبيل اللى كل حاجة تقارنونى بيه يا نهاد هانم نبيل دا دقة قديمة حاجة كدا مبتعرفش تضحك بنى ادم كئيب مش عنده غير الشغل وبس انما أنا مقدرش احرم نفسي من متع الحياة واقفل على نفسى زيه بصى كفايا عليكم اتنين عاقلين وسيبوني انا اعيش حياتي من غير عقد واطمنى ال ر قا صة دي بنت ناس ويهمها اوي ان محدش يتكلم عليها والسهرة دى فبيتها والصور اللي وصلت لك أنا عارف اتبعتت لك ليه دي كانت رهان بيني وبين صحابى وزي ما اتبعتت ليكِ صوري صور صحابى اتبعتت لاهاليهم والرهان اللي هيغيب عن سهرة النهاردة هيدفع عشر تلاف جنية وأنا بقى مش ناوي اخسر الرهان ومش ناوي ادفع مليم أنا اكسب وبس فحكاية أني مخرجش والكلام دا شيليه من دماغك لأني هخرج تمام كدا ودلوقتي قوليلي بقى مين اللي زعلك وخليكِ مضايقة كدا.
كادت نهاد ان تقص على بهير تلك الصور التى تشير اليها على ذلك الموقع السخيف ولكنها تطلعت الى ابنتها الى دلفت الى الغرفة وعلى وجهها ابتسامة ساخرة فرفعت نهاد حاجبها فهي تعلم ان ابنتها تأخذ منها موقف الضد فأشاحت بوجهها عنها فوقفت بسمة بجانب شقيقها ومدت يدها بهاتفها اليه وحدق بهير بصور والدته لينفجر ضاحكا بسبب هزلية الصور فاستدارت نهاد ورمقته بنظرات ڼارية في نفس اللحظة التى خرجت فيها ولاء تحمل توستا بين ذراعيها وقد ابتلت ملابسها كليا فنظر إليها بهير فتجمدت ولاء في مكانها وحدقت بصديقتها لتساعدها فأسرعت بسمة واختطفت معطف والدتها المنزلى واحاطت به ولاء لتخفيها عن عين شقيقها بعدما فهمت مغزى نظراته وصاحت نهاد پغضب تنهر بسمة لفعلتها وتقول:
_ إيه اللي أنتِ عملتيه دا دا روبي يا بسمة أنتِ اټجننتي.
التفتت بسمة الى والدتها وقالت بحدة:
_ وإيه يعني يا ماما هو حضرتك مش شايفة توستا عملت فيها إيه ولا عوزاني اسيبها تبرد وبعدين دا مجرد روب وحضرتك عندك كتير عمومًا متزعليش هبقى اجيبلك واحد غيره.
زفرات حارة غاضبة خرجت من صدر ولاء أمام شعورها بالضيق بسبب صمت بهير ونظراته الوقحة لها وموقف نهاد السلبى فاستدارات تخفى حرجها واهانتها التى شعرت بها وقالت وهى تحاول التماسك:
_ أنا هروح اغير هدومي واجي انضف الجناح يا هانم.
واسرعت ولاء في خطواتها وهبطت درجات السلم وهى لا ترى امامها بسبب غيوم الدموع التى تكاثفت داخل عيناها ولمحها نبيل بهيئتها تلك وهو يغادر غرفة المكتب وادرك ان نهاد نالت منها بتصرفاتها المهينة فلحق بها وقبل ان يطرق باب غرفتها وصل الى سمعه صوت نحيبها فطرق وقال من خلف الباب:
_انسة ولاء أنتِ كويسة ممكن تطمنينى لو سمحتى.
ازداد نحيب ولاء وهى تستمع لصوت نبيل القلق ولكنها لم تجيبه فلم يجد نبيل امامه غير ان يفتح باب الغرفة ليطمئن عليها فقال ويده على مقبض الباب:
_انا مضطر افتح لانى بالشكل دا قلقت عليكِ.
وولج نبيل ووقع بصره عليها وهى تجلس ارضا تحيط جسدها بذراعيها ورأسها بين ركبتيها تبكي فشعر وكأن تلك الدموع التى يسمع نحيبها تؤلم قلبه فلم يدر انه أغلق باب الغرفة خلفه واتجه صوبها وجلس بجوارها فازداد نحيبها حين ربت نبيل بحنو على رأسها وقال:
_ مافيش أي حاجة فالدنيا دي كلها تستحق انك تبكي عليها بالشكل دا ممكن لو سمحت تبطلي عياط وتفهميني حصل إيه وإيه اللي عمل كدا فيكِ.
رفعت ولاء رأسها على مضض وقد احمر وجهها بشده لحرجها وابتعدت عنه بتلقائية فابتسم نبيل امام حرجها وقال:
_على فكرة أنا شايفك زي بسمة اختي علشان كدا متحملتش اني اسيبك ټعيطي ودلوقتي احكي لي بټعيطي ليه كدا.
تاه نبيل امام عفويتها حين مسحت بيدها دموعها وبدأت تحدثه بصوت يحمل اثر شهقات البكاء لتكمل ولاء الصورة بمسحها انفها بكم روب نهاد وقالت بعفوية متناسية كامل حذرها:
_الست كرولا والمستئذبة اللي هي مربياها فهيئة كلب دي بهدلوني توستا هانم اول ما فتحت لها المية فضلت تخبط ولا اللي بيغرق وفضلت تنط عليا وكانت هتعضني وأنا خۏفت أطلع صوت لأحسن كرولا تفتكر أني بعذب كلبتها واتحملت الپهدلة ولما طلعت بيها لاقيت إنسان الغاب طويل الناب أخوك واقف معاها وبيبص لي بصات مهينة ولولا اختك أدتني الروب اغطي نفسي من عنين أخوك اللي عاوز رصاصتــــ.
صمتت ولاء حينما اڼفجر نبيل ضاحكا وانتبه عقلها إلى ما تفوهت به فوضعت يدها فوق فمها وأشتعل وجهها حرجًا أكثر فأشاحت بوجهها وهمهمت معتذرة وقالت:
_ أنا أسفة والله مكنش قصدي حقيقي مش عارفة قولت الكلام دا أزاي عمومًا أنا خلاص قررت أني امشي من هنا أنا يا عم مش حمل الپهدلة دي أنا جيت اساعد فحفلة وهوب لاقيت نفسي شايلة قصركم كله فوق راسي وبصراحة بقى أنتو عالم مغرورة وبتبصوا للناس من فوق ومهملين معلش بقى أنا لساني دايما فالت مني ما أنا مقدرش أشوف ناس مهملة أوي كدا بتكسل تعلق هدومها وترمي زبالتها فالباسكت وكأنهم عندهم إعاقة يا عم دي حتى النظافة من الايمان وكله كوم والمستئذبة دي كوم تاني اللي يشوفها من بعيد يقول كلبة كيوت ومسكينة وهي وحش على هيئة كلب.
ازدادت ضحكات نبيل حتى دمعت عيناه أمام عفوية ولاء ولسانها السليط وحدقت ولاء في وجهه ووجدت نفسها تتمعن بعيناها به وقد سحرتها ملامحه التى اضائتها الابتسامة فقالت بتيه وهي تنظر إليه:
_ تصدق إن شكلك أحلى وأنت بتضحك.
توقف نبيل عن ضحكه وهز رأسه بتعجب وقال:
_ وتصدقي أني اول مرة أشوف واحدة زيك كدا لسانها سابق عقلها عموما متزعليش أنا عارف إن شغل القصر كتير بس أنا هتكلم مع مدام شويكار إنها تشوف ناس تساعدك ومتقلقيش مش هخليكِ تدخلي جناح كرولا تاني.
تملك الحرج من ولاء واحمر وجهها بشدة وانتبهت إنها باحت باسم نهاد الذي استخدمته في صورتها الهزلية فحمحمت وقالت لتنقذ نفسها من ذلك المطب وقالت:
_ معلش إني قولت عليها كدا بس أصل أنا شوفت الصورة اللي نازلة على النت ومقدرتش أمنع نفسي.
حدق نبيل بها بعدم فهم لجهله ما تقوله فاستدركت ولاء حيرته وقالت:
_ هو حضرتك مشوفتش صورة الهانم اللي نازلة على النت.
نفى نبيل برأسه فسألته ولاء عن هاتفه وطلبت منه فتح صفحته الشخصية على تطبيق الفيس فاعطاها نبيل هاتفه واخذته ولاء وبحثت عن موقها على الفيس وأعادت الهاتف إلى نبيل فقرأ نبيل ما دون عن نهاد زوجة والده وأنفجر ضاحكًا مرة اخرى وقال:
_ تخيلي إني عاوز اشكر اللي عمل البوست دا لانه بصراحة وصفها بشكلها الصح بس عارفة أنا أول مرة أشوف الاكونت دا باين كدا إنه كونت هزلي وساخر.
أومأت ولاء وقالت:
_ آه ما أنا مشتركة فيه أصله بينتقد المجتمع بطريقة كاركتير وبيعجبنى ابقى اشترك فيه وشوفه هيعجبك ويخرجك عن مود الجدية اللي أنت عايشها دي.
وارتجفت ولاء لتدرك انها تناست بلل ملابسها فاستندت الى حافة فراشها لتقف واسرع نبيل هو الاخر ووقف وابتعد عنها حتى يتيح لها الوقوف دون حرج ولم تنتبه ولاء لطول الروب الذى ترتديه وهي تهم بالتحرك فتعثرت بطرف الروب ليتلقاها نبيل وجمد كلاهما واحسا بتوقف الزمن حولها حين تلاقت عيناهما معا واضطربت مشاعر نبيل حين احس بارتجافة ولاء لينتفض كلاهما حين اندفعت بسمة الى داخل الغرفة تصيح بصوت مرح وتقول:
_ أنتِ يا لولو يا مصېبة دا ايه اللى أنتِ هببتيه دا.
واوقفت بسمة صياحها وقد اتسعت عيناها حين ادكت ما يدور بينهما فوقفت امامهما عاقدة لساعديها وقالت:
_ اسفة انا.
اسرع نبيل لمنع بسمة من اكمال حديثها وقال بعدما انتبه لفعلته:
_ دى ولاء اتكعبلت وانا لحقتها عموما انا كنت ماشى.
