رواية رائعة بقلم الكاتبة أم فاطمة
انت في الصفحة 1 من 61 صفحات
الحلقة الأولى
بسم الله ونصلى ونسلم على رسول الله.
أقتربت الشمس بإغلاق جفنيها لتسقط بإشعتها الذهبية فى مياه البحر الهائجة المتلاطم بأمواجه وسمع لها صوت حين إصطدامها بالصخور المتراصة بحرافية جميلة من صنع الخالق عز وجل .
وقفت مكة تتابع كعادتها كل يوم مشهد الغروب وتستنشق رائحة البحر الذى أبهج روحها الحزينة لبضع لحظات قبل العودة لمنزلها فى إحدى أحياء مدينة الأسكندرية .
حيث إنها ممرضة فى إحدى المستشفيات الحكومية أو ملاك الرحمة كما يسمونها .
عنان بعد أن ا محركة بإهتزازبت يا مكة مش نروح بقه البيت .
الجو تلج يا أختى أنا مش عارفة لزمته اه كل يوم والتانى لازم نسلم على البحر قبل ما نمشى .
فركت مكة بكلتا يديها لعلها تنعم ببعض الدفىء ثم قالت خلاص أهو دقيقتين أشوف الشمس تنزل فى المية ونمشى الصبر بس يا عنان .
ثم فاجئها الرشح ..هطشششششى.
مكة بضحك..يرحمكم الله واسمها أنفلونزا يا حاجة .
كام مرة أعلمك تقوليها غلبتينى .
عنان مش فارقة يعنى كتير مددققيش .
المهم نروح دلوقتى كفاية كده عشان عايزة أضرب طبق العدس اللى عملاه أمى النهاردة عشان الجو البرد ده أهو بيدفى ولا أحلاها دافية .
عنان بضحكياسلام يا أختى ماله العدس نعمة ورضا اللى يشوف كده يقول البت هتروح تاكل المحمر والمشمر .
أغمضت عينيها مكة مټألمة من كلمات عنان لتتجمع فيهما العبرات .
من هى مكة
مكة فتاة فى بداية العشرينات ذات ملامح هادئة ليست بشديدة الجمال ولكن لها جاذبية خاصة
ما أجمل كلماتها وهى تذكرك بالله ولا يبقى على لسانها غير قول الحمد لله رغم ما يعصف بها .
.
لاحظت عنان عبراتها التى إنسكبت على وجنتيها فضغطت على شفتيها بحزن قائلة يقطعنى يا حبيبتى مش قصدى والله حاجة .
تمتمت مكة مع هز رأسهاالحمد لله على كل حال ده نصيبى .
زفرت عنان پغضب قائلةأنا مش عارفة أمك إزاى أتجوزته وإزاى صبرت عليه الفترة دى كلها وليه سيباه يلطش فيك كده .
ده كمان نظراته ليه فى الريحة والجاية مطمنش أبدا .
مكة .أمى ست غلبانة وعايزة تعيش زى اللى المثل اللى بيقول ضل راجل ولا ضل حيطة .
عنان بلوم وده يتقال عليه راجل ده
ده ولا شغله ولا مشغله وملقح على القهوة طول النهار وبياكل وبيشرب على حساب تعبك وهددتك فى الشغل .
مكةهنقول إيه ربنا يهديه .
عنان..يارب .
بس يعنى ملهوش أى لزمة متكلمى أمك تخليها تطلق منه وتعيشوا براحتكوا .
تنهدت مكة بحرارة قائلة..ياريت كان ينفع بس نروح فين لو طلقها
هنترمى فى الشارع .
ضړبت عنان على صدرها بيديها قائلة يا مصيبتى ليه هى الشقة بإسمه أنا بحسبها بتاعة أبوك الله يرحمه .
مكة بغصة مريرة .لا شقته هو إحنا شقتنا لما بابا ماټ الله يرحمه صاحب البيت منه لله طردنا منها .
فاضطرت أمى بعد فترة من الپهدلة عند كل حد من قرايبها شوية تجوز عباس رغم كل بلاويه .
عشان نلاقى مكان نستر فيه من عيون الخلق اللى عايزة تنهش فى لحمنا .
ربتت عنان على كتفها بحنو قائلة عينى عليك يا حبيبتى بس إن شاءالله فرجه قريب يمكن ربنا يرزقك ابن الحلال قريب اللى يستتك ويهنيك وتبعدى عن الزفت جوز أمك ده .
