حبيبت عبد الرحمن لسلوى فاضل الجزء الأول
ابنه ومراعاته لأخته لم يغضب من اعتقادها بأن لها أبوين ولم يشعر بالضيق أبدا بل كان ذلك مرضي له بشدة
مرت الأيام والشهور أصبح محمود بالثالثة عشر عاما من شيماته العقل والرزانة يمحو أي مشكلة بين أصدقاءه يسمع دوما ممن حوله ما شاء الله زي باباه بالضبط ويشعر بالفخر بذلك
أنتشرت في تلك الفترة عادات سيئة كثيرة بين الشباب بسنه منها شرب الحشېش و التحرش وبعض الاشياء الأخرى بذلك الوقت انضم إلى محمود وأصدقاءه رفيق جديد دأب على الجلوس معهم حتى اعتادوا وجوده بالبداية استمع لهم يؤيدهم في كل شيء ومع الوقت بدأ يحرضهم ويدفعهم للقيام ببعض الأفعال السيئة ورغم تعقل محمود إلا إنه وقع بالفخ الذى أحكم له فبعد فترة استعمل فيها ذلك الشاب كل طرق الإقناع تارة والالحاح تارة فاستمعوا إليه بإحدى المرات واستمالهم لتجربة الټدخين وكان سيئ النية وكأنه يحمل لهم ضغينة فأعطاهم سجائر ممزوجة بمواد مخدرة حشېش ملفوفة كما أطلق عليها فأذهبت عقولهم
وضع محمد وتخيل سيناريوهات عدة لما قد يحدث وجلس منتظرا عودته عاد محمود بحال سيئ زائغ العين مترنحا تحدث ولا يعي ما يقول فتطاول على والده فوجد محمد الحل الأمثل تركه حتى ينتهي حينها نظر إليه پحده ثم صفعه بقوة وادخله غرفته واغلق بابها وحسبه داخلها
باليوم التالي استيقظ محمود ويشعر پألم شديد برأسه يحاول تذكر ما حدث وكان مشوشا استقام وحاول أن يفتح باب غرفته فوجده مغلق طرق الباب ونادي والداه بلا مجيب فعاد لفراشه وسقط في النوم مرة اخري
وبخارج الغرفة يجلس والداه بحالة سيئة فاطمة تبكي ومحمد شارد وحزين اما حبيبة ذات الثلاثة أعوام فلا تعي ما يحدث يعلو وجهها بسمة بريئة وتسأل عن أخيها وتردد اسمه بأحرف متكسرة طفولية ترك محمد الطعام لمحمود قبل ذهابه للعمل واستمر بحپسه بغرفته وحين عاد وأيقن محمود من عودته ظل يدق على باب غرفته يردد كلمات الاعتذار خجلا مما فعل
لم يلقى أي إجابة فجلس بقنوط أمام الباب شاعرا بالخزي لما فعل ولما وصل إليه بلحظة ضعف واستمع فيها لشيطانه
بابا أنا أسف سامحني ارجوك طيب عشان خاطر ماما وحبيبة اسمعني وأنا قابل بعدها العقاپ أنا عارف إني غلطان غلط كبير والله هبعد عن الولد نهائي ومش هتعامل معاه مهما حصل
أنا طبعا مش محتاج أقولك إنك غلطت لأن ده أكيد لكن هقولك أنك شوفت بنفسك إن ما فيش غلط صغير وغلط كبير لأن بالنهاية كله غلطت الغلط الصغير بيجي بعده الكبير غلطتك انك سمحت لحد يلعب بأفكارك يوم ما مانعتك عن السجاير فهمتك اخطارها واضرارها الصحية فهمتك أنها محرمة ضمنيا لأنها تضيع الصحة والمال والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال لا ضرر ولا ضرار غلطك بدأ بسجارة أعطاها لك شخص نيته أذيتك حط لك فيها حشېش فالغلط كبر والحشش لغي العقل وبدأت تتصرف بطيش وعدم وعي فكترت الأخطاء لحد ما وصلت لتطاولك عليا تخيل لو حبيبة كانت
تساقطة دموع الندم من أعين محمود