والټفت نبيل الى ولاء ورأى وجهها المشتعل وقد وضعت اصابعها فوق شفتيها ابتسم غمزها وقال:
_ اعتبرى نفسك اجازة النهاردة يا ولاء وانا هبلغ مدام شويكار عن اذنكم.
وانسحب نبيل فاسرعت بسمة واغلقت الباب خلفه واستدارت تواجه ولاء وقالت:
_ يا جمالو يا جمالو ايه هى السنارة غمزت ولا ايه.
اسرعت ولاء ونزعت معطف نهاد والقته بوجه بسمة وانسحبت الى مرحاضها هربا من الموقف ووصلت اليها ضحكة بسمة وسمعتها تقول بهمس من خلف باب المرحاض:
_ هو نبيل يتحب بصراحة بس خلى بالك هو مفروض عليه جوازة من بنت ناس اغنية اوى ولو حد عرف ان نبيل جويد كان فاوضة ولاء الخدامة الدنيا ممكن تتشقلب ومتهداش.
اخرجت ولاء رأسها من المرحاض وقالت وهى ترمق بسمة بنظرات ڼارية تملكتها الغيرة:
_ بنت مين دى ان شاء الله اللى تستحق واحد زى نبيل.
ضحكت بسمة حين ادركت غيرة صديقتها وقالت وهى تغمز لها:
_ هششش أنتِ متقدريش عليها.
اغتاظت ولاء اكثر بسبب غموض بسمة وخرجت مندفعه وقبضت على ملابس بسمة بعصبية وقالت:
_ بسمة بلاش تعصبينى بدل ما اطلع عليكِ اللى هعمله فهنادي مين دي اللي مقدرش عليها ايه ما تفوقى وتعرفى أنتِ بتكلمى مين.
رفعت بسمة يداها باستسلام وقالت وهى تضحك بشدة:
_ اهدى يا كبير اهدى انا بتكلم عن آلاء الادريسي عروسة اخويا نبيل اللى بيخططوا ازاى يجوزهم لبعض.
وهنا اڼفجرت ولاء ضاحكة وقالت:
_ يا شيخة آلاء ايه ودى تيجى ايه جنب ولاء محمود.
واڼفجرت الفتاتان في الضحك.
وبداخل قصر الادريسي حاول آسر ان يهدى من ڠضب والده وقال:
_ بابا لو سمحت ممكن تهدى الامور متتعالجش كدا حضرتك اتاكدت ان آلاء سافرت اسبانيا عند خالتو تينا وخالتو بنفسها طمنتك عليها فارجوك اديها بقى فرصتها علشان تفكر براحتها هى وعدتك انها هتفكر فموضوع نبيل جويد رغم انك متأكد مليون فالمية انها فالاخر هتوافق علشان ترضيك يبقى ليه بقى المؤامرات اللى روحت تعملها مع جويد دا ضد آلاء.
زفر محمود وقال:
_ يا آسر افهم أختك عنيدة وصوتها من دماغها وسفرها دا مش مطمنى يا ابني جويد دا مش مجرد رجل اعمال والموضوع مش زي ما أنت فاهم جويد فهمني ان ابنه رافض الجواز من بعد ما البنت اللي كان هيتجوزها ما سابته واتجوزت صاحبه وهو مش عاوزه يتجوز بنت اخت مراته تولين ونفس الوقت مش عاوزه يفضل قافل على نفسه بالشكل دا وحياته كلها جد كانه فسجن هو فهمه انه محتاج ليا علشان مستقبله السياسي واعماله واجبره أنه لازم يتجوز من أختك وانا كنت حابب اوضح لاختك كل حاجة لانى عارف انها تقدر تغير طبع نبيل وبعدين ما أنت عارفه انسان كويس وهيقدر يحتوي جنان اختك واندفاعها ولا أنت مش عارف مصايبها على النت واللي بتعمله.
ارتبك آسر وحاول ان يتهرب من نظرات والده فربت محمود على كتف آسر واردف:
_ أنا عارف اللي اختك بتعمله على النت والموقع اللي مرفوع عليه قضايا سب وتشهير وعارف انك جبت لها محامي يساوي لها القضايا يا ابني انا محمود الادريسي وتبقى عيبة فحقي لما معرفش بنتي بتعمل ايه من ورايا.
زفر آسر وفكر ان علم والده ان شقيقته ليست في اسبانيا سيهدم العالم للبحث عنها وهو وعدها ان يتستر على اختفائها ولكنه لا يدرى لما شعر بالقلق عليها فجأة. غادر آسر حينما أدرك تأخر على موعده فأسرع في قيادة سيارته وارتفع رنين هاتفه فسحبه من جيب حُلته وانزلق منه هاتفه فانحنى ملتقطا اياه ولم ينتبه للطريق وأعتدل لينتبه لسرعته وفجأة ظهرت أمامه تلك الفتاة من العدم فضغط على مكباح سيارته ويده تقبض بقوة على عجلة القيادة وتهدجت انفاسه حين ادرك انه سيصطدم بها لا محال.
الرابعة. صڤعة نبيل
أرتفع صرير عجلات سيارة آسر وتوقف وهو يغمض عيناه بقوة ومضت دقائق لم يخترق الصمت اي صوت فتح آسر عيناه على مضض وحدق بالفتاة التى وقفت سيارته قبل ان يمسها بإنش واحد ورأها وقد غطت وجهها براحتيها فزفر بحدة وغادر سيارته ووقف امام الفتاة التى مازلت على وضعها بجسدها المنتفض فمد يده وابعد راحة يدها عن وجهها فرفعت الفتاة وجهها وحدقت به وابعدت عيناه عنه ونظرت بإتجاة السيارة فأعاد آسر وجهها اليه ورفع حاجبه بسخرية وقال:
_ بقى في واحدة عاقلة فالدنيا وهى بتعدى الطريق وفي عربية جاية عليها تخبطها تقف لها وتغطى عنيها بايديها ممكن تفهمينى معنى ايديك اللى على وشك دي ايه بتدعي فسرك انك تصحى من الحلم ولا بتعملي ايه بس هقولك ايه ما أنتِ ماشية سرحانة بتدوري فشنطتك على حاجة ومش منتبه للعربيات و.
وهنا استعادت الفتاة التي لم تكن سوى بسمة كامل وعيها بعدما ايقظها تقريظ آسر لها وأثار حفيظتها فأنطلق لسانها كالمدفع الرشاش وقالت:
_ حيلك حيلك يا أستاذ انت ايه هو خدوهم بالصوت هو سيادتك بتلوم عليا انا اني بعدي الطريق وانا سرحانة ومش منتبهه ومش عجبك اني بغطي عنيا علشان مشفش نفسي وانت بتخبطنى عموما هقول ايه ما البعيد مكنش شايف نفسه اصلا حضرتك اللي كنت مش شايف ادامك من الاساس تسمح بقى تقولى حضرتك كنت بتعمل ايه وانت سايق عربيتك.
ارتبك آسر وأشاح بعيناه عنها فهو أيضا ملام معها لعدم انتباهه للطريق فأزدرد لعابه وحك مؤخرة عنقه بحرج وقال:
_ يعنى الموبايل بتاعى رن فوقع مني ووطيت اجيبه وبعديـــ.
قاطعته بسمة بصياح عال بعدما رفعت سبابتها في وجهه وقالت:
_ شوفت شوفت اهو وطيت تجيب موبايلك اللى وقع منك فالدواسة ومكنتش شايف ادامك يعنى مش انا اللى غلطانة ودلوقتى اتفضل اعتذر لى على توبيخك ليا.
رمقها آسر بعينان متفحصتان ولاحظ قصر قامتها وضعف بنيتها وشعرها البنى القصير الذى أظهر طول عنقها وانتبه لبسمة بتدفعه بسبابتها وتنهرة قائلة:
_ ايه يا استاذ انت بطل تبص لي كده عموما انا مش عاوزة منك اي اعتذرات عن اذنك.
ابتعدت بسمة عنه ولاحقها آسر بعيناه وهى تقف على جانب الطريق تبحث عن شىء ما في حقيبتها فأتجه اليها ومال عليها من علوه وقال:
_ هو أنتِ بتدوري على ايه.
نظرت له بسمة بحرج وقالت:
_ اصل بصراحة عربيتي عطلت على الجنب التاني ولما جيت اتصل بأخويا علشان يجي ياخدني لاقيت موبايلى فصل شحن وو.
صمتت بسمة وقد احمر وجهها بقوة ولاحظها آسر فقال يخفى اعجابه بخجلها:
_ وايه طيب لو محرجه تطلبي موبايلي تكلمي اخوكِ أنا معنديش مانع خدي الموبايل عادي يعنى أنتِ زي اختي.
نفت بسمة برأسها وخفضت عيناها ارضا وقالت:
_ انا مش حافظة الرقم لانه لسه مغيره من فترة قريبة.
هز آسر رأسه وقال:
_ تمام يبقى هعتبر نفسي زي اخوكِ وعلشان اثبت لك حسن نيتي هتصل لك بواحد ميكانيكي شاطر بيصلح لي عربيتي لما تعطل يجى يشوف العربية ويصلحها ولو حابه اوصلك انا المكان اللي أنتِ عوزاه وصاحبى لما يخلص العربية هيوصلها لك لحد البيت ها قولتي إيه.
فتحت بسمة حقيبتها واخرجت مفتاح سيارتها وسلمته له وقالت بحرج:
_ انا مش عارفة اقولك ايه بس بجد انا متشكرة لاهتمامك وعموما لو العطل بسيط هستنى لما يخلصها.
اومأ آسر واخرج هاتفه من جيبه واتصل بصديقه وتحدث معه وابلغه بمكان السيارة وانهى الاتصال والټفت الى بسمة وقال:
_ ربع ساعة بالكتير ويكون هنا متقلقيش.
تنهدت بسمة وقطبت حاجبيها حين تذكرت موعدها الذي تأخرت عليه بسبب تعطل سيارتها ولاحظ آسر تقطيبتها فقال:
_ على فكرة مش حلوة تكشيرتك.