مكة بضحك لا أنا مستنية أفرح فيك أنت الأول ولو طلعتى تمام والأمور مشيت معاك أخر حلاوة ساعتها هفكر .
نكزتها عنان بمرح قائلةشوفى البت اللى كانت بټعيط من شوية دلوقتى بتضحك وتهزر ولا كأن فيه حاجة وكمان عايزة تجرب فيه الجواز الأول .
مكة..ربنا بيهونها يا قلبى وأملى فيه كبير.
عنان..ونعم بالله .
بس مقدامك الحاج حنفى الجزار ھيموت عليك وعايزك فى الحلال وهو راجل مقتدر وهيعيشك مبسوطة وتخلصى من الهم ده .
قضبت مكة جبينها قائلة بنفور ..يعنى أصبر أصبر وأفطر على بصلة وأجوز واحد قد أبويا وكمان مجوز بدل الوحدة اتنين يعنى هدخل فى حرب ضراير ملهاش أخر على إيه
هو أنا ناقصة هم .
عنان كده بس الراجل يعنى شكله حبوب اووى وبيقعد يسبلك فى الريحة والجاية .
كزت مكة على أسنانها بغيظ قائلة والله بكون عايزة أفقعله عنيه الإتنين دول ابو عين زايغة بس أقول إيه ربنا يهديه .
عنان طيب بلاش أبو
عنين زايغة ندخل على ابو عضلات وقلب
من حديد فتوة الحارة وناصر الغلابة ومعذب
قلوب العذارى حمادة النمس .
ضحكت مكة حتى دمعت عينيها قائلة والله يا بت يا عنان تنفعى مقدمة برامج إيه العظمة فى وزن الكلمات دى .
حركت عنان رأسها بإمتنان شاكرة ل مكة ثم ضحكت قائلة..المهم يا أختاه الواد برده بيحبك وساق طوب الأرض عليك عشان توفقى وأنت مصدرة الطناش مش عارفه ليه يعنى
تقوليش البت عيون خضرا وشعر أصفر على الخدود يهفف ويرجع يطير أنت كده بتطيرى العرسان .
مكة..هو اه أنا يعنى عادية مش اوفر حلاوة ولا حاجة ومفروض اللى زييى تقبل اى حد يجلها ومتصدق .
بس أنا نفسى فى شخصية معينة وهفضل أستناها حتى لو فتنى قطر الجواز .
أحسن ما أركب أى قطر ويرمينى ويدوس عليه وتنتهى حياتى قبل ما تبدء .
عشان بجد الجواز ده فعلا يا حياة كريمة مع إنسان بيقدرك .
يا حياة بدون روح مع إنسان بيحبطك .
قامت عنان بالتصفير والهتاف مرددة عظمة على عظمة يا ست مكة ده أنت طلعتى فسلاسوفة وأنا معرفش .
مكة بضحك إسمها إيه
عنانأنا عرفة أهو بسمع الناس بتقولها ومدققيش بقه فى كلماتى المهم إنك فاهمة قصدى .
مكة .ماشى يا ستى كل اللى يطلع منك عسل .
عنانبس الواد حمادة النمس برده شخصية فليه مش عجبك
مكة شخصية على نفسه وده عقله فى عضلاته اللى فرحان بيها ومن غيرها ولا حاجة وكمان مين قلك إنه ناصر الغلابة
عنان . يوه يا بت منا بشوفه بعينى اللى هيكلها الدود دى وهو بيحامى على الستات اللى بيفرشوا فى السوق .
وأى حد من أهل الحتة أتزنق فى حاجة كده ولا كده بيجيبه ويقف معاه .
مكةبيحامى وبيقف بولاشى كده ولا كله بتمنه
عنانيا خيبه المنيل قطع بجد .
وصح يا حبيبتى مفيش حاجة مجانى إلا رحمة الله .
مكة ونعم بالله .
عنان يعنى كده الإتنين عرسان طلعوا على فشوش يعدلها ربنا بقه ويبعت من عنده حاجة ذوق كده .
ويلا بينا يا حبيبتى خلاص الشمس طست فى المية واتبسطتى بمنظرها زى كل يوم .
أستنشقت مكة عبير البحر الذى يشعرها بالسعادة والراحة ثم أردفتيلا بينا قدامى يا ست الحاجة أم مفاصل .
فضحكت عنان ثم توجهوا للبحث عن وسيلة مواصلات للعودة إلى المنزل .
..
