السبت 28 ديسمبر 2024

فإذا هوى القلب لمنال سالم

انت في الصفحة 64 من 79 صفحات

موقع أيام نيوز


تستعيد شريط ذكرياتها سريعا 
ۏفاة والدها الذي أحبته حبا جما وصډمتها الكبرى لرحيله المفاجيء 
رغبتها في زيارة عمتها والتودد إليها لتعيد صلة الرحمة وحبائل الود مع عائلتها بعد تلك القطيعة التي دامت لسنوات 

ما تلاها من إلحاحها على والدتها في السعي لعلاجها 
ثم إستجابة أمها المتوفاة لرجائها وذهابهما للمشفى 
وهناك تلقت صدمة أخرى في عدم وجود علاج مناسب لحالتها اليائسة 
ورغم ذلك لم تستسلم وتعهدت لها بالبحث عن مركز أخر أكثر تخصصا 
لبت أمها رغبتها في مقابلة عمتها وتوجهت معها إلى منزلها حيث قدرها المحتوم 
تركتها بالأسفل لتصعد بشغف لرؤيتها لكن في لحظة واحدة إنهار كل شيء وتبخرت الآمال وتحولت حياتها إلى معاناة لا تنتهي 
انتي كويسة يا بنتي
أفاقت من شرودها الجامد على صوت الجارة خضرة التي وضعت كفها على ذراعها لتهزها قليلا بعد أن لاحظت الوجوم الذي حل عليها 
ضاقت نظرات أسيف واكتفت برمقها بنظرات أخيرة غير مفهومة بالنسبة لها قبل أن تتركها وتكمل هبوطها على الدرج 
أصبحت متخبطة للغاية في أفكارها مشاعرها غير مرتبة مزيج بين الڠضب والحنق 
هي أتت إلى هنا بدافع القرابة وصلة الرحم وفي المقابل تعرضت للمهانة والإساءة وخسارة الأعز إلى قلبها 
وصلت إلى المدخل حيث الأثاث الموثوق 
نظرت إليه بأعين حمراء مليئة بالحنق والضيق 
ضغطت على شفتيها بقوة وقاومت تلك الرغبة التي تعتريها لتحطيمه 
ظنت أنها تخطت تلك المرحلة الآليمة من حياتها لكن تعود ذكراها الموجعة دوما إليها لتنغص عليها هدوئها المؤقت 
شعرت بالإختناق بعدم قدرتها على التنفس بصورة طبيعية فركضت خارجة من البناية وهي تنتوي تنفيث تلك الشحنة المتأججة بداخلها 
هي عقدت العزم على الذهاب إلى حيث تتواجد عمتها الآن عليها أن تتواجه معها وتضع الأمور في نصابها الصحيح 
وقفت للحظات في مكانها حائرة هي لا تذكر الطريق إلى منزل عائلة حرب فسألت المارة عن عنوانهم وبالطبع لم تحتاج إلى أي مجهود للوصول إليهم فمكانهم معروف للجميع 
انتهى الجميع من تناول الطعام فنهضت نيرمين أولا لتجمع الصحون المتسخة عن الطاولة انزعجت جليلة من تصرفها قائلة بحرج وهي تشير بيدها 
اقعدي يا بنتي مايصحش كده
ردت عليها نيرمين بحياء زائف 
ودي تيجي بردك يا خالتي كتر خيرك تعبناكي معانا 
أضاف الحاج طه قائلا بإعجاب من تصرفات نيرمين 
ماشاء الله عليكي عرفتي تربي يا عواطف!
ردت عليه عواطف بابتسامة لبقة 
الله يكرمك يا حاج طه!
وقفت بسمة هي الأخرى في مكانها ورصت الأطباق الفارغة فوق بعضها البعض وقربتهم من أختها ثم تحركت للجانب قليلا 
اقترب منها دياب بحرص وهو يداعب رأس ابنه الصغير ثم همس لها بصوت التقطته أذنيها 
طبعا إنتي معفية من الخدمة 
رفعت عيناها لتنظر إليه بجمود وهي ترد بإرهاق 
كفاية عليا اللي بأشوفه في المدرسة 
مط فمه مبتسما ثم تابع بصوت خاڤت 
لأ ولسه اللي هاتشوفيه معانا هنا!
لم تفهم المقصد من جملته الغامضة تلك لكن نظراته نحوها أزعجتها إلى حد ما 
هي مدينة له بمعروفه معها ولم تنكر هذا لكن هذا لا يعطيه الحق للتدخل في شئونها أو فيما يتعلق بعملها 
لم يضف المزيد وتركها وانصرف مع صغيره للداخل 
وضعت نيرمين الصحون بالمطبخ ورفضت جليلة بشدة أن تقوم بغسلها  
أبعدت يديها عن المرحاض قائلة بنبرة محتجة 
والله ما يحصل ده انتي ضيفتي 
ردت عليها نيرمين بإلحاح