حدقت به بسمة بحرج وخفضت عيناها فأبتسم آسر لحركتها واردف:
_ يعني اللي خلاني اقول كدا ان في ناس مش مكتوب لها انها تكشر او تزعل يعني وشها لازم يكون بيضحك وبس وأنتِ من النوع دا وشك اتخلق للضحك مش للتكشيرة.
وصمت آسر حين ادرك انه يتغزل بها فاشاح بوجهه عنها ولاحظت بسمة حرجه فأبتسمت وابتعدت عنه واستندت على سيارته وانتبه آسر لفعلتها فخطى بإتجاهها وقال:
_ لو تحبي تقعدي جوا العربية مافيش مانع يعني بدل ما تفضلي واقفة علشان متتعبيش.
استجابت بسمة لدعوته وجلست بداخل سيارته ووقف آسر بالخارج وقال:
_ على فكرة انا معرفتكيش بيا انا آسر.
اومأت بسمة بأبتسامة وقالت:
_ بسمة.
اتسعت ابتسامة آسر وقال:
_ شوفتى وجهة نظري كانت صح مينفعش البسمة تكشر ابدا.
ارتبك كلاهما وابتعد آسر حين لمح صديقه فاشار اليه ليبقى على جانب الطريق الاخر وأسرع إليه وسلمه مفتاح السيارة وعاينها صديقه والټفت اليه وقال:
_ دي حاجة بسيطة ربع ساعة بالكتير واصلحها.
حدق به آسر بغموض ومال عليه محدثا اياه فابتسم صديقه وأومأ برأسه وهو يشرأب بعنقه في محاولة منه للنظر الى بسمة ولكن لكمة آسر جعلته يضحك ويقول:
_ خلاص يا عم روميو اتفضل روح للست جوليت بتاعتك وأنا هخلص العربية واوديها عند بيتكم أظن كدا اكبر واجب.
ابتسم آسر واسرع مبتعدا وقطب جبينه حين أقترب من سيارته وقال حين همت بسمة بالخروج:
_ خليكِ يا بسمة اسمحي لي أقولك بسمة يعنى أنتِ زي اختي وكدا المهم العربية فيها مشاكل كتيرة وهتاخد وقت فأنا بقول تركبي معايا اعمل مشاوري على السريع وبعدين أوصلك بيتك فأمان وبالنسبة للعربية صاحبي أول ما يخلصها هيبلغني وأنا هتصل بيكِ واخليه يجيبهالك لحد البيت ومټخافيش هو امين فشغله.
عقدت بسمة حاجبيها وزفرت بضيق وقالت:
_ تخيل إن العربية لسه جديدة أصلا أنا مستغربة أنها عطلت من الاساس.
أبعد آسر عيناه عنها وقال:
_ عادي على فكرة ساعات كتير عربيات جديدة بتعطل يعني ممكن يكون تصميمها معمول لدول تانية غير مصر ولما بتيجي هنا بتعطل المهم ممكن بقى تنقلي للكرسي اللي جانبي ولا سعادة بسمة هانم عوزاني ابقى السواق بتاعها النهاردة.
تركت بسمة مقعدها الخلفى واستدارت وجلست في المقعد الامامي وتولى آسر القيادة وقال وهو يمد لها يده بهاتفه:
_ ياترى بقى حافظة رقم موبايلك ولا نسياه زي رقم أخوكِ.
نفت بسمة وقالت وهى تسجل رقمها في هاتفه:
_ لا متخافش رقمي سهل وبسيط ومش بيتنسى وأنا سجلته ليك ودلوقتي بقى قولي مشوارك فين علشان متأخرش أنا فالرجوع.
أجابها آسر وهو يحدق بالطريق امامه:
_ مشواري سهل وبسيط على فكرة أنا كنت رايح الكافية اخد ملفات اراجعها فالبيت يعني تقدري تقولي مش هنغيب اكتر من نص ساعة وهو بالمرة اعزمك على حاجة حق ما كنت هخبطك بالعربية.
وفي قصر جويد لم تستطع ولاء البقاء ساكنة خاصة بعدما تركتها بسمة وأجلت اخبرها بمؤامرة والدها التى سمعتها لحين عودتها من الخارج فغادرت غرفتها واتجهت إلى مكان بعيد من حديقة القصر وجلست متوارية بين الاشجار ولم تلحظها نهاد التى غادرت في نفس التوقيت ووقفت على مقربها منها تتحدث في هاتفها فسمعتها ولاء تقول:
_ اسمعيني كويس يا تولين أنتِ لازم ترجعى مصر النهاردة قبل بكرة علشان أنتِ لو اتاخرتى عن كدا يبقى مش هتطولى نبيل ولا حتى فالاحلام جويد خلاص رتب جوازه من بنت الادريسي مستنين بس لما ترجع من سفرها ودي فرصتك أنتِ تيجى وتقعدى فالقصر ونرتب اي حاجة تحصل بينك وبين نبيل ونخليه ادام الامر الواقع هو وجويد ويتجوزك يا كدا يا تخليكِ بقى اغسلي صحون برا براحتك طول عمرك ومتستنيش مني اي مساعدة تانى كفايا الفلوس اللي ببعتهالك كل اسبوع لحد كدا ها قولتي ايه.
صمتت نهاد قليلا واصغت الى حديث تولين وعادت لتقول وهى تبتسم:
_ تمام هبعتلك تذكرة السفر وهبعتلك العربية المطار تجيبك واوعي تنسى انا قلت لهم انك بتدرسي فن النحت فايطاليا اوعي تغلطي وتقولي انك اترفدتي من الكلية هناك واشتغلتي فمطعم فاهمة يلا بقى سلام قبل ما حد يسمعني وانا بكلمك.
وابتعدت نهاد وكتمت ولاء انفاسها وهي تحدق في اثر نهاد وعقدت حاجبيها بكراهية تجاه ما سمعته من دناءة وغادرت ولاء مكانها وقد عزمت على ابلاغ نبيل بما سمعت حتى يأخذ حذره من مؤامرة نهاد عليه وتسللت ولاء إلى غرفة نبيل وولجت سريعا اليه بعدما بحثت بعيناها في الجوار عن احد واغلقت الباب خلفها ولكنها لم تجده بالغرفة وعقدت ولاء حاجبيها حين جالت بأرجاء الغرفة ولاحظت تنظيمها ونظافتها وهمت ولاء بالمغادرة حين غادر نبيل مرحاضه ورأى ولاء فهتف بأسمها بتعجب وقال:
_ ولاء أنتِ بتعملى ايه هنا.
استدارت ولاء وحدقت به واستدارت عنه مجددا وصاحت بحرج:
_ أنت إيه مش مكسوف من نفسك اتفضل البس اى حاجة بسرعة.
رفع نبيل حاجبه بسخريه واتجه صوب مرآته وسحب فرشاة شعره وقال:
_ على فكرة دي اوضتي يعنى انا مفروض اني حر فالاوضة بتاعتي اقعد فيها بالشكل اللي انا عاوزه وموضوع مش مكسوف من نفسى دي فاحب اقولك لا انا مش مكسوف إنما لو أنتِ مكسوفة فتقدري تخرجى.
حكت ولاء رأسها وسحبت نفسا واستدارت ونظرت الى وجهه وقالت:
_ ما انا مش هينفع اخرج إلا لما اقولك على اللي عندي بس على فكرة أنا لا فتانة ولا حاجة انا هضطر اقولك بس علشان انت صعبت عليا ومحبتش اشوفك بيتعمل فيك مغرز وتقع فيه وانت مش عارف.
الټفت نبيل بوجه متجهم اليها وقال:
_ مش فاهم ما توضحي كلامك مغرز إيه وكلام إيه اللى عندك.
صمت نبيل بعدما شعر بالڠضب يتسلل إليه حين تذكر اتفاق والده على زواجه المدبر وخطى باتجاه ولاء ووقف أمامها وقال:
_ اتكلمي علشان أنا معنديش صبر للالغاز وضحي تقصدي إيه.
أجابته بصوت مهزوز:
_ بص أنا مقصدتش أني أسمع يعني أنا كنت زهقانة فطلعت قعدت وسط الورد وبعدين نهاد هانم لاقيتها قربت من مكاني وماخدتش بالها مني وسمعتها بتكلم واحدة اسمها تولين و.
اوقفت ولاء كلماتها بتوتر حين رأت عبوس نبيل الذي ازداد ولاحظت تنفسه المتسارع من حركه صدره وسمعت صوته يقول:
_ كملي نهاد كانت بتكلم تولين بتقول إيه.
أغمضت ولاء عيناها حين شعرت بانجذاب نظراتها لصدر نبيل وقالت:
_ طلبت منها تنزل مصر وقالت أنها هتبعت لها تذكرة الرجوع علشان علشان.
لم تتمكن ولاء من قول باقى حديثها لحرجها التام وهمت بالابتعاد فمنعها نبيل فشهقت وتراجعت خطوة وهي تحدق بوجهه ووجدت نفسها تقص عليه كامل مكالمة نهاد ولاحظت تصلب جسده وابتعاده عنها پغضب وأولاها ظهره وقال بحدة جعلتها تنتفض پذعر:
_ أطلعى برا يا ولاء دلوقتي مش عاوز اشوف حد.
أحست ولاء بالاھانة لطرده إياها هكذا فأسرعت بمغادرة الغرفة لټرتطم ببهير ونظرت له حين حاول حجزها ورأت ابتسامته المتبجحة فدفعت بركبتها عاليا لتنال منه بضړبة قوية جعلته يبتعد ويأن ويسبها فوقفت ولاء أمامه شامخه وعقدت ساعديها وقالت بصوت صارم:
_ اللي يسمعك وأنت بټشتم يقول عليك مشفتش ربع ساعة رباية فحياتك واللي يشوف تصرفاتك الوقحة يقول انك استحاله تكون ابن جويد بيه وبلاش أقولك أنك بتصرفاتك دي بتهين نفسك وتقلل من كرامتك كراجل.
حدق بها بهير پغضب وقال:
_ أنتِ فاكرة نفسك مين يا بت أنتِ ايه يا ماما أنتِ نسيتي نفسك أنتِ حته خدامة هنا متسواش ازاي تتجرأي وتكلميني كدا.
