نفوس قاسېة..بقلم منى أحمد حافظ..الجزء الثالث.

أجابها محمود.. البقاء لله يا سهر عمى رشدى تعيشى انتى. 
دارت سهر بعيناها على ملامحهم فوقفت لتضحك فجأة وهي تضع يدها على قلبها وتقول.. هزارك بايخ اوى يا محمود.
احتضنتها صفية وهي تبكى وقالت.. اجمدى يا سهر الأعمار بيد الله وكل واحد له عمره. 
ابتعدت سهر عن حضن صفية واقتربت من شباك الغرفة وقالت.. أنتم عاوزين تقنعونى أن الدنيا حرمتنى حتى من الظل اللى كنت عايشة جانبه حتى لو مكنش بيحبنى لا الدنيا مش قاسېة اوى كدا علشان اتيتم بالشكل دا أنتم ليه بتكذبوا عليا بابا ممتش هو عايش هو خرج الصبح بدرى فمشوار أنا أنا هنزل استناه بابا لا يمكن ېموت وهو مخدنيش فحضنه وطبطب عليا أنا مش هصدق كلامكم أنا عارفة أنتم بتعملوا كدا علشان هو مكنش راضى اتجوز محمود حرام عليكم بقي حرام عليكم. 

خرج محمود وخميس تاركين سهر تنتحب بشدة بين ذراعى صفية ليسئل خميس ابنه قائلا.. الظابط اللي جه من القسم مقالش ماټ ازاى يابنى. 
تنهد محمود بحزن وقال.. لا يا بابا هو قال لازم حد يروح القسم أنا هروح واشوف ايه الموضوع وانت حاول مع ماما تهدوا سهر ربنا يلطف بيها. 
جلس محمود منتظرا أن يسمح له الضابط بالدخول ليخرج له أحد الضباط ويقول.. معلش هنتعبك معانا هتيجي معانا المشرحة تتعرف على الچثة ولما التحقيقات تخلص النيابة هتسمح لكم باستلامه ودفنه. 
سئله محمود بقلق وقال.. تحقيق ليه حضرتك. 
نظر الضابط إلى محمود وهو يتحرك أمامه ليلحقه محمود ويسمعه يقول.. تحقيق علشان نعرف اټقتل ازاى ومين ال قټله ورماه فالطريق. 
مر شهر وسهر معتزله الجميع أغلقت هاتفها وحبست نفسها في غرفة والدها رافضة أن تبقى معها صفية وقد حاولت كثيرا صفية أن تخرجها عن صمتها وحزنها ولكنها كانت تنغلق أكثر وأكثر خاصة بعدما علمت أن ابيها ماټ مقتولا وقيدت قضيته ضد مجهول. نادات صفية على محمود وقالت.. يابنى هنفضل سيبين البت كدا لوحدها وقافلة على نفسها البت عدمت تحت بقت جلد على عضم أنا خاېفة عليها أنا بنزل اطمن عليها كل شوية لتعمل حاجة فنفسها ما تحاول معاها يا بنى هو أنت مش خطيبها سايبها كدا ازاى اتصرف وخلى البت تخرج من اللي هي فيه دا. 
زفر محمود بضيق وقال.. حاولت معاها يا ماما مافيش فايدة مش راضية حتى تدينى فرصة اتكلم معاها كل ما تشوفنى تصرخ وتقولى رجع لي ابويا أنا فعلا مش عارف اعمل ايه لو بايدى كنت كتبت الكتاب علشان اقدر اتصرف معاها براحتى واجيبها هنا معانا. 
عبست صفية وقالت.. والحل يابنى البت كدا هتضيع مننا وذنبها هيبقي فرقبتنا أنا هكلم ابوك هو يتكلم معاها بالعقل والدين اكيد هيعرف يعمل اللي مش عارفين نعمله. 
في جناح الليل متخفيا متواريا سار بحذر شديد ودلف إلى المنزل يتلفت يمينا ويسارا ليطمئن الا يراه أحد فأخرج مفتاح الشقة من جيبه وفتحه بهدوء وسار على أطراف أصابعه فتح غرفتها ولكنه لم يجدها فعبس وأخذ يبحث عنها فلم تبقى غير غرفه أبيها ففتح الباب بهدوء فرأها نائمة تحتضن ملابس أبيها فأقترب ببطء من الفراش وأخرج من جيبه زجاجة سكبها على منديله ووضعه على انفها ولكنه تفاجىء بيدها تختطف المنديل وتلقيه بعيدا عنها وقد تأثرت رأسها قليلا بفعل المخدر فزاغ بصرها وحين اوشكت على الصړاخ ھجم عليها مكمما فمها وأخرج سلاحھ ووضعه على رقبتها مهددا إياها قائلا أنا عاوزك صاحية علشان تحسي بكل حاجة يا سهر.
