حبيبت عبد الرحمن لسلوى فاضل الجزء الأول
تعجبه فمحمود لم يتركها يوما منذ رحيل والده وبذات الوقت شعر بالضجر منه متسائلا لما لم يرافقها كعادته! ألا يخشى من وقوع أي ضرر أو أذى عليها! لاحظ اسراعها وتوترها كمن تخشى أو تهاب أمرا تابعها قلقا فوجد من يلاحقها لم يمهل نفسه وقتا للتفكير فأسرع إليها ولحق بها وجذبها خلفه مطمئنها بكلمات معهودة
للمسته وقع عليها لم تخشاه أو تخافه ولكن أقشعر جسدها بل قلبها لم تفهم معنى تلك القشعريرة ولكن نبض قلبها وهدأ خوفه بل شعر بالأمان دبت بها نشوة لا تفهمها فتعجبت من أمرها تابعته وهو يوسع الآخر ضړبا حتى فر من أمامه خائڤا وحين إلتف إليها اخفضت مقلتيها خجلا
رفعت وجهها ناظرة إليه فاسترسل مشدوها
ما شاء الله تبارك الله خلق فأبدع
إحمر وجهها خجلا وبتلك اللحظة وصل محمود تتصارع أنفاسه كمن كان يعدو لمسافة طويلة اتجه نحوها مرتابا ومتسائلا
حبيبة حصل أيه أنت كويسة
انتبه لوجود عبد الرحمن فتسائل متوجسا
عبد الرحمن! حصل أيه
واحد كان ماشي وراها يضايقها ما تقلقش أنا قمت بالواجب ما تسبهاش لوحدها تاني الناس مابقتش زي الأول واختك ما شاء الله فيها الطمع
أنت كويسة
أومأت مطمئنة إياه واسترسل هو
عبد الرحمن ضايقك في حاجة
نفت بصمت فتابع حديثه
أنا اسف يا حبيبة الطريق زحمة والمواصلات صعبة أنا حتى سبت بسمة عند الدكتورة حوصلك وأرجع لها
لا أبدا مستحيل نكون أصحاب عمرنا ما اتفقنا ولا هنتفق لو قابلتيه تاني ما تتكلميش معاه
صمتت وتملكها الضيق ولا تعلم السبب وحاولت ألا تظهر ذلك
الفصل الثالث
مرت عدة أيام ولم تنسى حبيبة ما حدث تلاحقها ملامح عبد الرحمن وابتسامته تشعر بلمسته وتبتسم كلما تذكرتها لم تفهم إحساسها الذي داهمها حينها فكرت كثيرا في معناه
وكطبيعة الأيام تمر سريعا وضعت بسمة توأما ذكرين واكتملت أخيرا سعادتها كانت محمود جوارها
أجابته بوهن
الله يسلمك يا حبيبي شوفتهم حلوين إزاي شبهك
ابتسمت والدتها بحب
يتربوا في عزك يا ابني هتسموهم أيه
محمد و أحمد اسماء الرسول صلي واسم بابا الله يرحمه يارب يكون لهم نصيب من اسمهم يكونوا في اخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام وصفاته ويكونوا زي بابا في حكمته وتفكيره أيه رأيك يا بسمة
رغم مرور فترة ليست بقصيرة على لقاء عبد الرحمن بها وإنقاذها إلا أنه لم ينسى تعابير وجهها وحمرة الخجل التي غزته وزادته جمالا وتمنى أن يعاونه القدر من جديد ليتحدث معها ويراها عن قرب لم يفكر بسبب شغفه بها أو لم يرد وكأنه يستبعد أن يحب ويهوى لم يمل مراقبتها يوميا أثناء عودتها ومحمود مكتفي بتلك الحظات البسيطة لتكون أيكونة يومه يحلم بها مستيقظا
لم يختلف حالها عنه كثيرا ولم تستطع كتم ما حل بها شعرت بحاجة ملحة لأن تتشارك سرها فحكت لصديقتها سما وأخبرتها بما حل بها
هو ده اللي حصل
بس كده ومن يومها فاكرة اللي حصل
أيوة كأنه حصل من شوية نفسي أفهم اللي بحسه ده إيه اسمه أيه أكيد لو ماما كانت عايشة كانت فهمتني
يكونش ده الحب من أول نظرة بصراحة مش عارفة طيب أسأل ماما
لأ أوعي يا سما أنا حكيت لك لأني مش قادرة أسكت ھموت واطلع اللي جوايا ومش قادرة أتكلم مع محمود