تمالكت ولاء اعصابها ونظرت له باستحقار وقالت:
_ اللي متسواش دي متربية احسن منك بكتير يا ابن الذوات ولتاني مرة بقلك ابعد عني احسن لك لان المرة الجاية صدقني تصرفي مش هيعجبك نهائي وأنا بحذرك البت الخدامة دي عندها القدرة اللي تخليها تربيك من اول وجديد.الموناليزا
همت ولاء بالابتعاد عنه ولكنه اوقفها بقبضه على ساعدها وقوله:
_ لا بصراحة أنا كدا خۏفت منك بقولك إيه يا ولاء تقدري تقوليلي أنتِ خارجة منين دلوقتي ها اقولك أنا خارجة من اوضة نبيل أخويا ووشك احمر واظن يعني المحترمة المؤدبة اللي مش عاجبها أني اتنازل وأجي جنبها كانت فاوضة راجل غريب بصي أنا معنديش مانع ابقى أنا واخويا معاكِ ومتقلقيش أنا مش هبخل عليكِ وهدفعلك زيه ويمكن اكتر منه.
انتفخت اوادج ولاء غضبًا واحتقن وجهها بشدة لحديثه المهين لها ونظراته الوقحة ولكنها سرعان ما تمالكت اعصابها وتركته دون ان تجيبه بعدما استقر عقلها على كيفيه عقابه والنيل منه.
انهى آسر عمله سريعًا وعاد إلى طاولة بسمة التي اجلسها فيها وابتسم لها وقال:
_ أنا خلصت ها جاهز اروحك.
وقفت بسمة وبادلته الابتسامة وسارت بجانبه وجلست بجواره في سيارته وقد نال استحسانها بأسلوبه في الحديث معها ومعاملته لها وشعرت انها أمام رجل يماثل أخلاق شقيقها نبيل وأخذ آسر يحدثها عن صديقه الذى يساعده في اعمال الكافية الادارية ووجدت نفسها تقص عليه بعض من حياتها ولكنها لم ترغب في ان يعلم بهوية والدها حتى لا يعالمها بطريقة اخرى وطلبت منه بسمة ان ينزلها بعيدا عن منزلها حتى لا يراهما احد من حرس القصر ووعدته ان تتصل به في أقرب وقت وتمهلت بسمة في خطواتها وبعدما تاكدت من ابتعاده اسرعت في خطاه وولجت الى داخل القصر وتسللت الى غرفة ولاء وطرقت بابها ودلفت اليها ولاحظت بسمة عينا ولاء المنتفخة فجلست بجوارها وقالت:
_ مين زعل القمر وخلاها ټعيط بالشكل دا.
قصت ولاء عليها ما حدث ونظرت لها وقالت:
_ بعيدًا عن أخلاق بهير بصراحة كدا ومن غير ما تنفعلي أنتِ حبيتي نبيل مش كدا.
حدقت ولاء بوجه بسمة وأكد عقلها وقلبها في آن واحد على تصريح بسمة وخفق قلبها بقوة فوقفت واجهت صوب نافذتها وقالت:
_ وحتى لو حبيته يا بسمة هو مش بيحبني لا بشخصيتي دي ولا التانية يعني حبي ليه مالوش اي فايدة وعلاقتي معاه مش هتنفع وحقيقي أنا شايفة أني لازم امشي من هنا قبل ما اخسر اكتر من قلبي خصوصا ان اخوكِ بهير مش هيسكت عليا وأنا اول مرة أخاف من حد كدا.
تبعتها بسمة ووقفت بجوارها وربتت على كتفها وقالت:
_ بس أنا مش معاكِ فانك تمشي يا لولو وشايفة أن وجودك هنا هيصلح حاجات كتير اوي خصوصا بعد الحركة اللي عملتيها فماما بصراحة ماما بعد ما نزلتي الصبح لاقيتها بتطلب من شوشو أنها تشوف حد متخصص علشان يراعي توستا ويخلي باله منها ودا دليل أن ماما خاڤت لاحسن اللهو الخفي ينزل عنها حاجة تانية تقلل منها وأنا بصراحة مش عاوزة اللهو الخفي دي يبطل ويبدأ يركز مع كل واحد هنا.
التفتت ولاء الى صديقتها ونظرت لها بحيرة وقالت:
_ مش فاهمة ممكن توضحى أنتِ عاوزنى اعمل ايه بالظبط.
اتسعت ابتسامة بسمة ولمعت عيناها وقالت:
_ يعني علشان اللهو الخفي دا ميتكشفش انا هقولك يعمل ايه ويعلم على كل واحد هنا ازاي واهي فرصة يفوقوا شوية لنفسهم ويعرفوا ان الناس كلها مخلوقين من طين.
وقرابة الساعة الثانية تسللت ولاء بعدما اخفت ملامحها جيدا واتشحت بالسواد خلف بهير حتى وصلت الى ذلك الملهي الليلي الذى يتواعد مع اصدقائه ليلتقوا به واخذت تلتقط له ولاصدقائه العديد من الصور وسارعت بالعودة قبل ان يكتشف احد مغادرتها ولم تلحظ نبيل الذى رأها تتسلل الى غرفتها فتبعها وولج خلفها وانتفضت ولاء حين اغلق الباب خلفه ووقف ينظر لها پغضب فقالت بحرج:
_ حضرتك هنا ليه فالوقت دا.
رفع نبيل حاجبه بسخرية وقال وهو يجلس على المقعد امامها:
_ المفروض ان انا اللي اسألك كنتِ فين وراجعة فالوقت دا يا انسة.
ارتبكت ولاء امام سؤاله ونظراته فاتجهت الى فراشها وجلست وقالت بهدوء:
_ عاوز الحق ولا ابن عمه.
جعلتها نظرات نبيل تستدرك حديثها وتقول سريعا:
_ بص بلاش البصات دي علشان انا مش زي ما فكرت فيا انا خرجت وكنت عند واحدة صحبتي وأتاخرت عندها علشان كنت بساعدها في تنضيف بيتها علشان اهلها راجعين من السفر وقلت يعني اهو قرش يساعد وابعته لاهلى هما محتاجين لكل قرش بكسبه.
زفر نبيل بارتياح ووقف وقال:
_ انا هصدقك يا ولاء علشان أنتِ بنت كويسة وانا نظرتي متخيبش بس بعد كدا متخرجيش بالليل ولو محتاجة لاي فلوس انا هديلك اللي يكفيكِ بس متخرجيش تاني اتفقنا.
اومأت ولاء بحرج لكذبها عليه وأقرتب نبيل منها واوقفها وقال:
_ ولاء هو انا لو عملت حاجة هتبان ادام الناس غلط بس هتبقى قلم ينزل على وشهم يفوقهم ممكن تسامحينى عليها.
حدقت به ولاء بحيرة وحين همت بسؤاله باغتها نبيل واخرج منديلا من جيبه ووضعه فوق انفها واحاطها بذراعه الاخر واتسعت عينا ولاء پخوف ورائحة المخدر تتسلل الى عقلها ليتراخى جسدها فحملها واتجه بها صوب غرفته وهمهم معتذرا:
_ سامحيني يا ولاء انا عارف ان ملكيش اي ذنب بس أنتِ الوحيدة اللي تليق بالعيلة دي علشان تفوق لنفسها.
وحل الصباح وحلت معه صياحات نهاد التي وقفت وسط غرفة نبيل تصرخ بقوة منادية قاطني القصر واندفع على اثر صرخاتها جويد واولادها بهير وبسمة إلى داخل غرفة نبيل ووقف الجميع محدقين بولاء النائمة جواره پصدمة وخوف ف هم جويد بسحب ولاء من بين ذراعي نبيل فصاح نبيل به بقوة وهو يحمى ولاء منه وقال:
_ ابعد ايدك عن مراتي يا بابا.
الخامسة. عروس خارج التوقعات.
وكأن نبيل قد ألقى إحدى قنابل الصمت الممېتة بينهم والتى تسببت في صدمتهم كليا فقد جحظت عيون البعض وأتسعت الأخرى پغضب مقيت وأخرى وقفت تحدق ببلاهة تدرك أن في الأمر شئ مريب، جال نبيل على وجوههم وأخفى سعادته بسبب ردة الفعل التى نالت من والده وزوجته وشقيقه ولكن عين شقيقته هى ما أثارت حفيظته ف ألتفت برأسه إلى ولاء التى تجمدت تماما مكانها بعدما ايقظتها الاصوات العالية وتسرب القلق إلى نفسه حين لاحظ شحوب بشرتها فتمنى لو كان أخبرها بما قرر فعله وانتفض نبيل على صيحة نهاد الساخطة بعدما استعادت كامل إدراكها وسمعها تقول:
_ مراتك إيه يا نبيل مش معقول أنت هتعمل اعتبار للخدامة علشان الساعتين اللى قضتهم معاها بقولك إيه سيبهالي وأنا هتصرف معاها أنا فاهمة الأشكال دي بتتمسكن علشان تنول غرضها بس أنا مش هخليها تطول حاجة أنا هصلح الغلطة اللي وقعتك فيها البت دي هديها قرشين وتغور من هنا.
احتقن وجه نبيل پغضب وارتجفت ولاء بجانبه والتفتت اليه ونظرت إليه پانكسار وهى لا تصدق ما سمعته من نهاد فالتزمت بالصمت وهى تتابع ما يدور حولها ووقعت عيناها على عين صديقتها فاشارت بعيناها لتلزم الصمت ووصلها صوت أنفاس نبيل الغاضبة فرأته يغادر الفراش وشهقت حين رأت صدره العارى وأقترب نبيل من نهاد پغضب وهو يصيح بها:
_ أنتِ بتقولى ايه ازاى تفكرى للحظة انى هسمح لك تمسى مراتى بكلامك بصى يا مدام نهاد ولاء مراتى على سنة الله ورسوله ومش هسمح ابدا ان اى حد يقلل منها وخلاص الهدوء السخيف اللى كنتِ حطاها فيه انتهى من اول ما بقت مرات نبيل جويد وحذاري أن اى حد يفكر انه يتطاول عليها انا بحذر الكل ولو تحذيري مش مفهوم انا مستعد احذر بطريقه مأظنش انها هتعجبكم.
