امرأة العقاپ لندى محمود
عيناها وانهمرت فوق وجنتيها بغزارة
تقهقهرت للخلف مسلوبة العقل وجلست فوق الفراش لتستمر دموعها في الانهمار بصمت فقد
أدركت الآن أنها خسرته كصديق قبل أن يكون حبيبا ! لم يمنحها الفرصة لإصلاح الموقف وآثر الفراق !
دفنت وجهها بين راحتي كفيها وراحت تبكي بحړقة هاتفة پألم
داخل منزل نشأت الرازي
ملأ المنزل صوت رنين جرس الباب فقادت منيرة خطواتها السريعة للباب حتى تفتح للطارق وعندما وصلت وامسكت بالمقبض لتديره وتفتح قابلت أمامها أسمهان اضطربت وتعجبت للحظة قبل أن تهتف بخفوت
_ أهلا وسهلأ يا أسمهان هانم
_ نشأت موجود في أوضته فوق
ترددت الخادمة في باديء الأمر في الإجابة لكنها ردت بالأخير في إيجاب
_ أيوة بس
لم تكمل جملتها حتى وجدت أسمهان تدفعها برفق من أمامها لتمر وتقود خطواتها السريعة للدرج قاصدة الطابق الثاني وتحديدا غرفة نشأت فهرولت خلفها منيرة محاولة إيقافها وهي تهتف
توقفت أسمهان على حين غرة والتفتت لها برأسها تهتف في نظرات شرسة ومنذرة
_ الأفضل ليكي إنك تنزلي وتكملي شغلك وملكيش دعوة ولو نشأت نايم أنا هصحيه
انكمش جسد منيرة خوفا منها والتزمت الصمت ثم تابعتها بعيناها وهي تتجه إلى غرفة نشأت ثم تفتح الباب وتدخل دون أي استأذآن ! ظلت مكانها واقفة بدهشة من تصرفات تلك المرأة المعتوهة ولم تجد أمامها سوى حل واحد فاستدارت بجسدها وأسرعت إلى الدرج تنزل شبه ركضا حتى تذهب للمطبخ وتأخذ هاتفها
تجولت أسمهان بنظرها بحثا عنه في أرجاء الغرفة الضخمة لكن لا أثر له حتى سمعت صوت باب الحمام الملحق ينفتح ويخرج منه وهو يدفن وجهه بين منشفة بيضاء صغيرة يجفف بها وجهه ويرتدي بنطال وتيشرت منزلي لا يناسب عمره أبدا !
حين رفع وجهه عن المنشفة ووقعت عيناه على تلك المتصلبة أمامه انتفض بزعر ولوهلة ظنها شبحا متجسد بهيئتها لكن ارتخت عضلات وجهه المتشنجة بعد لحظات وحل محلها الحدة وهو يقول
ابتسمت مغلوبة ثم تقدمت إليه بخطوات بطيئة متمتمة بسخرية
_ رغم السنين ومرضك إلا إنك لسا زي ما أنت يا نشأت متعجرف ومغرور
نشأت بصرامة
_ عرفتي بمرضي إزاي !
ظلت تتطلع إليه مبتسمة ببرود حتى باغتها بصيحته العڼيفة
_ أسمهان عرفتي إزاي !!!
_ إنت مستهون بيا ولا إيه متنساش إني أسمهان الشافعي
هدر بنفاذ صبر وخنق
_ عايزة إيه
أسمهان مبتسمة ببساطة
_ ولا حاجة جيت اطمن عليك بس
قهقه بقوة وقال مستنكرا جملتها
_ طيب قولي حتى سبب مقنع عشان يخيل عليا هو إنتي بيهمك حد غير نفسك يا أسمهان
_ يهمني طبعا ولادي أهم حاجة عندي
ابتعد عنها وهو يضحك ليجلس فوق فراشه ويجيبها
بقسۏة
_ أشك إنك بتحبيهم أساسا أو تعرفي يعني أمومة
التهبت نظراتها من الڠضب واندفعت نحوه ثائرة تصيح به
_ ده جزاتي إني جيت اطمن عليك رغم كل اللي عملته معايا زمان
مد يده يلتقط وعاء المياه الزجاجي ويسكب في الكوب الصغير ثم يمسك بالكوب ويرفعه لشفتيه ليشربه كله دفعة واحدة وينزله ثم يهتف ببرود مستفز
_ أنا معملتش حاجة إنتي اللي اخترتي الشافعي عشان الفلوس والمنصب
أسمهان بعصبية
_ وإنت محاولتش تفهم مني أي حاجة وروحت واتجوزت
تطلع بعيناها في ثبات وقال باسما بصدق
_ومندمتش للحظة إني اتجوزت ريهام ست فعلا تستاهل الحب وكل حاجة عملتها عشانها وقدرت تخليني احبها بكل سهولة ولغاية دلوقتي فراقها صعب عليا ومش قادر اتقبله
ابتسمت تتصنع الازدراء وعدم المبالاة على عكس نيران الحقد والغل التي تملأ صدرها وفورا تفاقم نقمها لجلنار أكثر حين تذكرت أنها ابنة تلك المرأة فرمقت نشأت بغل وقالت في تحذير
_ ابعد بنتك عن ابني يا نشأت بدل ما أبعدها أنا بطريقتي
أظلمت عيناه وطال نظره المخيف إليها حتى وجدته يثب واقفا ويثور عليها پعنف وقسۏة ثم يقبض بيده على فكيها ويرمقها شزرا هامسا
في لهجة مرعبة لا تحمل المزاح أبدا
_ بنتي خط أحمر يا أسمهان اقسم بالله لو لمستي شعرة واحدة بس منها وإنتي عارفة إني أعملها وعارفة نشأت الرازي لما يقول كلمة بينفذها ولا لا
للحظة خشيته قليلا لكن سرعان ما استعادت شجاعتها ودفعته بعيدا عنها بقوة تجيب ببأس وثبات
_ وأنا مش بتهدد يا نشأت
أنهت عبارتها واندفعت لخارج الغرفة ورحلت تماما بينما هو فبقى يحدق بأثرها في قرف واشمئزاز ليلفظ من بين شفتيه لفظ بذيء وصفها بها فور مغادرتها !!
توقفت أمام الطائرة الصغيرة الخاصة به وراحت تنقل نظرها بينه وبين الطائرة ببعض الدهشة وعدم الفهم ثم هتفت بجدية
_ عدنان اظن لغاية كدا وكفاية أوي ممكن تقولي بقى احنا هنروح فين !
ابتسم
لها بلطف وغمغم
_ طيب اطلعي وهقولك فوق على الطيارة
أمسك بيد ابنته التي كانت تضحك بسعادة بعدما أدركت أنهم سيحظون برحلة مميزة