فُتنة.. من الفصل الأول إلى الرابع بقلم منى أحمد حافظ
انت في الصفحة 1 من 21 صفحات
فتنة.. من الفصل الأول إلى الرابع بقلم منى أحمد حافظ
1.. لما هي
استيقظت متأخرة لتنتفض من مكانها وهي تسب سهرتها بالأمس مع شقيقت
ها هنيدة أخذت تجري هنا وهناك حتى أرتدت ثيابها وهرولت إلى الخارج عابسة الوجه وكادت تصطدم بوالدها الذي أحتواها وهو يحدق بها يعلم بأنه لا يستطيع منع نفسه عن الاطمئنان عليها ولكنه حزين بسبب ما حدث منها فقال محاولا أن يبدو طبيعيا معها
_ أنا اسفة بجد يا بابا بس أنا متأخرة على الكلية وزمان المحاضرة بدأت وأنا لسه هنا وأكيد دكتور عطية ما هيصدق أني مش موجودة وهيكتبني غياب ما هي الفرصة جات له لحد عنده بسبب الهانم اللي سهرتني إمبارح معاها للفجر علشان خاېفة ومصممة إني أقعد أتكلم معاها بابا أنا أنا.. عن إذنك علشان يادوب ألحق أروح الكلية دا على ما أوصل هتبقى المحاضرة التانية قربت.
_ أتفضلي يا فتنة بس ياريت تخلي بالك من نفسك وإنت ماشية وبلاش جري في الشارع ولو حابة أجري إلحقي أخوك سهيل هو خرج دلوقتي وممكن ياخدك على طريقة.
أدركت ما أن استدار والدها عنها بأنها لا يزال على موقفه منها فازداد عبوسها وأكملت سيرها وهي تعلم علم اليقين بأنها تزيد الموقف سوء بينهما غادرت المنزل لترى شقيقها يتحرك بسيارته فصاحت بصوت عال وأوقفته فتطلع إليها وقال
صفعها بكلماته الفاترة فأغمضت عيناها وكادت تلزم الصمت ولكنها تذكرت محاضرتها فأتجهت صوب سيارته وجلست بجواره وقالت بوجه جامد
_ متأخرة على الكلية والمحاضرة الأولى فاتتني وبابا قالي ألحقك علشان توصلني على طريقك.
رفع حاجبه ساخرا ثم أشاح بوجهه عنها وأدار سيارته وأنطلق بها وهو ملتزم الصمت لزمت فتنة هي الأخرى الصمت وحدقت بالطريق وهي تسترجع أحداث الأسبوع المنصرم والذي كان عاصفا بمنزلهم لرفضها ابن صديق والدها الذي رآها صدفة واراد التقدم لخطبتها ليفاجئها والدها بقوله
نظرت إليه بحيرة وهي تتساءل وما شأنها بهؤلاء فاستدارت إلى والدتها وسألتها بهمس
_ ماما وأنا دخلي إيه بالناس اللي جاية دي وبعدين ما إنتم عارفين إني النهاردة بخلص متأخر ومينفعش إني أقول للدكتور عن اذنك هروح علشان في ناس هتشرب قهوة في بيتنا ولازم أكون هناك.
_ بابا على فكرة أنا محاضراتي بتخلص على الساعة تسعة بالليل وعلى ما أجي هنا هتكون الساعة بقت عشرة ونص أما بخصوص الناس المعزومة على القهوة هنا فأظن إن ماليش أي دخل بيهم ولا حتى صلة ولو على واجب الضيافة ف ماما بتعمل القهوة أحسن مني ومن هنيدة مليون مرة.
_ فتنة أظن إني قولت اللي عندي واللي مفروض سيادتك تسمعيه وتلتزمي بيه وطالما قولت تكوني هنا قبل الساعة تمانية يبقى حضرتك تكوني هنا على الساعة السابعة فاهمة.
حاولت فتنة أن تعترض ولكن ملامح والدها الصارمة جعلتها تتراجع وتستدير لتغادر إلى جامعتها وهي تفكر في كلمات والدها وأسلوبه المتغير معها.
اندمجت فتنة بيومها ومحاضراتها لتنتبه إلى تأخرها فقد تخطت الساعة الثامنة وهي لاتزال بكليتها وحين أخرجت هاتفها من حقيبتها تفاجأت بالعديد من الإتصالات من والدها ووالدتها تطلعت حولها بعيون دامعة وأحست بها ثراء فربتت فوق يدها وهمست بتواري حتى لا يلحظها المحاضر
_ مالك يا فتنة وشك اتغير مرة واحدة وشكلك زي ما هتكوني هتعيطي.
كافحت لتتمالك دموعها وأجابتها بصوت متحشرج
_ أنا نسيت الميعاد اللي بابا قالي عليه واتأخرت وزمانه دلوقتي فاكرني عاندت معاه وقصدت إني أتأخر علشان محضرش الميعاد معاه.
لوت ثراء شفتيها وعيناها تتابع المحاضر وقالت
_ يعني متلاقيش إلا والدك وتنسي الميعاد حقيقي أنا مشفقة عليكي يا فتنة علشان عمو ظافر هيعمل منك النهاردة بيان رسمي لكل متمردة على كوكب الأرض.
لم ترسم كلمات ثراء أي إبتسامة فوق شفتي فتنة وإنما زادت من توترها فأحتقن وجهها وسالت دموعها رغم محاولتها لمنعها وما أن سمعت إعلان المحاضر إنتهاء المحاضرة حتى أسرعت وهرولت إلى الخارج ليحدق بها العديد من زملائها بدهشة فهي لأول مرة تسرع بمغادرة المدرج بتلك الطريقة.
أسرعت فتنة بخطواتها وأشارت إلى إحدى السيارات وما أن جلست حتى صدح هاتفها معلنا عن استلامها لرسالة ضغطت عليها سريعا لتقرأ كلمات شقيقتها المحذرة تقول
_ الوضع في البيت ڼاري حاولي إنك تسكتي