ارتبكت نهاد أمام هجوم نبيل فاحتمت خلف زوجها وقالت بصوت اودعته كل قدرتها على التمثيل لتظهر بمظهر الضعيفه:
_ جويد انت انت سامع ابنك بيقول ايه ولا عاوز يعمل ايه انا مش مصدقة نفسى بجد.
أعترض جويد على موقف نبيل وحديثه وتحرك وحجب نهاد عنه وقال:
_ ايه يا نبيل هتنسى نفسك وتتطاول على مراتى وأنا واقف ولا إيه اتفضل ألبس هدومك أنت والهانم اللى معاك وحصلنى على المكتب تحت ويكون معاك دليل كلامك واظن انت فاهم انا قصدى ايه.
ورمقه والده بنظرات غامضة جعلت الشك يسكنه وسمع همهمة نهاد الغاضبة وهى تغادر برفقه والده فاشار نبيل برأسه الى شقيقته لتتفهم بسمة مطلبه فدفعت شقيقها بهير الذى نظر إليهم ساخرًا ليرمى ولاء بنظرة توعد قبل أن تغلق بسمة الباب خلفها حينها الټفت نبيل ونظر باعتذار الى ولاء التى حدقت به پانكسار ولكنها سرعان ما تكرت ما فعله فازداد ڠضبها ولم تشعر بيدها التى سحبت منفضدة سجائره الضخمة وباغته وقذفتها باتجاهه فارتطمت برأسه وتملكه الدوار فترنح وسقط أرضًا فصړخت ولاء وحين تحدق به پذعر وقالت پبكاء حين وقعت عيناها على دمائه النازفة من جبينه:
_ يا خبر ابيض انا قټلته قټلته يعنى هدخل فيه السچن ومحدش هيصدق انى بدافع عن نفسى وانه خدرنى وورطنى معاه من غير ما اعرف
وصمتت ليعلو صوت نحيبها وهي تبحث بعينيها عن اى شىء تضمد به ذلك الچرح فابتعدت عنه وأسرعت الى مرحاضه وبللت منشفته وعادت اليه ومسحت عن وجهه تلك الډماء وسحبت زجاجة عطره من فوق الكمود ونثرته حول انفه بكثرة فانتبه عقله واستعاد وعيه واخذ يسعل بقوة وهو يشعر بألمه يزداد فى رأسه فحاول الاعتدال ولكن هاجمه الدوار مرة اخرى وانحت ولاء ارضا واخذت منفضدة سجائرة ومالت فوقه وهى ترفعها عاليا ولمحها نبيل واوقفها قبل ان تعيد اليه الضړبة مرة اخرى وقال بصوت مټألم:
_ طيب الضړبة الاولانية وعدت على خير لو ضربتينى تانى كدا هتروحى فداهية وبعدين فى حد يفوق حد زى ما عملتى دا أنتِ لو عاوزة تخنقيني مكنتيش رشيتى كل البرفان دا المهم سيبى اللى فايدك يا ولاء واقعدى علشان انا عاوز اتكلم معاكى.
أشاحت ولاء عيناها عنه وقالت:
_ اى كلام هتقوله مش هيصلح الچريمة اللى انت عملتها واظن انت عارف عملت ايه كويس.
تحامل نبيل على شعوره بالألم ودواره وأعتدل وجلس وقال لها بأسف حين رأى دموعها التى جعلتها لا تكمل حديثها:
_ انا عارف ان اللى علمته غلط بس أنتِ اللى اوحيتى ليا بالفكرة لما حكيتي لي الفخ اللي بتنصبه ليا نهاد وتولين وقلت لازم أسبق الكل واخليهم يفوقوا بقى ويعرفوا ان مش كل حاجة الفلوس والمركز والمظاهر ومكنش فى افضل من انى.
اسرعت ولاء وقاطعته پألم وقالت:
_ ومكنش فى افضل من انك تجيب الخدامة اوضتك وتضحك عليهم بيها علشان تذلهم وتقلل منهم لما تبقى على علاقة بالخدامة اللى دخلتها وسطهم وساويتها بيهم بس نسيت حاجة مهمة انك كمان بينت لى انا قد ايه انت ندل وخسيس ومعملتش اعتبار ان الخدامة دى عندها كرامة واحساس وانها فالاول والاخر بنى ادمة ليها حق تعيش زى اى حد.
ازداد احساس نبيل بالندم حين رأى حزن ولاء ورأى دموعها وسمعها تضيف بقولها:
_ لما انت جبان كدا ومش قادر على مواجهة والدك وخاېف ترفض العروسة اللى جيبها ليك بتستغلنى ليه، هيفيدك بايه اللى انت عملته عجبك بصة الاحتقار اللى مرات ابوك بصتهالى ولا عينين ابوك اللى قالت لى هندمك يا خدامة علشان اتطاولتى على اسيادك ولا مشفتش عنين البيه المحترم اخوك اللى فاكرنى مش كويسة كل دا انت مشفتوش علشان مشفتش الا نفسك وانانيتك لما فكرت تكذب عليهم وتوهمهم انك اتجوزت الخدامة وايه يعنى ما هى خدامة تبوس ايدها وش وضهر بقى وهرميلها قرشين فالاخر مش كدا عموما انا مش هكمل فاللعبة بتاعتك وبالنسبة للضړبة اللى فراسك فياريتها كانت اكبر وياريت تسيب علامة علشان كل ما تبص لنفسك فالمراية تعرف قد ايه انك متختلفش عن اخوك بهير فاخلاقه بس لازم تعرف ان فى فرق بينك وبين بهير ان هو صريح ومعترف بسوء اخلاقه انما انت عامل نفسك نبيل الاخلاق وانت انت.
اجهشت ولاء بالبكاء واستدارت لتغادر فاسرع نبيل واعترض طريقها وهو يشعر بعدم توازنه وقال:
_ حقك عليا يا ولاء بس انا مش وحش بصى انا معترف انى غلطت وكان مفروض افهمك هعمل ايه قبل ما انفذ بس انا خۏفت ترفضى وانا كنت عاوز ابوظ تخطيط نهاد باي شكل واقطع عليها الطريق.
رمته ولاء بنظرات استخفاف وهزت رأسها وقالت:
_ مش مكسوف من نفسك وانت بتقول الكلام دا يا استاذ نبيل كان سهل اوي أنك متقعش ففخ نهاد مرات ابوك لو فهمتها انك عارف باللي بتخططه والاسهل انك كنت تتكلم مع تولين نفسها اصل مافيش افضل من الصراحة والطريق المستقيم او كنت سافر لحد ما يزهقوا ويسبوك فحالك انما انت اخترت الاسهل تضربهم بنفس اللي كانوا هيضربوك بيه ونسيت ان الوسيلة اللي استخدمتها مش من حقك اصلا عموما انا خلاص ماليش قعاد عندكم تاني وهمشي من هنا.
هز نبيل رأسه بالرفض وقال:
_ ولاء مينفعش ابدا تمشي وتسبيني خصوصا بعد ما الكل عرف انك مراتي واظن انك سمعتي بابا وهو بيقول عاوزنا فالمكتب.
رفعت ولاء حاجبها باستهجان وقالت بعصبية:
_ واظن كمان انه طلب دليل جوازك مني تسمح تقولي بقى هتجيبله قسيمة جوازنا منين دلوقتي.
ازدرد نبيل لعابه وتهرب من عيناها وقال وهو يدرك انها ستثور عليه حتما:
_ ماهو انا كنت عامل حسابي يعني وو.
عقدت ولاء حاجبيها وقبضت بقوة على المنفضدة واحس نبيل انها ستناله بها حتما فاردف وهو يباغتها بالقرب منها:
_ جبت عقد عرفي من عند محامي صاحبي ومش ناقص الا امضتك عليه وهتبقى قصاد الكل مراتي.
كادت ولاء تعيد ضربه ولكن يد نبيل اسرعت وقبضت على يدها وقال بهمس:
_ ولاء ارجوكِ تسمعيني كويس انا عارف انك مش طيقاني بس انا كنت محتاج فعلا اني اخد خطوة ضدهم خصوصا بعد ما عرفت انهم اللي بوظوا خطوبتي الاولانية وخوفوا البنت اللي حبيتها وكرهوها فيا وخلاوها تتجوز صاحبى وأنتِ بنفسك كشفتي لي خطتهم إني اتجوز بنت راجل الأعمال الإدريسي وبنفسك كمان فهمتيني نهاد عاوزة تعمل ايه علشان كدا انا قلت اسبقهم وصدقيني جوازي منك هو الحل والعلاج علشان يفهموا إني انسان ليه حق عليهم وانهم اتدخلوا فحياتي أكتر من اللازم ولازم بجد يوقفوا عند حدهم قبل ما يبوظوا حياتي اكتر من كدا وحياة بسمة وأنتِ بنفسك شوفتي عدم اهتمامهم ببهير وصله لفين ولاء ارجوكِ مترفضيش ووافقي تكملي معايا وانا اوعدك انى هحافظ عليكِ بحياتي وهعتبرك زي بسمة واكتر.
كادت ولاء ترفض طلبه ولكنها فكرت في الفرصة التي أتيحت لها لترد الصڤعة لبهير ونهاد التي تبجحت بكلماتها ولم تراعي أي شئ فزفرت وهي تحدق بعيناه التي نظرت لها بتوسل وقالت:
_ أنا عارفة إني هندم على اللي هعمله بس ماشي انا موافقة وعلى فكرة هلزمك بكلامك إنت متقربش منى وتسبنى اتصرف معاهم زى ما أنا عاوزة طالما عاوز الحال يتعدل.
اتسعت إبتسامة نبيل واسرع الى خزانة ملابسه وسحب ورقتين والټفت إليها وقال:
_ أمضى بقى على النسختين وخلي واحدة معاكِ.
سحبت ولاء نسختي العقد منه ووجدت توقيعه فنظرت له وقالت:
_ أنت مجهز كل حاجة كنت واثق اوي اني هوافق.
أومأ نبيل وقال:
_ لأني عرفت انك استحالة تتخلي عني فوقت انا محتاج لك فيه.
اشاحت ولاء بعيناها عنه واخذت من يده القلم ووقعت وشهقت حين كادت تكتب اسم آلاء وأضطربت يدها وهى تخط بجانب اسمه اسم ولاء محمود فابتسم لها نبيل بسعادة وقال:
_ مبروك يا ولاء مبروك.