خلاص والله مش هقول لها حاجة
بس عارفة أنت تقريبا بتتكلمي عن أستاذ عبد الرحمن مدرس اللغة العربية اللي أعرفه أنه أكبر من محمود أخوك شوية بس ده كبير يا حبيبة يعني الفرق بينكم كبير قوي
ابتسمت بوهن
مش فارق أكيد هو مش فاكر حاجة ومش في باله أنا كمان مش عارفة اللي بحسه ده أيه مشاعر ملغبطة زي البنات اللي بيحبوا ممثل يعني صورة شخص وركبت عيها أي إحساس نفسي أعيشه
تفتكرى!! طيب أنت شوفتيه بعدها
أومأت نافية فربتت سما على ظهرها ولم تجد قولا مناسبا
أنتهى العام الدراسي قدمت حبيبة أوراقها بكلية التربية وقبلت بها أرادت بداخلها أن يجمعها به ولو نفس الدراسة فلم تستطع حجب صورته عن ذاكرتها ولم تقوى على عدم التفكير به تحلم بما حدث يتردد على مسامعها جملتيه ما تخافيش أنا معاكي و ما شاء الله تبارك الله خلق ففابد تسال نفسها دوما
يا تري هو حاسس باللي أنا حاسه به ممكن يكون فاكرني لحد دلوقتي! ولا نسيني أول ما الټفت عني يا رب اللي حصل كان من شهور وأنا مش عارفة أنسى وخاېفة ومش فاهمة يا رب
لم ينعم عبد الرحمن برؤيتها كثيرا وانقطع الاتصال البصري بها بعد ان اشترى محمود سيارة تقيهم زحام المواصلات العامة وتعبها فحرم رؤياها من شرفته جن عقله وكاد أن يذهب فكر بطريقة لرؤياها خطړ بباله زميل قديم يسكن بالقرب منها وكانت حجة مقبولة ليذهب هناك ربما ناصره القدر ويمكنه من رؤياها
اعتادت حبيبة القراءة بالشرفة رقص قلبه فرحا وخفق بقوة حين رأها وارتاح من عڈاب اليومين السابقين وقد عاونه القدر كرر فعلته كلما أشتاق إليها ولكنه عدل عنها بعد حين خوفا عليها وعلى سمعتها إن لاحظ أحد
حاول دائما معرفة أخبارها وعلم التحاقها بكلية التربية وسعد كثيرا ومنى نفسه أن تتملكها رغبة مثل التي تملكته وحپسها عن الجميع خصوصا والدته ولكن عاد وتملكه اليأس مواجها نفسه بما توقعه
أكيد يتهيأ لي دخولها نفس الكلية ما لوش أي معنى وأكيد مش فاكراني فوق يا عبد الرحمن فوق كده وأصحى حاجات كتير تمنع اللي بتفكر فيه محمود استحالة يقبل بك أنت وهو مش بطيقوا بعض من زمان ولا حتى باللعب غير فرق السن دول ١٢أو ١٣ سنة يعني سنين طويلة وماما آااااه حافظة وأمنيتها هتعمل فيها كتير وأنا مش هتحمل يتعمل فيها كده فوق يا عبد الرحمن كل حاجة بتقول ما ينفعش اقرب منها لازم أبعد أبعد كتير على قد ما أقدر
مرت أربعة أعوام لم يستطع عبد الرحمن نسيانها سأل نفسه خلالها هل تبادله إحساسه وإن تقدم لها هل سيقبل محمود أستتركه حافظة يحيا كما يريد يضيق صدره بكل مرة فبحديث العقل النتيجة تقتله يجيبه عقله بالنفي على جميع ما طرحه من أسئلة
واجه نفسه وسألها بهذه اللحظة ماذا يريد هو بحياته
أيكمل فعل والده أيمكنه تأديب حبيبة إن جمعه بها القدر أيستطيع ضربها فحقا غريب ما يشعر به فهو لا يريد وبنفس الوقت بداخله رغبة تحثه على التجربة وتذوق تلك الهيمنة أن يملك حق الحساب والعقاپ رغبة توجهه وتحثه للتجربة تخبره كحافظة أن تلك هي السعادة صدم من نفسه وشعر وكأنه شخصين متنافرين