. وهل ينسى الالم....
العمر ككل شيء في الحياة يمر ولكن الجراح لا تندمل فهى تترك أثرها بعمق الروح قبل الجسد وجراح سهر بدأت من منذ ولادتها كأن الدنيا لم ترغب بها يوما فأرادت أذلالها فأحاطتها بنفوس قاسېة بذلت كل ما في وسعها لأزهاق روحها ولكن سهر واجهت كل حرج له وضعف وكل كسر وقهر بابتسامة زادت من ندية الحياة لها وعدوانها عليها. فأعلنت سهر استسلامها وقبلت بتحطيم الحياة لقلبها وخضعت للضعف. فها هي وقد مرت عليها خمس سنوات تعيشها على هامش الحياة بعدما حاولت التخلص من حياتها عدة مرات قوبلت بالفشل والرفض من أن تدعها الحياة أن تستريح كأن عڈابها أصبح هو الغرام. وفي صباح يوم وقفت سهر تصيح بصوت کسير وهي تتحدث بانفعال مع محمود.. أنا عاوزة أفهم إنت ليه مش عاوز تتجوز ليه مصمم ټعذب نفسك معايا هتفضل سايب نفسك بالشكل دا قاعد زى العانس جنب واحدة متنفعش يا محمود ارحمنى واتجوز بلاش تفضل مشيلنى ذنبك العمر كله بص لخالتى صفية وحالها وكسرة نفسها عليك وإنت ليك خمس سنين متجوز ومعندكش عيال راضيها يا محمود.
اعتلت ملامح محمود الالم والحزن كعادته وقال وهو يتمالك أعصابه معها كحاله دوما.. وأنا مليون مرة أقولك يا سهر أنا متجوزك وانتى عندى بالدنيا وكفايا إنك فبيتى وبشوفك مطمن إنك معايا وجانبى ولما ربنا يريد انتى ال هتكونى أم ولادى افهمى كدا ومتعمليش أمى حجتك أمى لو أنا قعدت العمر كله مستنيكى ومعنديش ولاد عمرها ما هتقول حاجة فشيلى الفكرة دى من دماغك.
تناسى محمود حالتها وأقترب منها يضمها بعدما انهى حديثه معها فتجمدت سهر وبدأ تنفسها يسرع لتشرع في البكاء والكلام دون وعى.. لا أبعد أبعد متلمسنيش لا لا.
ليتحول كلامها لصرخات فأبتعد عنها محمود پخوف وحاول أن يهدأ من خۏفها وقال.. خلاص بعدت أنا أسف أهدى يا سهر وحياتى أهدى.
لم تتمالك سهر نفسها ف أنهارت أرضا وهي تنتحب وتلطم وجهها فأتت صفية مسرعة تنهر محمود وتقول.. عملت لها إيه مش قلت لك كلامك معاها من بعيد إنت ليه مش مقدر ال بنتى فيه روح اوضتك يا محمود وسيبنى اهديها.
أخذتها صفية بين ذراعيها وبدأت تقرأ لها آيات من القرآن حتى بدأت في الهدوء فرفعت سهر عيناها إلى صفية وقالت.. خليه يتجوز يا خالتى ورحمة عمى خميس خليه يتجوز أنا مش عاوزة أشيل ذنبه كفايا ضيع من عمره السنين دى وهو معايا لازم يفهم إنى خلاص مبقتش انفعه وحياتى يا خالتى قوليله يرحمنى ويتجوز.
دمعت عين صفية وقالت.. انتى عوزاه يتجوز عليكى يا بنتى في واحدة عاقلة تقول لجوزها كدا.
ابتعدت سهر عن ذراعى صفية وقالت.. إحنا مش هنكذب على بعض يا خالتى أنا عمرى ما كنت مراته هو متجوزنى علشان اللي حصل وأنا استحالة ابقى أنانية واسيبه يضيع حياته ويفضل موقف حياته علشانى محمود