نفوس قاسېة..بقلم منى أحمد حافظ..الجزء الثالث.

على مقعد مكتبه ډافنا رأسه بين كفيه وهو يهمس.. انتى فين يا سهر ضيعتى منى فين وضيعتى عمرى وراكى.
طرقت هدى باب شقة سهر ففتحت صفية لها. فنظرت هدى لها وابتسمت وقالت.. السلام عليكم يا طنط صفية حضرتك عاملة إيه النهاردة.
ابتسمت صفية لهدى وقالت.. الحمد لله يا بنتى انتى عاملة إيه ووالدتك أخبارها إيه.
أجابتها هدى برقة وقالت.. الحمد لله بتسلم على حضرتك كتير إنما فين سهر كنت عاوزة استلف منها رواية الأم العذراء.
ابتعدت صفية عن الباب وهي تقول..ادخلى يا هدى هي قاعدة ف البلكونة.
دخلت هدى وهي تنظر أرضا بخجل وتوجهت إلى البلكونة فشاهدت سهر شاردة تنظر للبحر فقالت وهي ټحتضنها من الخلف.. سرحان فايه يا جميل.
هبت سهر وهي تصرخ وترتعد خوفا ونظرت لهدى وعيناها مليئة بالذعر فتفاجأت هدى من ردة فعل سهر وتراجعت لتجد صفية تدخل بسرعة وتضمها لصدرها قائلة.. أهدى يا بنتى دى هدى بتهزر معاكى.
تنهدت سهر وهي تتشبث بحضن صفية وابتعدت ببطء وصدرها يعلو ويهبط بحدة فزدادت دهشة هدى وقالت.. أنا آسفة والله مكنش قصدى أبدا اخضك بالشكل دا سامحينى يا سهر.
حاولت سهر تمالك نفسها ورسمت ابتسامة باهتة على ملامحها لم تصل إلى عيناها وقالت بتعب.. معلش يا هدى أنا اللي أسفة كنت سرحانة تعالى ندخل جوا مټخافيش محمود فالشغل ولسه وقت على ما يرجع يعنى هتبقى براحتك.
أحمر وجه هدى ودق قلبها بقوة حين سمعت اسم محمود وحاولت إخفاء احساسها وخفضت عيناها لتتنهد بحزن وتدخل خلف سهر وصفية فقالت وهي تجلس بجانبها.. أنا كنت جاية أخد الرواية وهطلع على طول علشان ماقولتش لماما انى هتأخر كمان علشان خالى جاى من القاهرة وطالب كيكة شيكولاته مخصوص فعملها له.
ابتسمت سهر وقالت.. طيب خليكى شوية أنا هتصل بطنط وأقولها إنك قاعدة معانا شوية ولا إيه يا خالتى.
نظرت سهر لصفية وغمزت بعيناها فحدقت فيها صفية ثم ابتسمت وقالت.. تصدقى معاكى حق يا سهر.
واقتربت من هدى وربتت على ظهرها بحنو وقالت.. على ما سهر تجيب لك الرواية هعمل لنا شاى وادوقك كيكة سهر ونشوف بقى عمايلك ولا عمايل سهر.
ابتسمت هدى بخجل فأستئذنتها سهر ودخلت إلى غرفتها وهي تنظر للساعة وجلست على فراشها تحتضن الرواية وتنتظر.
دخل محمود إلى الشقة وهو ينادى.. يا صفصف يا قلب محمود يا سهر أنتم فين.
صمت محمود حين شاهد هدى تقف بارتباك وتنظر للأرض فقال.. ازيك يا انسة هدى.
همست هدى بصوت منخفض مرتبك وقالت.. الحمد لله ازى حضرتك.
استدار محمود عنها وقال.. الحمد لله إنما الجماعة فين وسيبينك لوحدك كدا.
أجابته هدى وقالت.. طنط فالمطبخ وسهر بتجيب لي رواية.
الټفت لها محمود وقال.. طيب اتفضلى اقعدى واقفة ليه.
واستئذن منها وهو يدخل إلى غرفة أخرى فتعجبت هدى لما لم يدخل إلى نفس الغرفة التي دخلتها سهر لتفيق على صوت صفية يقول.. اتفضلى يا بنتى اومال انتى كنتى بتكلمى مين.
أجابها محمود وهو يخرج من غرفته.. بتكلمنى أنا يا أم محمود أومال فين سهر.
أشارت صفية إلى الغرفة وقالت.. جوا يا حبيبى.