ده أنا في بيت خالتي يعني مش حد غريب!
ابتسمت لها جليلة بود وهي تربت على كتفها 
تسلمي يا حبيبتي روحي بس نشفي ايدك وشوفي بنتك 
تمنت نيرمين لو رأت غرفة منذر من الداخل لكن بالطبع تنفيذ تلك الرغبة بالأمر اليسير ومع ذلك لن تيأس من محاولة عرض المسألة بصورة طبيعية لذلك تحججت قائلة بحرج مصطنع وهي تخفض رأسها للأسفل 
طب ينفع يا خالتي أخش أي أوضة كده لأحسن الحمام مشغول و يعني عاوزة أساوي هدومي وأغير لبنتي و 
برقت عيناي جليلة بوميض عجيب وفكرت هي أيضا في استغلال الموقف لصالحها وجعلها ترى غرفة منذر فهي تود أن تقرب بين الاثنين بصورة أو بأخرى 
هزت رأسها بإيماءة كبيرة وهي تقول بإبتسامتها العريضة 
اه يا حبيبتي وماله ايه رأيك في أوضة منذر هو زمانته لبس! وهي تلاقيها فاضية!
تقوس فم نيرمين بابتسامة عابثة واعترضت بصوت خفيض 
لا مافيش داعي خليه على راحته 
تأبطت جليلة في ذراعها قائلة بإلحاح 
لالالا تعالي !
قاومت نيرمين في طربا لتحقيق حلمها وسارت ببطء متعمد لتظهر حرجها من الموقف برمته 
اقترب من مكتب الصول المسئول عن تسجيل المحاضر ووضع أمامه زجاجة مشروب بارد ثم استطرد حديثه متسائلا بمكر 
ايه أخبار المحاضر يا شاويشنا
نزع الغطاء عن الزجاجة وارتشف محتوياتها دفعة واحدة ثم تجشأ قائلا 
زي كل يوم فلان شتم وده سرق يعني تشكيلة محترمة!
هز المخبر رأسه بتفهم وهو يضيف 
أها مافيش راحة خالص!
رد عليه الصول قائلا بنبرة منهكة 
ايوه طالع عيني من الصبح!
حك المخبر جبينه بأظافره المتسخة قائلا بلؤم 
على كده كان في واحدة معرفة المدام شوفتها هنا كانت جاية تسأل عن محضر 
ضيق الصول نظراته إلى حد ما وهو يسأله باهتمام 
واحدة مين دي
فرك المخبر طرف ذقنه بيده وهو يجيبه بفتور 
هي اسمها أسيف بتقول حد سرقها!
حرك الصول رأسه بإيماءة واضحة وهو يقول 
أها افتكرتها البت دي ماهي اتنازلت عن المحضر خلاص!
ارتسمت علامات الذهول على وجهه وهتف بنزق 
اتنازلت انت بتكلم جد
تابع الصول موضحا وهو يمسح أسنانه بلسانه 
ايوه باينه بلاغ كيدي وخاڤت لأتقع في مشاكل وفضلت تسترجاني عشان 
شرد المخبر في تفكيره ولم ينتبه لباقي حديثه الغير مهم وحدث نفسه قائلا 
يا بنت اللذينة وأل أنا اللي كنت مفكرها جاية تسأل عنه أما أتصل بالريس منذر أبلغه بده!
ابتسم ابتسامة صفراء وأردف قائلا بتثاؤب وهو يلوح له بيده 
طب يا شاويشنا الله يعينك هاروح أنا أشوف اللي ورايا 
رد عليه الأخير باقتضاب 
ماشي!
ولجت نيرمين إلى داخل غرفة منذر حاملة رضيعتها على كتفها 
أوصدت الباب خلفها وتأملت المكان بنظرات مطولة 
تنهدت بعمق وهي تمرر أنظارها على متعلقاته الشخصية 
برفق شديد أسندت ابنتها على الفراش ثم اعتدلت في وقفتها واضعة يديها على منتصف خصرها 
تلفتت حولها بنظرات شمولية ممتعة عينيها بكل ما يخصه 
بدا الإعجاب ظاهرا على محياها وهي تقول لنفسها 
يا سلام لو كانت دي أوضتي!
اقتربت من خزانة ملابسه وفتحت ضلفته بهدوء لتتفقد محتوياتها
تحسست ملمس ثيابه بأناملها وقربت إحداهم من أنفها لتشم رائحتها ثم أعادتها إلى مكانها وأغلقت الضلفة بحذر 
انتفضت في مكانها مڤزوعة حينما رأته يفتح الباب على حين غرة 
تفاجيء منذر بوجودها وأخفض نظراته قائلا بعبوس 
لا مؤاخذة مكونتش أعرف إنك لسه هنا أمي قالتلي إن الأوضة فاضية 
تنحنحت بخفوت وهي ترد بتلعثم 
م معلش

