امرأة العقاپ لندى محمود
وأخذت تتابع النساء من حولها
أغلبهم بطنهم مرتفعة وبجوارهم ازواجهم يتحدثون معهم إما بمرح وضحك أو بجدية
والبعض الآخر منهم يجلسون مع أزواجهم بصمت تام ويبدو الفتور على الرجال وكأنهم مجبورين على تلك الزيارة الطبية مع زوجاتهم
عيناها وقعت بتلقائية على ثنائي يجلسون على مقعدين منعزلين فرأت الزوج يحمل ابنته فوق فخذيه ويداعبها ويشاكسها بمرح وحب وبجانبه زوجته تتابعهم مبتسمة بحنو وتضع يدها فوق بطنها المرتفعة تتحسسها بلطف وهو بين آن والآخر
_ دورك لسا مجاش
التفتت برأسها له مذهولة وسألت
عدنان بضيق ملحوظ
_ كان المفروض إنك انتي تقوليلي مش تسأليني عرفت إزاي
جلنار بخفوت وصوت قوي دون أن تنظر له
_ قولت يمكن تكون مش حابب تيجي يعني محبتش
اضغط عليك
ثبت نظر الثاقب بقوة داخل عيناها وقال بنبرة غريبة لكنها جميلة ومختلفة
_ وأنا مفيش حاجة عندي أهم منك إنتي وهنا وابني اللي جاي خليكي فاهمة ده كويس أوي
بعد مرور ساعة خرجوا من غرفة الطبيبة وغادروا المبنى فتحركت جلنار تجاه سيارتها لكنه اوقفها بصوته الرجولي المريب وهو يقول
_ رايحة فين تعالى هوصلك
_ مفيش داعي أنا همشي في عربيتي ومعايا السواق هيوصلني
_ اركبي ياجلنار يلا متخلنيش اتعصب
تأففن بصوت مسموع ثم سارت نحوه مجبرة وفتحت باب المقعد المجاور له لتستقل بجانبه وهي تزفر بخنق فتسمعه يقول بسخط
_ من غير قلبة وش كنت منتظرة ايه مثلا اسيبك تركبي مع سواق وأنا موجود
جلنار بغيظ
_ والسواق ده مش حد غريب
_ بنسبالي حد غريب وأنا مش بطمن على مراتي وولادي مع أي حد
تمتمت بصوت خفيض في مضض
_ لا مهتم أوي ماشاء الله !
_ بتقولي حاجة !
جلنار بنبرة مقتضبة
_ لا ما بقول حاجة وياريت متلكمنيش بالاسلوب واللهجة دي تاني أنا عديتها وسكت بمزاجي على فكرة
عدنان ساخرا
_ بجد والله كنتي هتعملي إيه يعني !
_من غير ما أعمل احنا أساسا اتطلقنا وانت ملكش حق تكلمني بالطريقة دي وتتحكم فيا
ضغط على قبضة يده بغيظ هادر واردف جازا على أسنانه يحاول تمالك أعصابه
_ متفضليش تكرري الكلمة دي قدامي وتنرفزيني عن عمد
_ وتتنرفز ليه ما دي الحقيقة إننا اتطلقنا ولا أنا قولت حاجة غلط !
عدنان منفعلا وبنبرة صوت عالية
_ وأنا رديتك لعصمتي ياجلنار
نهاية الفصل
_ الفصل الواحد والسبعون _
ثم تحرك ووقف خلفها ليرفع يديه ويفك عقدة الشريط حول رأسها ثم ينزعه عنها لتفتح هي عيناها وتتجول بنظرها حولها مذهولة وبعينان متسعتان على أخرهم من فرط الصدمة
استقرت عيناها على تلك اللافتة الضخمة المدون فوقها دار الرحمة والمبنى المصمم بالطريقة العصرية والوانه جميعها مبهجة وجميلة تماما كما تمنت ! كل شيء مصمم كما رغبت هي به كأنه توغل داخل علقھا وقرأ أفكارها وتخيلاتها وصممها لها فوق أرض الواقع !
لطالما حلمت وتمنت أن تمتلك دار للأيتام تأوي فيه أطفال الشوارع المشردين وتعطيهم فرصة لحياة أخرى وجديدة بدلا من تلك التي سلبت منهم
_ كل اللي جاي ليكي وبس يارمانتي تتمني أي حاجة بس وأنا انفذها لو طلبتي نجمة من السما مش بعيدة عليكي
زاد انهمار دموعها فوق وجنتيها بصمت لتلتفت له وتطالعه بعشق وامتنان لأول مرة يراها تتطلعه بهذا الشكل لم يكن الحب الذي بعينها كأي مشاعر سابقة شهدها منها مختلفة حتى في ابتسامتها التي شابهت طفلة صغيرة أو بالأدق كطفلتهم تماما حين تستحوذها السعادة
ألقت بجسدها عليه وعانقته بحرارة وتركت العنان لشهقاتها حتى يرتفع صوت بكائها أكثر وتجيبه بصوت مبحوح
من فرط البكاء
_ أنا لو هتمني حاجة تاني من ربنا هي أنه يخليك ليا ياعدنان
_ ويخليكي ليا ياحبيبتي إنتي وهنا وابني اللي جاي في الطريق
ابتعدت عنه ورفعت يديها تجفف دموعها لتهمس له باسمة بتعجب
_ أنت دايما بتتكلم عنه بصيغة الذكر إيه عرفك إنه هيكون ولد
ضحك ورد بثقة غامزا وهو يمد كفه ليتحسس بطنها
_ احساس قوي بيقولي إنه هيكون ولد
رأت في عيناه رغبته ولمعته المختلفة التي تعبر عن أنه يتمنى أن يكون الطفل الثاني لهم صبي فابتسمت وتمتمت بعدما مالت عليه ولثمت وجنته برقة
_ أن شاء الله يكون ولد ياحبيبي ويبقى شبهك كمان
دنى منها ولثم جانب ثغرها بحب ثم أردف بجدية امتزجت بحماسه
_ طيب تعالي يلا افرجك على الدار من جوا
لمعت عيناها بتشويق مماثل له وهتفت بفرحة غامرة
_ يلا
حتى سمعت جملته التي أخفت ابتسامتها فورا
_ الفترة اللي كنت بغيب فيها الليل كله عن