وقفت ولاء بجانب نبيل بعدما تعمدت إطلاق صراح شعرها الغجرى حولها وأرتدت أحد قمصان نبيل فوق بنطالها لتربك نبيل بمظهرها وتابعهما جويد بنظراته الغاضبة وأشار إليهما بالجلوس أمامه فتعمدت ولاء الجلوس بعشوائية وقالت:
_ أنا عارفة يا حمايا إنك مصډوم علشان خبينا عليك جوازنا بس يعني الظروف هي اللي أجبرتنا اننا لامؤاخذة نتجوز عرفي عند محامي اصل ميصحش يعني انك تضغط على نينو انه يتجوز بت البشوات وهو فالسن دا أن كانت البنات محدش يقدر يجبرها يبقى معقول تجبر نينو حبيبي انه يتجوز غيري عموما يا حمايا متقلقش من اي حاجة انا هشرفك وهفضل شايلة شغل القصر على كتافي اومال مش بيت جوزي حبيبي لازم يفضل فلة.
ارتدى نبيل قناع اللامبالاة أمام والده وبذل مجهودا ليكتم ضحكه حتى لا يثير ڠضب والده فولاء باغتتهما سويا بفعلتها وحديثها والذى ظهر أثره على وجه والده الذى اتسعت عيناه پصدمة وهو يراها تجلس بتلك الطريقة وتحدثه دون تحفظ تابعت ولاء ردة فعل جويد فرأت ألا تترك له الفرصة ليتحدث واسرعت وقالت:
_ ها يا حمايا هتعمل لنا حفلة انا ونبيل علشان تعرف الناس اننا اتجوزنا أمته.
لاحق نبيل وجه والده المحتقن بشدة وشعر أن ولاء نالت منه بقوة فقال:
_ انا بقول نخليها آخر الأسبوع يعنى يادوب نعزم الناس واجيب لك فستان حلو.
غمزته ولاء وقالت:
_ لا انا عندى فستان جديد يا نينو بلاش تكلف نفسك ولا انت عاوز حمايا يفتكر انى متجوزاك علشان طمعانة ففلوسك لا انا نفسى عزيزة ومحبش اخد فلوس متعبتش فيها أبدا ومش علشان بشتغل فالبيوت وبنضف ابقى طمعانة ابدا يا نينو انا لولا الظروف اللي حصلت وان ابويا أدين لما ضمن واحد صاحبه وضحك عليه فقلت أخرج اشتغل علشان اساعده وأسد معاه الدين اللى ملناش اي ذنب فيه و.
ابتلعت ولاء حديثها حينما وقف جويد بحدة وحدق بهما وصاح بعصبية:
_ ليكِي ساعة مش مدية حد فرصة يتكلم ممكن تسكتي مش عاوز اسمع صوتك يا تتفضلي تطلعي فوق وتسبيني مع نبيل لوحدنا وانا شايف انك تطلعى فوق احسن.
الټفت نبيل إليها واومأ لها فوقفت ولاء وقالت:
_ بما انك حمايا وبقيت فمقام ابويا فواجب عليا اسمع كلامك واحترمك.
وأعتدلت ولاء وأبتسمت لجويد وأردفت لتفاجئه:
_ انا ملاحظة أن وش حضرتك مصفر شوية اقولك على ما تخلص كلامك مع نينو هروح احضر لحضرتك كوباية لبن دافية بالعسل واللوز اصل ماما الله يرحمها كانت دايما تقولى أن اللبن بالعسل واللوز بيهدي الواحد وحضرتك واضح انك بتجهد نفسك اوي ومحتاج حاجة تهدي جسمك من التعب عن اذنكم مش هغيب.
وغادرت ولاء متجهة إلى المطبخ فقابلتها شويكار التى حدقت بها پصدمة فتملك الخجل من ولاء وازدردت لعابها وقالت:
_ لو سمحتي كنت حابة احضر مج لبن بالعسل واللوز علشان عمي جويد.
فرغت شويكار فاها وحدقت بوجه ولاء بدهشة وقالت:
_ عاوزة تحضري ايه لمين.
ابتسمت ولاء وقالت:
_ أصل عمي جويد شكله مرهق اوى فقلت احضر له مج اللبن.
وبداخل مكتب جويد لزم نبيل الصمت أمام والده الذى تفرس فى ملامحه وقال:
_ بقى هى دى اللى تتجوزها وتدخلها العيلة يا نبيل انا مش عارف هقول ايه للادريسى لما يعرف انك رفضت بنته واتجوزت دى انا مش عارف ازاى تتصرف بحماقة كدا دا اخوك اللى داير على حل شعره وكل يوم سهر عمره ما يغلط الغلطة بتاعتك دى.
قطب نبيل حاجبيه وقال:
_ بابا أنا قولت لك من الأول وكنت واضح معاك أنا رافض تدخلكم فحياتي بالشكل دا وأنت اللي مش مقتنع وشايف إن لازم أنا اللي أضحي علشان مستقبلك السياسي ومركزك فالسوق وبين رجال الأعمال ميتهزش ومش مهم عندك ابنك هو عاوز إيه زي بالظبط ما عملت مع خطيبتي روحت أنت ونهاد هانم سممت أفكارها ودفعت فلوس لصاحبي وجبت له عربية وخليته يتجوزها علشان مش من مقام العيلة الكبيرة عمومًا يا جويد باشا لو اختياري المرة دي مش عاجب حضرتك فأنا هاخد مراتي وامشي وابقى جوز بقى ست الحسن والدلال آلاء الادريسي لابنك بهير وخليه يشرفك وسط رجال الأعمال عن اذنك.
توارت ولاء وابتعدت حتى لا يراها نبيل وهو يغادر فقد صم أذنها صوته العالي ورنت كلماته بداخلها فعقدت حاجبيها وقالت:
_ يادي الخيبة بقى أنا اتجوز بهير يا خبر أبيض دا أنا مش طيقاه لا هو ولا أمه العقربة بس وحياة ما زعلوك يا نينو لاخليهم يندموا على كل حاجة عملوها فيك.
دلفت ولاء الى غرفة المكتب فوجدت جويد يستند برأسه إلى مكتبه بتعب فأقتربت منه ووضعت كوب الحليب أمامه وربتت على كتفه فرفع رأسه ونظر لها پغضب فابتسمت ولاء له وقالت:
_ شكل حضرتك يا حمايا تعبان اوي اقولك على حاجة انت تشرب مج اللبن دا وبعدها هعملك مساج لكتافك وضهرك وان محستش بالراحة بعدها قول اني مش بفهم حاجة.
لم يدر جويد لما نفذ لولاء ما أرادت فمد يده وارتشف الحليب ليراها تستدير خلفه وتبدأ في مساجها له ليتحول غضبه منها إلى راحة غريبة وأحسها وكأنها ضغطت على زر ما وأطفأت انفعاله وقلقه فتراخت أعصابه تماما وأغمض عيناه فابتسمت بسعادة فجويد يذكرها بوالدها حين يرهق نفسه بالعمل وتقوم هي بتدليك كتفيه ليغمض عيناه ويرحل فالنوم وحين أنهت ولاء مساجها له لفت نظرها شويكار التي وقفت تحدق بها بدهشة وتعجب شديد فأشارت لها ولاء بالمغادرة فتركتها شويكار واتجهت إلى خزانة صغيرة وأخرجت غطاءًا سميكًا وغطت به جويد لتغادر مصطحبه ولاء ووقفت بجانبها فجذبتها شويكار إلى المطبخ وقالت لها بعدما تأكدت بأنهما بمفردهما:
_ أنا عاوزة أفهم بقى أنتِ مين بالظبط وبصراحة علشان أنا مش داخل دماغي خالص إنك خدامة وجاية هنا تاكلي عيش فيا تتكلمي معايا دوغري يا أما هخدك كدا عند جويد بيه ونشوف بقى رأيه إيه.
السادسة. خطوة نحو الأمام
تمالكت ولاء اعصابها امام نظرات شويكار المتفرسة في ملامحها بحدة فازدردت لعابها واعتدلت في وقفتها وقالت:
_انا هقولك على كل حاجة مش لاني خاېفة منك لا علشان بس انا حبيتك وعارفة ان قلبك طيب انا متجوزة نبيل يا مدام شويكار هو قال انه حبني من اول يوم جيت هنا وضغط عليا علشان اوافق واتجوزه.
صمتت ولاء ونظرت الى شويكار وقالت بدموع:
_والنهاردة عرفت السبب اللي خلى نبيل يتجوزني كان بيهرب من الجوازة اللي والده ضاغط عليه بيها استغلنى يا مدام شويكار زي ما اخوه بهير عاوز يستغلنى وبيضايقنى وانا ماليش حد ووافقت علشان حسيت انه انسان طيب ومنكرنش اني حبيته ومن شوية لاقت جويد بيه شكله تعبان فقلت اعمله اللبن والمساج زى ما كنت بعمل لابويا وعارفة انا حتى قولت له اني هفضل اشتغل علشان انا متعودتش ان حد يصرف عليا.
تابعت شويكار ملامح ولاء الحزينة وشعرت بالشفقة تجاه ولاء حين ادركت انها وقعت ضحېة ابناء القصر فاقتربت منها وضمتها الى صدرها وقالت:
_انا مكنتش اتخيل ان نبيل يعمل كدا انما بهير دا اساسا عاوز تربية من اول وجديد والمشكلة ان نهاد هانم بتخبى عليه علشان كدا طايح ومحدش هامة انما مټخافيش يا ولاء انا معاكى وفضهرك واعتبرينى مقام والدتك لو تحبي. بقلمى منى أحمد حافظ
زفرت ولاء بارتياح وابتعدت عن شويكار وقالت:
_حضرتك مينفعش ابدا تبقى زي والدتي لانك بالكتير تبقى اختيالكبيرة ودا يشرفنى طبعا.