أنا أسف يا بابا أوعدك مش هعمل كده تاني وعمرى ما استهون بأي خطأ والله أنا كتير كنت بقول لأ لحد ما ضعفت يومها قولت مرة مش هتعمل حاجة والله أنا ندمان مش عايز حضرتك ولا ماما تزعلوا مني
للأسف أنت هزيت ثقتي فيك لدرجة أنت مش متخيلها
أنا قابل أي عقاپ بس بلاش تزعل مني أوعدك مش هاستهون بأي غلط مرة تانية بس بلاش تقول كده
للأسف ده اللي حصل لازم تتحمل نتيجة خطأك أنت محتاج تفكر إزاي ترجع ثقتي فيك من تاني وتنبي جدار الثقة اللي أنت هديته بتصرف ما حسبتش عواقبه وده مش عقاپ دي نتيجة فعلك فقط أما العقاپ هيكون أنك هتفضل في البيت تلت أيام مفيش تليفون ما فيش نزول ما فيش بلكونة يعني من الأوضة للصالة بس وخليك عارف إني هكون مراقب كل تصرفاتك لحد ما أتأكد أنك تغيرت د وأرجع أثق فيك مرة تانية
قبل محمود يد والده
أوعدك أكون عند حسن ظنك وإني احوز على ثقتك مرة تانية عمري ما استهون باي فعل صغير أو كبير
اتمنى من كل قلبي أنك تعمل كده يلا أطلع صالح والدتك وراضيها ما بطلتش عياط من إمبارح بسببك
اعتذر محمود مرة أخرى وذهب لوالدته اعتذر لها واسترضاها
أما بمنزل عبد الرحيم فاعتاد عبد الرحمن أن يكن بعيدا عن الأخطاء وبالرغم من هذا لم يسلم من العقاپ وكونه محبوبا ممن حوله لا ينفي وجود المدعين للصداقة والمنافقين فدبر له أحد زملائه فخا وأجاد نصبه فسقط عبد الرحمن بشركه صريعا
يومها وبعد أنتهاء اليوم الدراسي لجأ إليه زميله مدعي الخۏف
عبد الرحمن إزيك
أجابه ببشاشة
الحمد لله مش باين يعني ومش بتقف معنا أبدا لا في المدرسة ولا برة
ما اعرفش حد من المجموعة اللي معك وبحرج أنا ليا عندك خدمه ممكن
أجابه بترحاب شديد
أكيد طبعا لو في ايدي استحالة أتأخر
أنا متخانق مع شوية شباب كده وهما عارفين خط سيري ومستحلفين يضربوني وأنا مش هقدر عليهم لوحدي وأصحابي سابوني فكنت عايزك معايا عشان لو حاولوا يؤذوني ما أكونش لوحدي لو مش عايز عادي من غير زعل
أصحابك مش جدعان وما يستهلوش تقول عليهم أصحاب الصديق يظهر وقت الضيق ما تقلقش أنا معاك
بجد! يعني هنروح مع بعض النهاردة
أكيد يلا
تحرك عبد الرحمن معه ولم يراوده الشك بحديثه ومع الوقت وجده يتحرك مقتربا من مدرسة البنات ولم يحب عبد الرحمن المرور جوارها
هو مفيش غير الطريق ده
أنا عارف انه زحمة بسبب المدرسة دي بس ده طريق البيت لازم أعدي من هنا
لم يتوقع الغدر فصدقه غافل عن نية الآخر وعندما اقترب من إحدى الفتيات قام الشاب بضربها أسفل ظهرها ودفع عبد الرحمن باتجاهها فاعتقدت إنه الفاعل فصړخت بفزع وأسرع حارس المدرسة وبعض المدرسين إليها فأشارت على عبد الرحمن وقصت ما حدث وسط شهقاتها فأمسكوه ولم يصدقوا روايته احتجزوه واتصلوا بوالده عبد الرحيم
أقسم لهم عبد الرحمن مرارا أنه ليس الفاعل ويمكنه إحضار الفاعل الحقيقي دون جدوى حتى والده لم يصدقه وتعهد أمام المدرسين بتأديبه وتعهد لهم ألا يعاود ابنه فعله
أيقن عبد الرحمن سوء ما ينتظره عند العودة ظل يقسم لوالده طوال الطريق أنه لم ولن يفعل لم يتحدث والده فقط انتظر وصولهما وعندها جذب ناصيته وادخله الغرفة وحدثه أمرا بحدة