كنت ب بأدور على مناديل اه مناديل لبنتي!
أشار لها بعينين جامدتين نحو المرآة قائلا 
هناك على التسريحة!
ابتسمت قائلة بحماس 
أها تسلم ومتشكرين على العزومة دايما عامر يا رب
استدار للجانب ليستند بمرفقه على مقبض الباب ورد عليها باقتضاب وهو يحك طرف أنفه 
العفو!
دنت من الفراش مجددا ومسحت وجه رضيعتها بالمنشفة الورقية قائلة بنعومة 
أنا خلصت خلاص معلش عطلتك يا سي منذر 
رد عليها بحذر وهو قاطب جبينه 
خدي راحتك!
ثم اتجه للخارج محدثا نفسه بامتعاض 
مش عارف دماغك بتفكر إزاي يا حاجة جليلة!
وصلت إلى المشفى غير مصدقة تلك المكالمة الهاتفية التي تلقتها من الحاج مهدي يبلغها فيها أن ابنتها في العناية المركزة تعاني من فقدان جنينها ومن انتقاص أنوثتها 
حدقت في أوجه ثلاثتهم بنظرات مشټعلة صاړخة فيهم بهياج 
مش هاسيب حق بنتي هادفعك التمن يا مازن 
رد عليها مهدي بتوجس 
بالراحة يا شادية الأمور ماتتخدتش قفش كده!
التفتت ناحيته صائحة بصوت هادر متعصب 
بقى حياة بنتي بالساهل عندكم 
ثم استدارت ناحية مازن لتوجه ټهديدها الصريح له قائلة 
هاتشوف أنا هاعمل ايه فيك هادخلك السچن 
نظر لها مازن پخوف بائن ولم يعلق على تهديداتها 
انزعج مجد من ثورتها الهائجة وظل يطالعها بنظرات خاوية 
توسلها مهدي بتوتر ظاهر في نبرته 
يا شادية اهدي كل حاجة وليها حل بس آ 
قاطعته بانفعال جلي ملوحة بذراعها في الهواء 
حل بعد ما ضيع ابنك بنتي!
في تلك اللحظة تدخل مجد في الحوار قائلا بصوته الخشن 
شوفي يا حاجة شادية شكلك نسيتي انتي بتتعاملي مع مين 
التفتت ناحيته وانفرجت شفتاها لتتفوه بشيء ما لكن أخرسها مجد قائلا بشراسة مشيرا بسبابته 
وقبل ما تفتحي بؤك وتنطقي بحرف زيادة اسمعيني للأخر!
توجس والده خيفة من تطور الأمر للأسوأ فأردف قائلا بتحذير 
بالراحة يا مجد
رد عليه ابنه البكري بتهكم دون أن يحيد بنظراته الحادة عن وجه شادية 
ده أنا واخدها على حجري خالص! 
استشاطت هي من استهانته بما صار لابنتها واستخفافه بالأمر فصاحت بصوت متشنج 
فكرك بالزعيق ده هاخاف منك يا مجد! يبقى انت متعرفنيش كويس!
رد عليها بنبرة غير مبالية وهو يبتسم باستخفاف 
الزعيق والصويت سايبينوه للنسوان!
احتدت نظراتها واصطبغ وجهها بحمرة مغلولة 
تابع هو قائلا ببرود مهدد 
بس خدي عندك بلاغ شرف هانقدمه في القسم ضد المحروسة بنتك!
اتسعت عيناها بإندهاش مريب وهتفت مصډومة 
ايه
تفاجيء مهدي بما صرحه ابنه وابتلع ريقه بقلق بينما تجمدت تعابير وجه مازن وبدا مشدوها بما يحدث من حوله عاجزا عن فهم أي شيء 
أوضح مجد مقصده قائلا بنبرة جافة مدعيا بالكذب 
جوزها راجع يا عيني من شغله بعد تعب وشقا طول اليوم قام ايه لاقاها 
برزت عروق جبين شادية بوضوح وصړخت مستنكرة إتهامه الباطل 
انت انسان ! أنا ورايا رجالة وصعايدة ياكلوا لحمك ني لو فكرت تفتري على بنتي!
فغر مجد فمه لتظهر ابتسامة واثقة مغترة وهو يرد بهدوء مريب 
هاتيهم يا مراحب بالضيوف بس تفتكري هايصدقوكي جوزها دمه حامي فاتعامل معاها وكله بالقانون!
ثم مال برأسه ناحيتها ليضيف بنبرة دنيئة وهو يغمز لها 
ده بالعكس يمكن يتصرفوا بطريقته ده ! يا حرام كله إلا !
دفعته من كتفه قائلة بعصبية 
إنت شيطان!!
هز رأسه مستنكرا عبارتها وصحح لها قائلا ببرود 
لأ عندك ده الشيطان تلميذي!
صدم مهدي

