على خُطى فتونه بقلم منى أحمد حافظ
عن حياة الفقر والحاجة التي عاشتها طوال ثمانية عشر عاما في حين سارع حمدي وسحب والدته إلى إحدى الغرف ووقف أمامها يلومها بنظراته قائلا
بردوا كده يا أمي تقولي عن بشرى خدامة وبعدين هو أنا مش قلت لك أني راجع ومعايا مراتي و...
قاطعته صحيتها الرافضة لما قال وهتفت بصوت عال
وهي دي مراتك اللي عجبتك دونا عن بنات القاهرة لا يا حمدي أنا مش موافقة على الجوازة دي والبنت دي أنت لازم تطلقها وترجعها البلد اللي جبتها منها يا حبيبي دي لا من مستوانا ولا حتى شبهنا ولا أنت مش واخد بالك من لبسها وشكلها بقى معقول حمدي ابن الحسب والنسب يتجوز دي
أرجوك بلاش كلامك دا واديها الفرصة تعرفك على نفسها ولعلمك بشرى طيبة جدا وهتبقى من إيدك دي لإيدك دي وهتسمع كلامك من غير ما ترد كلمتك فعلشان خاطري تعالي طيبي خاطرها بكلمتين.
زمت ناريمان شفتيها وأومأت بضيق مردفة
وماله يا حمدي بس اعمل حسابك أنها مش هتعيش معايا هنا ما أنا بصراحة مقدرش أتحملها بالشكل اللي هي فيه دا.
متقلقيش بشرى هتعيش فشقتي القديمة ومش هتضايقك نهائي ولو على شكلها ولبسها فكل دا هيتغير وهتبقى واحدة تانية خالص لدرجة أنك مش هتعرفيها.
غادرت ناريمان برفقته واقتربت من بشرى وأردفت بتعال
متزعليش مني بس أنا كنت فاكرة إنك هتيجي لابسة حاجة غير اللي أنت جاية بيه دا يعني أصل الملس والعباية والحاجات الفلاحي دي مش بتتلبس فالقاهرة عموما حمدي وعدني أنه هياخدك يجيب لك فساتين جديدة وبالنسبة للطرحة مافيش مشكلة خليك بيها رغم أني حابة أنك تقلعيها.
على فكرة أنا مش بعيب عليك بس يعني بكرة لما تشوفي بنات العيلة وقرايبنا الهاي كلاس هتفهمي أنا ليه مش عايزاك تفضلي بلبسك دا.
التفتت ناريمان إلى حمدي وخصته بحديثها قائلة
هو أنت مفهمتش مراتك إن العيلة فيها أغلبها بنات نصهم يتمنوا يرتبطوا بيك ولو شافوها كده ممكن جدا يعملوا حفلة عليها ويضايقوها بالكلام.
أنت لازم يكون عندك ثقة بنفسك أكتر من كده وإلا مش هتاخدي فأيد بنات العيلة غلوة وهترجعي بلدك من تاني يوم ودلوقتي يلا روحي مع جوزك وطبعا مش هوصيك أنا عايزاك تبسطيه وتدلعيه دا حمدي حبيب قلبي اللي معنديش غيره.
شهقت بشرى واشټعل وجهها حرجا من قول ناريمان وخفضت رأسها كي لا ترى نظرات حمدي إليها وغادرت برفقته لا تصدق أن والدته تفوهت بتلك الكلمات ومع مضي الأيام أحاط حمدي بشرى باهتمامه واحتوى حزنها بمعاملته الطيبة وغمرها بالهدايا والثياب حتى تبدلت وأصبحت لا تعرف نفسها ولكنها رغم تغيرها لم تنل رضا ناريمان التي لم تترك أي فرصة إلا وأوضحت عدم تقبلها لها ليتغير كل شيء بعد مرور خمسة أشهر على زواجها تبدل فيها حمدي إلى رجل آخر أصبح أكثر عصبية وحدة لا يتحمل البقاء في المنزل برفقتها فبات يكثر من سهره بالخارج وعند عودته يطالبها بتلبية رغبته التي كرهتها لما يمارسه معها من عڼف غير مبرر له لتوقن بشرى بعد مرور ثلاث سنوات على زواجها أن جنة حمدي التي وعدها بها لم تكن إلا قشرة واهية تخفي أسفلها چحيما لا يطاق.
خدي يا فهيمة ده رز باللبن وشربات ورد كت نادرة افرجهم على الحبايب وجت ما بتي مرضانة.
شكرتها فهيمة ودعت الله أن يتمم شفاء ابنتها وأردفت
تسلم يدك يا رضوانة وعجبال ما نشرب شربات فرحها.
ولد حلال يا بكر مد يدك يا ولدي وأجبر بخاطري وأشرب ندر شفا عصمت.
حدق بكر بيد رضوانة الممتدة بالكوب وأخذها منها بحرج ووضعها على الطاولة أمامها وأردف
تسلمي يا خالة بس أني ماليش فالشربات.
تصنعت رضوانة الحزن وجلست فأسرعت والدتها والتقطت الكوب وأردفت
متكسفش خالتك يا ولدي ده ندر وهي بتوفيه يا بكر.
أومأ بكر مرغما وأخذ الكوب من والدته وأردف
حاضر يا اما هشربه وأريح هبابة جبل ما أعاود الشغل متنسيش تصحيني جبل المغرب يا اما
أومأت فهيمة وعادت لتجلس برفقة رضوانة التي أخذت تسهب في الحديث عن ابنتها حتى مر بعض الوقت وغادرت وهي تشعر بالسعادة لتحقيقها خطوتها الأولى وما أن ولجت إلى غرفتها حتى اعتزلت داخلها تترقب بزوغ أول ضوء للفجر وحين لاح تسللت رضوانة إلى المرحاض وبيدها سطل الډم ووقفت بعيون قاتمة وعلى وجهها ارتسم البغض تغتسل بالډماء كما أخبرتها فتونة وحين