استئذن محمود منهم وطرق باب الغرفة ودخل فشعرت هدى بالغيرة فوقفت فجأة وهي تشعر بالم وقالت.. أنا هطلع علشان الحق أخلص الحاجة قبل خالى ما يوصل وهبقى أنزل وقت تانى أخد الرواية أبقى سلمى لي على سهر يا طنط.
خرجت سهر وخلفها محمود لتقول سهر بارتباك.. معلش اتأخرت عليكى أصل مكنتش لاقية الرواية اتفضلى يا هدى.
أخذت هدى الرواية وغادرت مسرعة مغمضة عيناها عن قرب محمود من سهر بتلك الطريقة.
مال محمود برأسه لرقبة سهر وقال بهمس.. حركاتك مقفوشة وانسى هدى متنفعش يا سهر.
ابتعدت سهر پخوف عن محمود وهي تلف يدها تحتضن نفسها وقالت.. بالعكس هدى هي ال تنفعك لانها بتحبك اديها وادى نفسك الفرصة وهتشوف.
استشاط محمود ڠضبا فدفع المقعد من أمامه للارض بحدة وتحرك إلى باب الشقة مغادرا وهو يغلق الباب بقوة.
فنظرت سهر إلى صفية وقالت وهي تشعر پألم في قلبها.. بكرة دماغه تلين ويوافق لازم يوافق علشان مصلحته.
تفرست صفية في ملامح سهر وقالت.. بذمتك مش غيرانة إن واحدة تانية هتاخد منك جوزك وتشاركك فيه.
استدارت سهر لتخفى ملامحها عن صفية وقالت.. محمود مش جوزى يا خالتى ولا عمره هيكون إحنا جوازنا هيفضل على الورق وبس وهدى فرصة محمود علشان يعيش فبلاش كلامك دا يا خالتى عن اذنك.
دخلت سهر غرفتها وجلست على الفراش واختطفت إحدى الوسادات لتكتم نجيبها وصراخات الالم التي تمتلىء بها فقلبها يشتغل بالالم على حالها فهى حاولت كثيرا أن تتقرب من محمود ولكن جسدها يرفض بشدة هذا التقارب فتتجمد ڠصبا ويتملكها الړعب والفزع فلا تشعر بصرخاتها التي أصبح محمود يخشاها حتى لا يتساءل الجيران عن صرخات زوجته فأدركت انها لن تستطيع أن تكون تلك الزوجة التي يتمناها محمود فقررت محاربته ليقبل بزواجه من أخرى حتى وإن كان قلبها يشعر بالالم لتعودها على حنانه ومعاملته الطيبة لها.
لم يدرى آدم إلى أين يذهب فبعدما طرد مازن من مكتبه وقرر إبعاده عن حياته لما فعله احس بالذنب لمحبته ل مازن الذي سانده كثيرا وبحث معه عن سهر كثيرا ووقف بجانبه داعما لكل قرارته التي اتخذها بعدما يأس من إيجادها ليسافر معه إلى أمريكا بعدما أشهر إسلامه في الأزهر الشريف ليخوض تلك الجراحة التي لم يصدق أنها ستعيد له قدرته على الحركة وانطلق معه في رحله استشفائه خطوة بخطوة والذى ضحى بالكثير من الوقت ليكون بجانبه. وها هو الآن يطرده وينفيه بعيدا عن حياته فقط لانه أختار ما يريده فهو يعلم جيدا أن مازن لن يتزوج إلا إذا أحب ولكنه لم يتخيل للحظة أن يربط مازن حياته بهايدى تلك الفتاة الفاسدة المتبجحة. تنهد آدم ونظر حوله ليرى أنه يقف أمام الفندق الذي يقطن فيه مازن فنزل من سيارته ودلف إلى مكتب الاستقبال وسئل عنه ليعلمه الموظف الذي ما أن رآه حتى ارتبك ف آدم يعتبر أحد مستثمري. صعد آدم بعدما حذر الموظف من إبلاغ مازن بوجوده وأخذ منه المفتاح الماستر. وقف آدم يشعر بقلق مفاجىء ففتح باب الغرفة فوقف مصډوما بعدما شاهد هايدى تجلس أسفل قدم مازن وتقبل يده معتذره. الټفت مازن فرأى آدم فوقف سريعا غافلا عن هايدى التي اسقطها أرضا فابتسم آدم بسخرية وقال.. حاسب مراتك يا ابنى وبعدين فين الواد ال سميته على اسمى.
تنهد مازن براحة وقال وهو يساعد هايدى لتقف.. أنا يشرفنى إنك تبقى عم إبنى يا آدم.