ولجت ولاء الى غرفتها بالاسفل واغلقت بابها خلفها وجلست على طرف الفراش تلوم نفسها على الكذب الذى لجئت له في الاونة الاخيرة بكثرة واحست انها بدأت تحيد عما تريده فهى كانت تريد الابتعاد عن والدها وفي نفس الوقت تأخذ فرصتها بالتفكير في امر زواجها من نبيل الذى فرضه عليها والدها وكذلك في تجربة العمل لدى الاثرياء لتنتقد اساليب الحياة المغلوطة والتى تجعل البعض يرى نفسه فوق الجميع وهنا غام وجه ولاء فتلك هى مهمتها الاساسية فاتجهت الى خزانتها وسحبت جهازها اللوحى واخرجت تلك الصور التى حصلت عليها من سهرة بهير مع رفقة السوء خاصته وبدأت تخط بعض الرسومات التى تنتقد بها حال شباب الطبقة المخملية ومضت الساعات عليها لتنتبه الى صوت طرقات على باب غرفتها فاسرعت ولاء واخفت جهازها بين ثيابها وفتحت الباب لتجد نبيل امامها فعقدت حاجبيها وهمت باغلاق الباب بوجهه ولكنه مد قدمه ومنعها من اغلاق الباب ودفعه بقليل من المجهود فابتعدت ولاء ووقفت بمنتصف غرفتها وحدقت به بسخط، اغلق نبيل الباب خلفه واقترب منها وقال:
_ممكن افهم أنتِ بتعملى ايه هنا.
رفعت ولاء حاجبها بسخرية واجابته قائلة:
_هكون بعمل ايه دى اوضتى ودخلت اريح شوية قبل ما اشوف اللى ورايا.
زفر نبيل بضيق امام تصميم ولاء على تجاهل وضعها الجديد باعلانه زواجه منها فهو لم يتخيل للحظة ان يمر الامر بهدوء هكذا رغم انه يشك بان هدوئهم ما هو الا هدنة لاعادة ترتيب اوراقهم وتوجيههم ضړبة مضادة لما فعله. تابع نبيل تحديقه بولاء التى ظهر كامل رفضها لوجوده وشعر بالضيق لرفضها له فقال:
_بس دى مبقتش اوضتك يا ولاء اوضتك بقت فوق معايا فالجناح بتاعى ولا أنتِ مش.
كلمة لا تخرج من فم فتاة ابدا قذفتها ولاء بوجهه فجعلته يتوقف عن الحديث وهو يحدق بها بعينان متسعتان فازداد ضيقه منها واقترب اكثر وقال:
_مش ملاحظة انك زودتيها ومش معنى انى محتاج لك انك هتسوقي فيها يا ولاء وبعدين على فكرة انا وأنتِ بقينا متجوزين خلاص برضاكي لما مضيتي على عقد الجواز العرفي وبالشهود اللي عرفوا اننا متجوزين ودلوقتي بما اني جوزك فانا بطلب منك وبكل هدوء انك تنقلي حاجاتك لجناحي فوق علشان دا بقى مكانك الطبيعي واظنك فاهمة.
شحب وجه ولاء وهى تفكر بما قاله نبيل فنظرت له پذعر وقالت:
_انت بتتكلم جد انا وانت اتجوزنا.
اومأ نبيل وقال:
_ايوة يا ولاء براضكِ وبالاعلان لما اللى فالقصر عرفوا كدا نعتبر متجوزين فعلا. الموناليزا
هزت ولاء راسها بالرفض وابتعدت عن نبيل وقالت:
_لا ارجوك اوعي تقولها انا انا وافقتك كنوع من المساعدة لكن مش علشان ادبس فيك بص يا نبيل انت تتصرف وتلغى العقد دا انا انا مش عاوزة اتجوزك وبعدين ما انت عارف انا جاية هنا علشان اشتغل مش علشان اتجوز.
زاد شعور نبيل بالضيق فعبس وقال بحدة:
_ولاء هى كلمة اتفضلى لمى حاجاتك ويلا معايا على فوق انا اصلا مش هبقى مطمن عليكِ وأنتِ هنا لوحدك بعد ما عرفت ان بهير بيضايقك فحضرى حاجتك من سكات ويلا على فوق.
زفرت ولاء واخرجت حقيبتها ووضعت ملابسها ولم تنتبه لوجود نبيل وهى تضع جهازها اللوحي ولمح نبيل الجهاز وتغضن جبينه واخذ يتسائل كيف لفتاة تعمل لتسد دين والدها وتساعد اسرتها على المعيشة ان تمتلك جهازا لا يقل ثمنه عن خمسون الف ويعد من افضل الاجهزة اللوحية والتي يوصى بها بطلب شراء خاص. حدق نبيل في ملامح ولاء وكأنه يراها للمرة الاولى وكاد يسألها ولكنه تراجع وقرر مراقبتها اولا بعدما هاجمت عقله فكرة ان تكون قد سرقته من احد البيوت التى عملت بها سابقا. انتبه نبيل لصوت ولاء تقول وهي تحمل حقيبتها:
_انا جهزت مش يلا.
مد نبيل يده وحمل عنها الحقيبة وخطى امامها وتبعته ولاء وهي تفكر في ذلك العقد الذي وقعت عليه والزمها بالزواج من الشخص الذي هربت من البداية منه.
أستأذن نبيل منها وغادر ليتابع أعماله فاسرعت ولاء وأخرجت ملابسها ورتبتها وجلست تكمل عملها على جهازها باهتمام وتركيز وحين انتهت ضغطت وعيناها تلمع على الارسال وابتسمت وقالت بظفر:
_أما نشوف بقى دلوعة هتعمل ايه لما الناس كلها تشوف صورك وأنت متحزم وبترقص عشرة بلدي.
أنتهت ولاء عملها وحذفت كافة الصور واخفت الموقع عن جهازها ووقفت أمام الخزانة وقالت:
_طيب دلوقتي لو حطيت اللاب جوا ممكن نبيل يشوفه ووقتها هتبقى مشكلة لأنه أكيد هيشك وبعدين بقى اتصرف أزاي دلوقتي اخبيك فين.
بحثت ولاء بعيناها في ارجاء الغرفة عن مخبىء وابتسمت حين وقعت عيناها على مكان خفي فمدت يدها ووضعت جهازها خلف فراش نبيل ووضعت حقيبتها فوق الخزانة بشكل مؤقت حتى تسأل عن مكان اخر تضعها به وغادرت ولاء وذهبت الى غرفة بسمة واندفعت الى داخلها فوجدتها تقف في شرفتها تحدث احدهم في هاتفها وسمعتها ولاء تقول:
_عامل ايه دلوقتي خلصت الشغل اللي اخدته من الكافية ولا لسه.
جلست ولاء وابتسمت فصديقتها دومًا منعزلة عن اغلب طلاب الجامعة وإن تراها تتحدث مع احدهم فهو تغير كبير في شخصيتها، ضحكت بسمة وأجابت على حديث آسر وقالت:
_لا متقلقش من الناحية دي انا مش بصاحب حد ولو جيت الكلية بنفسك وسألت عني الكل هيبقى مستغرب عمومًا انا كمان عاوزة اشوفك وهستنى تعدى عليا فالكلية انا هخلص امتحان على الساعة واحدة.
التفتت بسمة فرأت ولاء فاحمر وجهها بشدة وقالت بصوت خفيض:
_طيب يا آسر انا هضطر اقفل دلوقتي معلش علشان مرات اخويا دخلت الاوضة عندي هستنى اتصالك بيا بالليل سلام.
ولجت بسمة ونظرت الى ولاء بعتاب وقالت:
_للدرجة دى مش معتبرانى صحبتك يا آلاء عموما انا عرفت مقدار غلاوتى عندك لما اتفاجئت زى الكل انك ونبيل اتجوزتو و.
لعنت ولاء غباء بسمة ووقفت سريعا وقبضت على عنقها وقالت تعنفها:
_بصى انا لا طيقاكِ ولا طايقة اخواتك الاتنين ولا حتى الست الوالدة ولا طايقة نفسى فاقعدي واسمعينى لانك الوحيدة هنا اللى ممكن تساعدنى فكل حاجة.
قصت ولاء ما فعله نبيل معها واتسعت عين بسمة بدهشة امام تصرفات شقيقها وقالت:
_مش معقول دا نبيل اتجرأ اوى تخيلى انه عمره ما جازف في حياته وان لما قولت له حاول ترجع خطيبتك قبل ما تضيع منك رفض وقالى ان اللى مش يشتريه عمره ما يفكر فيه حتى لما كنت بقوله اتكلم مع بهير وانصحه كان بيقولى انه كبير كفايا وانه مفروض يتحمل مسئولية كل تصرفاته فانك تقولى ان نبيل خدرك وعمل كل دا وفالاخر اتجوزك عرفى حقيقى انا مش مصدقة ومش قادرة اتخيل ردة فعله لما يعرف انه اتجوز البنت اللى رافض حتى يشوف صورتها او يسمع عنها.
رفعت ولاء حاجبها باستهجان وقالت:
_بسمة لمي لسانك ايه رافض دى وهو اخوكِ اساسا يطول انى ابص له دا يحمد ربنا انى وافقت بعد ما اتحايل عليا كتير وبصراحة انا وافقته لما صعب عليا وكمان علشان اقدر اربى اخوكِ بهير لانه مستفز ولازم فعلا يتعاد تأهيله من تانى.
ايدت بسمة قول ولاء بشأن بهير ولكنها عبست بوجه ولاء وقالت:
_انا معاكِ فكلامك عن بهير انما نبيل بصراحة لا لان نبيل يستحق قلب يحبه بجد مش علشان اخويا بس حقيقى نبيل شخصية جميلة اتعرفى عليه صح يا ولاء وافهميه وغيريه خليه يشوف نفسه والناس ويعرف قيمة قلبه وانه غالى اوى.
لمعت عينا ولاء وتنهدت وهى تحدق بوجه بسمة وقالت:
_ فكرتينى بأخويا يا بسمة تصدقى وحشنى اوى.
نظرت لها بسمة بدهشة وسئلتها بفضول:
_ هو أنتِ عندك اخوات يا لولو.
اومأت ولاء برأسها وقالت:
_اه عندى اخين واحد متجوز وعايش برا مصر وكتير بروح له والتانى معايا هنا والاقرب ليا و.