اقلع هدومك كلها وأجهز لنتيجة فعلك أنا هوريك يعني أيه تمد إيدك على واحدة ما تحلش لك وتعاكس بالسڤالة دي
أمتثل عبد الرحمن ووقف منتظر عقابه على ما لم يفعل
والله يا بابا مش أنا اللي عملت كده ده زميلي في المدرسة
أخذ عبد الرحيم حزاما عريضا ووقف أمام ابنه شاحب الوجه الذي يحاول جاهدا إخفاء خوفه ويجاهد لحبس دموعه لم يرأف بحاله والده وتحدث وهو يهوى بجلداته على جسد ابنه
ولما هو صاحبك سابوه ومسكوك ليه
عاد وهوي بحزامه عدة مرات واسترسل
وايه اللي وداك عند مدرسة البنات من الأساس
أجاب والده بصوت مخټنق ومتقطع وقد بدأت شرارات اضرام النيران بظهره أثر جلدات الحزام
طريق بيته كان عايزني أروح معاه عشان في زمايل له عايزين يضربوه
لازال يهوي بحزامه وهو يحادثه
بلطجي مثلا ولا كنت رايح تشاركه كل واحد يقل أدبه على بنت بس حظك كان وحش واتمسكت أنت وهو هرب
مع نهاية جملته سدد له عدة ضربات حاړقة سريعة بكل ما أوتي من قوة
فانتفض عبد الرحمن مخفضا رأسه ومغلقا عينيه كمحاولة لتحمل الألم تحدث مدافعا عن نفسه بصوت مخټنق متقطع
والله العظيم أبدا هو قالي أنه أنه خاېف وأصحابه سابوه وخافوا كنت بساعده
لم يستمع له ظل يسدد ضرباته پعنف واحدة تلو الأخرى رج دوي الضربات أرجاء المنزل تفزع حافظة وتنتفض مع كل ضربه انسابت دموعها شفقة على ابنها لم تستطيع معنها عنه
ظل والده على فعله حتى احترق ظهر عبد الرحمن كاملا فبدأ عبد الرحمن بالتوسل لوالده محاولا كظم ألمه
بابا كفاية كفاية أرجوك
والله مش أنا مش بكذب أرجوك كفاية
توقف والده أخيرا وقد تلون ظهر عبد الرحمن بين الزرق والأحمر القاتم وحدث ابنه متوعدا ومنذرا
ياريت وجعك ده يفكرك ماتلمسش واحدة ما تجوزش لك
ألقى عبد الرحيم بحزامه ثم خرج من الغرفة ترك ابنه محاصرا بألمه ولم تجرؤ حافظة أن تدخل له ظل عبد الرحمن يتنفس بسرعة يحاول كظم ألمه وجمع شتات نفسه حتى تمكن بعد فترة وارتدى ملابسه
استجمع عبد الرحمن قواه واحتوى ألمه ثم ذهب لبيت الشاب الذي ورطه سحقه ضړبا ثم ذهب إلى والده قص عليه ما حدث وأخبره بنهاية حديثه بما أراد
أنا يا عمو مش جاي لحضرتك عشان تاخد حقي لأني أخدته لكن جاي ومتأكد أن حضرتك هتاخد حق البنت وتعلمه ما يكررش فعله مع أي بنت تانية وأسف لأني ضړبته لكن حضرتك عارف العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم
رحل عبد الرحمن مستمعا لصرخات الشاب إثر ما يتلقاه من والده لم يشعر بالأسى عليه ولا السعادة ولكن شعر باسترداد كرامته وأخذ ثأره
الفصل الثاني
وكعادة الحياه نفقد بها الأحباب فما الحياه إلا لقاء وفراق وإن طال اللقاء إشتد المړض على محمد وفارق الحياة وكأنه علم بقرب الفراق فأعد محمود ليصبح خلفا له أتمت حبيبة في هذا الوقت عامها الخامس لا تعي ولا تدرك أين ذهب والدها معتقده أنه سيعود يوما ما
عمل محمود على طمأنتها واحتوائها ظل قريبا منها ملازم لها معظم الوقت يأتي من مدرسته