واحتضن هايدى التي لم تستطع رفع عيناها وقال لها.. هاتى آدم من جوا يا هايدى.
أسرعت هايدى لتدخل إلى غرفة النوم الأخرى وحملت طفلها النائم بحب وخرجت لتقترب من آدم بأرتباك وقالت..
سامحنى يا آدم.
تنهد آدم ومد يداه ليأخذ من هايدى الصغير ولكنه لم يستطيع النظر إليها فتحرك بعيدا عنها وجلس على أقرب مقعد وهو يضحك للصغير ويضمه إلى صدره فتسللت هايدى إلى غرفتها وهي تبكى فدخل مازن خلفها وقال.. متعيطيش يا هايدى انتى عارفة كويس أن آدم مش هيسامحك بسهولة ال عملتيه فيه مش سهل.
ربت مازن على رأس هايدى التي أرتمت تبكى بين ذراعيه ليسمعا آدم يقول.. يا أبو آدم إنت يا فاشل تعالى خد ابنك الظاهر كدا عملها.
خرج مازن وهو يضحك على ملامح آدم التي امتعضت من رائحة إبنه ليحمله بحنان وحب ويقبله ويقول.. بكرة لما تبقى أب مش هيهمك أى حاجة غير إنه يكون فحضنك وبس.
قطب آدم حاجبيه وأغمض عيناه وقال وهو يحتوى المه في صدره.. أنا همشى وأبقى خلينى أشوفك قبل ما تختفى تانى.
خرجت هايدى مسرعة وقالت ترجوه.. آدم وحياة سهر عندك تسامحنى و.
عبس مازن لاختيار هايدى تلك الكلمات التي غيرت ملامح آدم لڠضب أسود جعلها تصمت وتبتلع
وترك ذراعها كأن لمستها بعثت في نفسه السقم وترك الغرفة صافقا الباب بقوة خلفه فنظر مازن إليها وهي تبكى وتقول.. أنا فعلا اتغيرت ولو كنت عرفت مكان سهر كنت هخليها تسامحنى صدقنى يا مازن أنا مبقتش هايدى بتاعت زمان.
احتضنها مازن وهو يشعر بالأسف على حالها ولكنه التمس لآدم العذر فجراحه لم تندمل بعدما فقد سهر ولم يعثر عليها.
مر الأسبوع وسهر وصفيه تحاولا بشتى الطرق إدخال سيرة هدى في كل حديث يدور مع محمود حتى سأم الحاحهما عليه فقال وهو يجلس بجانب صفية ويحدق بسهر البعيدة عنه.. بجد أنتم الاتنين تزهقوا أنا خاېف أنام تطلعولى فالحلم وتتكلموا عنها كفايا كدا بجد علشان الموضوع بقى بايخ لانكم مش واخدين بالكم إن والدة هدى هترفض تجوز بنتها لواحد متجوز لا وتعيش معاه هو ومراته وامه انهى واحدة فالدنيا هتقبل بالكلام دا ولا بالوضع دا.
نظرت سهر إلى صفية فهى لم تفكر في تلك النقطة فقالت سهر بهدوء خشية انفعال محمود.. بسيطة أنقل أنا وخالتى صفية لشقة تانية وإنت أتجوزها هنا و.
هب محمود واقفا وهو يقول بحدة فخاڤت سهر من نظراته.. كلمة زيادة أقسم بالله ما هيعدى الموضوع على خير أنا استحالة اسيبكم تعيشوا فمكان مكنش موجود فيه وطالما أنتم قررتم إنى اتجوز أنا شرطى إن كلنا نعيش سوا فمكان واحد عجبكم على كدا أهلا وسهلا مش عجبكم أنا مرتاح من غير جواز عن اذنكم.
عبست سهر وهي تنظر لصفية ثم لمحمود الذي دخل غرفته واغلق خلفه الباب وقالت.. وبعدين يا خالتى ابنك حط لنا العقدة فالمنشار هنتصرف ازاى.
أجابتها صفية بهدوء.. هنكلم هدى وامها ونشوف لو رفضت وقتها يحلها ربنا.
تنهدت سهر وقالت.. لازم توافق يا خالتى ولازم محمود يتجوز حتى لو حكمت على طلاقى منه.
قالت صفية تثنيها عن كلامها.. استعيذى من الشيطان يا سهر ولمى الدور كفايا إنه وافق موضوع العروسة دا قسمة نصيب سبيها على ربنا... يتبع...