في تفكير ابنه الذي تبدل كثيرا للعدائية المفرطة بل وأصبح أكثر سوءا وخطۏرة على من حوله 
أكمل مجد حديثه بصوت آجش 
وعشان نكون حقانيين بنتك هتاخد حقها وهنديها فلوس تعويض مليون جنية كاش! 
وكأنه يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف فضغط بكلماته المنتقاة على وترها الحساس فشهقت بعدم تصديق بعد أن ارتفع حاجباها للأعلى 
م مليون جنية!
تفاجيء مازن من عرض أخيه الصاډم ورد مستنكرا حجم المبلغ النقدي الضخم 
ايييه ليه يعني
الټفت مجد ناحيته وحدجه بنظرات قوية محذرا 
ششش اسكت انت!
لم يستطع الحاج مهدي أن يفهم فيما يفكر ابنه تحديدا لكن على الأرجح هو يحاول شراء صمت شادية وابنتها بالأموال ليضمن سلامة أخيه الأصغر وعدم تعرضه للمساءلة القانونية 
أفاقت شادية من ذهولها المؤقت وترددت للحظة في قبول عرضه 
ابتلعت ريقها بتوتر وصاحت رافضة رغم تخبط فكرها 
عاوزني أبيع بنتي
صحح لها قائلا بجمود 
مش بيع ده تعويض مليون جنية عدا
 

63  64  65 

انت في الصفحة 64 من 79 صفحات