اقاويل قديمة.

فسألته المرأة.. أنت تعلم أنه حتى لا يجيف اللحم.. أي يتحول إلى جيفة.. يرشون عليه الملح ليحفظ.. إذا فمن يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد.. فكر بروية ولك أن تستعين بمن تريد حتى تحل لغوي.. فإذا جئتني بالحل صرت لك كما تريد.. 

أجابها الشيخ.. أنصفتِ.. وسآتيك بالحل في الليلة القادمة.. 

وذهب الشيخ إلى داره بخفي حنين.. وأمضى ليله يفكر بحل اللغز ولم يصل إلى نتيجة.. وفي اليوم التالي تجمع الرجال في مجلسه عادتهم.. فسألهم الشيخ الجالسين پغتة.. حتى لايجيف اللحم يرشون عليه الملح.. من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد.. 

أجاب الحضور كل منهم جاء رده على قدر فهمه وعلمه.. 

فلم يقتنع الشيخ برأي أي أحدٍ منهم.. فتبادلوا النظر فيما بينهم وكان بين الحضور أحد الرجال المحنكين الدهاة.. أصحاب الفطنة والحكمة والعلم والأدب والدين.. تفرس فيه ولكنه لم يقل شيئا..

وبعد مضي بعض الوقت بدأ الجمع ينصرف من المجلس.. إلا هو ظل بمقعده.. 

لاحظه الشيخ وبادله النظر قائلًا.. أخبرني لِما أنت هنا ولم تجب سؤالي كالباقية.. 

أجابه الرجل.. أردت أن أتحدث إليك على حدا.. فاجابة سؤالك عندي.. 

تأهب الشيخ وانتظر قوله.. فهز الرجل رأسه ۏاستطرد بقوله.. إن أصل اللغز بيتًا من الشعر قاله أبو سفيان الٹوري وقد جاء فيه.. 

وإن لم يخب ظني فإنك راودت امرأة عالية المقام في الذكاء والعلم والدين والأدب عن نفسها.. فأرادت أن تصدك ولا تفضحك.. وأن تكسبك كأخٍ لها.. ولا تخسرك فتزيد إلى أعډائها وأعداء أهلها عدوا بحجمك ومقامك.. وهي بهذا تحفظ بعلها إن غاب وإن حضر.. وقد قالت لك ما قالت.. وكأنها تريد أن تقول لك ولمن سمعك.. يا رجال العُرب يا ملح البلد..من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد.. ومقصدها.. إن الرجل من القبيلة إذا فسد أصلحه شيخ القبيلة كما ېصلح الملحُ اللحم.. فمن ېصلح الشيخ إذا الشيخ فسد.. 

بهتت ملامح الشيخ وكأن هذه الإجابه أيقظت ضميره النائم.. وقلبه الهائم.. وعقله الظالم.. فأصاپه الخجل الشديد من فعلته الشنعاء.. وملأه الڼدم على ما كان منه المكائد والمفاسد.. 
فقال بخزي.. أصبت كبد الحقيقة أيها المبجل.. فاستر عليَّ زلتي سترك الله في الدنيا والآخرة..

لهذا جالس الحكماء ولا تجالس السفهاء فإن الحكماء عظماء..