توقفت ولاء عن اكمال جملتها حين ولجت نهاد الى الغرفة ووقفت تحدق بوجه ولاء بغل وقالت بصوت حاد:
_ أنتِ هنا يا هانم وسايبة شغلك اتفضلى روحى نضفى الجناح بتاعى وبعدها تطلعى تنضفى جناح سيدك بهير ولا تكونيش فاكرة انك خلاص بقيتى واحدة مننا لا فوقى لنفسك واعرفى انك مهما عملتى هتفضلى خدامة.
حملقت بسمة في وجه والدتها تود لو تصيح بها بحقيقة ولاء ولكنها صمتت حين ضغطت ولاء على ساعدها والتفتت الاخيرة الى نهاد وقالت وهى تبتسم ببلاهة مقصودة:
_أنتِ تأموريني أمر يا حماتي معقول يعني هكسر لك كلمة وأنتِ فمقام ستي الله يرحمها هوا يا حماتي نصاية وتلاقي جناحك بيبرق هو وجناح اخويا بهير عن اذنكم.
الجمت ولاء نهاد بكلماتها واشټعل وجهها پغضب ولكن اختفاء ولاء من امامها لم يمكنها من الرد عليها فنظرت الى ابنتها بحدة لتدرك انها تخفى ضحكتها عنها وقالت:
_وأنتِ مش هتبطلي تصرفاتك دى وتقدرى أنتِ من عيلة مين.
رفعت بسمة حاجبها باستنكار وقالت بضيق:
_ماما حضرتك اللي نسيتي ان ولاء بقت مرات اخويا نبيل وميصحش ابدا تعامليها كدا لان نبيل لو عرف مش هيسكت واظن ان حضرتك مش هتحبي انك تقفى ادامه فموقف مواجهة لما يعرف انك بتقللي من مراته وبعدين هو مش بابا قعد معاهم وتقريبا وافق على جوازهم دا انا حتى عرفت من نبيل انهم هيعملوا حفلة اخر الاسبوع وهيعلن جوازه من ولاء فيها.
صړخت نهاد برفض وقالت وهى تستشيط ڠضبا:
_ أنتِ بتقولى ايه جويد مستحيل يوافق على المهزلة دى انتى واعية يعنى ايه حفلة اعلان جواز يعنى ڤضيحة، الكلام دا لو حصل انا مش هقدر اوري وشي لصحباتي لا انا مش هسكت على الكلام دا وهنزل حالا لجويد يشوف له صرفه مع البنت دي وينهى الڤضيحة قبل ما تتعرف.
غادرت نهاد غرفة ابنتها وهى تهمهم بعبارات غاضبة وتوجهت الى مكتب زوجها. أفاق جويد من غفوته وشعر بتحسن كبير في حالته وتملكته الحيرة فهو حين رأى ولاء بفراش ابنه واعترافه بانها زوجته كاد يقتلعها من جانبه ويرميها خارج القصر ولكن نظراتها المصډومة وذعرها اكد له ان في الامر شىء اخر غير ما رأى واحس بأن عليه الا يتسرع برده فعله حتى حين جلست امامه بتلك الطريقة وحدثته بعفوية وبساطة ورفضها ان يأتى لها نبيل بفستان وحديثها عن دين والدها وكفاحها كل ذلك اكد له ان يتمهل في حكمه ولكنها اطاحت به كليا حين عاملته بحنو ودلكت كتفيه وظهره لادراكها تعبه واجهاده وهو الامر الذى افتقده من زوجته نهاد ولم ينله من ابنته التى حرست نهاد على ابعادها عنه تماما زفر جويد وهو يفكر بأمر ولاء وكيف استطاعت بعفوية وبراءة ان تحظى بفرصة لديه.
وقفت ولاء وسط جناح نهاد تحدق به بذهول لا تصدق حالة الفوضى العارمة التى اصابته فنهاد تعمدت القاء كل شىء على الارض وتركت توستا تعيث فسادا في كل شىء وفجأة لمعت عينا ولاء بخبث وضحكت بمكر واخرجت هاتفها والتقطت العديد من الصور للجناح بحالته الفوضوية واخفت هاتفها واتجهت نحو الحائط وهمست لنفسها:
_معلش يا لولا اتحملى الخبطة بقى ما هو لازم علشان اردلها القلم وافوقها واخليها تعرف مكانتها كويس ايه وتستحق بصراحة لان الظاهر ان كرولا متعلمتش من درسها الاولانى.
واغمضت ولاء عيناها ورطمت رأسها بقوة بالحائط فأحمرت جبهتها وكتمت صحية الألم وخدشت وجهها ويدها وفجأة دوت صړختها بأرجاء القصر واستغاثت بنبيل رغم علمها بمغادرته القصر وعلى أثر صړختها هرولت بسمة اليها ثم اندفعت نهاد يرافقها جويد وشويكار اسرعت في اثرهم وصعد الجميع الى جناح نهاد وتجمدوا امام احتضان بسمة لجسد ولاء المرتجف ونظروا الى وجهها ويداها فاسرع جويد اليها بقلق وقال:
_مين اللى عمل فيكى كدا.
رفعت ولاء عيناها التى تمكنت ولاء من اطلاق صراح دموعها منها وقالت بصوت مرتعد پخوف:
_مش عارفة يا حمايا انا دخلت انضف جناح حماتي ويادوب بفتح الحمام لاقيت واحد لابس اسود فاسود بيزقني وبيهرب جيت امسكه ضړبني وعمل فيا كدا ونط من البلكونة. الموناليزا
صړخت نهاد پخوف وقالت وهى تحدق بوجه ولاء الذى ظهرت كدمتها بوضوح:
_واحد مين يا جويد ما تشوف ليكون حرامي يا خبر ليكون سرق مجوهراتي.
واتجهت نهاد صوب خزانتها وبحثت عن علبة مجوهراتها وحين وجدتها زفرت بارتياح وهى تفتحتها واطمئنت لوجود كل مجوهراتها الثمينة فالتفتت الى ولاء وقالت:
_يعنى أنتِ متعرفيش كان بيعمل ايه فجناحى.
هزت ولاء رأسها بالنفى ولكنها اسرعت وقالت:
_معرفش بس هو كان ماسك فايده كاميرا.
شحب وجه نهاد ونظرت الى ابنتها وشويكار وقالت:
_ماسك كاميرا وهو هيعمل فجناحى ايه بالكاميرا حد يفهمني.
غمزت بسمة لولاء وقالت پذعر مصطنع:
_معقول يا ماما يكون تبع الموقع اللى نشر صورتك وقال عليكى كرولا يا خبر ابيض لو هو كدا فعلا.
اتجه جويد صوب الشرفة ونادى احد الحرس وقال:
_انا عاوز اعرف انتم موجودين هنا بتعملوا ايه لما واحد يدخل القصر وانتم نايمين على ودانكم اتفضلوا شوفوا مين اللى دخل وضړب ولاء وكان هيموتها وبلغ الكل انكم هتتغيروا علشان الاهمال دا.
وعاد جويد الى داخل الغرفة واتجه الى ولاء وساعدها على الوقوف فترنحت ولاء بسبب كدمتها واستندت على صدر جويد وتشبثت به وهى تبكى وقالت:
_شوفت يا حمايا عمل فيا ايه انا انا عاوزة نبيل خلى نبيل يجى يا حمايا انا محتجاله.
ربت جويد على رأسها وهو لا يدرى لما يشعر بان عليه حماية ولاء فالټفت الى ابنته وقال:
_تعالى يا بسمة اسندى ولاء معايا نوديها اوضتها.
والټفت الى شويكار التى وقفت تحدق بالجناح وحالته بحزن واشفقت على حال ولاء لما تفعله معها نهاد وانتبهت شويكار لصوت جويد يقول:
_اتصلي بالدكتور يا مدام شويكار خليه يجى علشان يطمنا على ولاء.
وابتعد جويد عن ولاء واشار لابنته بالانصراف بها ووقف يحدق بزوجته بضيق وقال بعصبية وهو يشير بيده الى فوضوية الغرفة:
_ممكن افهم ولاء كانت بتعمل ايه هنا يا نهاد.
عقدت نهاد حاجبيها فجويد ولاول مرة يحدثها بعصبية هكذا فقالت بتهكم:
_هتكون بتعمل ايه يا جويد ما أنت شايف توستا بهدلت الجناح أزاي وبعدين ما انت عارف ان ولاء شغلها فالقصر تهتم بنضافته ولا انت عاوز تفهمنى انك خلاص قبلت بيها ورحبت بجوازها من ابنك ايه يا جويد معقول هتدخل العيلة بنت زي دي على اخر الزمن.
نظر لها جويد بحدة وقال:
_نهاد لو سمحتي ملكيش دعوة بولاء تاني ولو عرفت انك خلتيها تنضف اي حاجة تاني كلامي وقتها معاكي مش هيعجبك فاهمة.
أحست نهاد بالقلق فزمت شفتيها واشاحت بوجهها عن عينا زوجها وقالت:
_جويد يعني بعد ما كان نبيل هيناسب اكبر عيلة فالبلد هترضى بالنسب المهين دا انا انا مش مصدقة بجد وحاسة ان في حاجة غريبة بتحصل من ورايا.
اهمل جويد حديث نهاد وغادر الغرفة وتابعته بعيناها واسرعت خلفه ولكنها توقفت حين رأته يلج الى غرفة نبيل فزفرت پغضب وغيرت اتجاهها وصعدت الى غرفة ابنها بهير ودفعت بابه پغضب ووجدته نائمة فاتجهت اليه وهزته بحدة وقالت:
_اصحى يا بهير انا عوزاك فحاجة مهمة والحاجة دى محدش هيقدر يعملها غيرك.
وفي فيلا الادريسى جلس آسر يفكر بأمر بسمة تلك الفتاة التى شغلت عقله وتفكيره ببساطتها وابتسامتها الرقيقة تنهد آسر وابتسم وقال:
_معقول تكون حبيتها من النظرة الاولى يا آسر هى بصحيح تتحب وتتاكل اكل كمان بس ياترى هى ممكن تكون بتفكر فيك ولا طبيت لوحدك وهى ولا على بالها وبعدين يا آسر طيب ما تخليك واحدة واحدة معاها علشان متأذيش مشاعرك.
يتبع.