طوال تلك السنوات تلح حافظة عليه ليتزوج وما أن أقبل على عامه الثاني والثلاثون باتت تلح بإصرار لا تقبل التأجيل والتسويف ضيقت عليه الخناق لا يجد مفر وكلما فكر بحبيبة تراجع خوفا عليها من نفسه ومن والدته
بهذا التوقيت انتقلت إلى مدرسته معلمة جديدة حسناء تصغره بعامين تشبه بملامحها حبيبة وكأنها توأمها تزيد عنها طولا محجبة كلما رآها عبد الرحمن أمعن النظر بها دون شعور منه يحصي جوانب اختلافها عن حبيبة ينتبه لفعله حين يرى احمرار وجهها خجلا فاعتقدت هي إنه أعجب بها اما هو فنما داخله سؤالا أيعوضه الشبه عن وجود حبيبة بحياته! ومع ضغط والدته قرر الارتباط بها وحين أخبر والدته عنها رحبت بحفاوة بعد أن علمت ظروفها وانها يتيمة الأب
وبعدين يا عبد الرحمن أنت لازم تتجوز العمر بيجري أنت مش صغير عندك ٣٢ سنة هتتجوز امتي وتخلف امتى
تحدث وهو شبه شارد لا يعلم ما سيفعله خطأ أم لا
في عروسة بفكر اتقدم لها ومتردد
بردوا مش أي عروسة تنفع قولي متردد ليه وهي مين
زميلتي في المدرسة اتنقلت قريب أصغر مني بسنتين
يعني ٣٠ سنة وما اتجوزتش لحد دلوقتي ليه كده دي فاتها قطر الجواز تقريبا
سألت وعرفت أنها يتيمة الأب وأمها ربة منزل ومعاش والدها بسيط ملاليم وده اللي أخر جوازها لأنها مش هتقدر تجهز نفسها
ابتسمت باتساع فها هي وجدت ضالتها
عادي يا عبد الرحمن الفقر وضيق الحال مش عيب خد عنوانها وحدد معاد مع أمها نروح نخطبها والجواز على طول كفاية تضييع وقت
لم يكن ترحيب حافظة ودفاعها من جانب إنساني ولكن ما علمت عنها سيكسرها ويجعلها تقبل ما تريد مرغمة أما عبد الرحمن فظن ان ما يجذبه لحبيبة هو هيئتها وها هو وجد شبيهتها وتقبل بكل ما يريد ورغم ذلك حدثه قلبه بخطأ ما يقدم عليه ولكن في ظل ترحيب حافظة لم يستطع التراجع أصرت والدته الإسراع بإتمام الزواج وكل ما سيطر عليها دورها المرتقب الذي حلمت به كثيرا أن تلبس ثوب حماتها وأن تكن المحفزة لتأديب زوجة ابنها ولن تجد أفضل من حسناء بظروفها لتتقبل ما تنوي دون أن تجد من يؤازرها
كانت حبيبة حينها بعامها الأخير بكليتها وتزامن زواج عبد الرحمن بأزمة والد سما الصحية وتأخرت حالته وتدهورها فأعادت لها ذكريات فقد والديها وأصبحت في قلق مستمر ان تفقد صديقتها والدها فدخلت بحالة اكتئاب ووصلت لأقصى حدتها حين علمت بخطبة عبد الرحمن وقرب إتمام زواجه لم تعد تقوى على المذاكرة وثقلت حركتها لا تقوى على مواصلة واستئناف حياتها تذهب للكلية مضطرة كي لا تزعج محمود وتتغيب عنها كلما وجدت سبب مقنع
تحيا بلا روح أو حياة حتى حدث ما ألم قلبها وأحيا ذكريات الفقد ووجعه ففي أحد الأيام تأخرت سما عن محاضراتها وانقبض قلب حبيبة فاتصلت بها لتطمئن على والدها واخبرها صوت بكاء سما واصوات العويل بأن الفراق حان وأصبح واقعا ماټ والد صديقتها والذي كانت تراه كوالدها تجددت ألآم الفراق وحدته
عادت من الجامعة مسرعة لتكون بعون صديقتها والأصعب من تجدد ذكريات الألم هو معايشة ألم جديد قاټل فاليوم موعد حفل زفاف عبد الرحمن وتم تعليق الزينة والأنوار شعرت بوخز بقلبها وألم كاد ان يمزقها بمرورها أمام بيته
وقف عبد الرحمن من يشرف على التجهيزات غافلا عن