فى مكان أخر
فى منزل أنيق ذو أثاث فاخر وديكورات تعود لزمن كلاسيكى مضى ولكن تحتفظ برونقها .
كما يزين الحائط لوحات زيتيه تنم على إبداع راسمها بجانب صور لشخصيات على مراحل زمنية عدة من الصغر للكبر .
نعم إنها عائلة اللواء مجدى الزيات ذات الأصول العريقة التى أمتدت من نسل الباشا محمد على .
وزوجته سهام الصياد وأولادها على النحو التالى من الأكبر للأصغر.
ركان .وهو على رتبة نقيب ذو ثلاثون عاما حاد الملامح قوى البنيان ليس بالطويل ولا القصير يتمتع بشخصية قويه يهابه الجميع ولكن تسقط هيبته عندما تنظر له إحداهما فيسقط معها فى بئر الحب معا ثم يرتفع هو ويتركها فى مستنقعها تعانى فقدانه .
أما رياض .فهو على رتبة ملازم أول ذو خمسة وعشرون عاما هادىء الملامح مرح الشخصية ممتلىء بعض الشىء .
ثم أخيرا ..ريم ذات الواحد وعشرون عاما فى السنة الأخيرة من كلية الفنون الجميلة .
وهى فتاة أرستقراطية بعض الشىء تتعالى بشخصيتها ذات النسب العريق على من حولها فتجد من ينافقها ليكسب صحبتها أو من يبتعد عنها لتعاليها المستمر .
وهى تتمتع بجمال الأتراك الذى ورثته عن أجدادها .
ولكنها فى ذات الوقت تمتلك موهبة رائعة فى الرسم .
ولج رياض لغرفة اخيه ركان بينما كان يرتدى بذلته
الرسمية .
رياض بمرح مبتسما يا صلاة النبى أحسن يا حضرة النقيب عينى عليك باردة جمال وحلاوة يا عمنا والبنات حواليك زى الدبان بيلتزقوا فيك .
ضيق ركان عينيه الرمادتين وعقد حاجبيه بشدة ثم أستدار له وأشار إليه ليصمت مردفا پغضب إيه ده يا حضرة الملازم
مش مكسوف من نفسك وأنت بتكلم الألفاظ السوقية دى زى بتوع الشوارع بالظبط .
كام مرة حظرتك متكلمش كده
واحترم عيلتك ومكانتك .
حرك رياض رأسه بلا مبالاة قائلاوبعدين يا سيادة النقيب معاك
متبقاش أفوش كده وبحبحها حبتين يا راجل إحنا فى البيت مش فى المديرية .
ميبقاش هنا كمان ميرى دى حاجة تخنق والله ولا كنت عايزها ولا حببها أصلا ربنا يسامحك أنت وبابا سيادة اللواء.
ركان بسخرية مش أحسن مش شغل المزاكتية اللى كنت عايزه
وتجبلنا لما ابن اللواء مجدى الزيات يدخل معهد للفنون عشان فى النهاية يبقى صبى عالمة .
رياض بغيظ ما اتحسن ملفظك يا يا حضرة النقيب .
مش كنت لسه بتقول الألفاظ والعيلة واللذى منه .
فإيه صبى عالمة دى
ده
أنا فنان مفيش زييى اتنين وبضرب على الجيتار ولا فريد فى زمانه وبدندن ولا عبدالحليم .
ركان بسخرية ..وبترقص ولا فيفى كمان بالمرة .
رياض بغصة مريرة..لا الرقص سبتهولك أنا مع
مزز أخر الليل فى يا حضرة النقيب ابن اللواء مجدى الزيات .
ثم الټفت رياض مغادرا حزينا على الكلمات الچارحة التى أطلقها ركان .
فابتلع ركان ريقه وتمتم بندم إستنى يا
حضرة الفنان أهو أنت اللى بقيت أفوش أهو وأنا بهزر معاك.
رياض بصوت رخيم لا زعلان متحولش .
ركان بضحكولو قولتلك هات العود وسمعنى أغنية لحلم بتاعك هتسمعنى إيه
فالټفت له رياض بإبتسامة مشرقة لقلبه الطيب قائلا ..بس كده أنت تؤمر يا سيادة النقيب.
ثم أسرع لغرفته لإحضار العود وعاد إلى ركان .
وبدء فى عزف أغنية صدفة
كان يوم حبك أجمل صدفة لما قابلتك مرة صدفة
كان يوم حبك أجمل صدفة لما قابلتك مرة صدفة
يا اللي جمالك أجمل صدفة