أخر الأنفاس.. بقلم منى أحمد حافظ..الجزء الاخير..

حين امتدت يدها نحو هاتفه وأغلقته تماما حتى لا يزعجه أحد.
وكعادتها جفاها النوم فكيف ستغمض عيناها وزوجها لم ينم بفراشه التقطت نعمة صورة عبد العزيز من جانبها وحدقت بها ودموعها تنهمر بحزن تعاتبه على أهماله لها وتغيره الغير مبرر معها ضمت صورته لصدرها پخوف حين صاح عقلها بحدة قائلا
.. خليكي كدا تدوري له على أعذار وتغمضي عينك عن الحقيقة اللي باينة زي الشمس لحد ما تتصدمي ووقت ساعتها هتعرفي إن تفكيري صح وأنه على علاقة بواحدة ست غيرك.
هزت رأسها بقوة رفضا لتلك الفكرة التي ضغطت كثيرا عليها وقالت وهي تحدق بصورته
.. مستحيل عبد العزيز يكون على علاقة بواحدة غيري طيب ليه وأنا مقصرتش معاه فأي حاجة واجباته قايمة بيها كلها على أكمل وجه وبراعي بيته فغيبته وباخد بالي من بناتي أنا أنا.
قيدت أفكارها لسانها عن قول المزيد ليسخر منها عقلها قائلا
.. الغريزة جواكي كواحدة ست بتحب جوزها متأكدة أنه مش بس يعرف غيرك لأ دا كمان على علاقة كاملة معاها يا نعمة بلاش تكذبي على نفسك أكتر من كدا عبد العزيز له كام سنة متغير معاك حتى فعلاقته الخاصة بيأديها كواجب كل كام شهر بقى بذمتك دا عبد العزيز جوزك اللي مكنش بيعرف ينام إلا وهو حاضنك تقدري تقوليلي أمته أخر مرة حضنك فيها ولا حتى باس راسك. 
احتل الحزن ملامحها وسالت دموعها قهرا على ضياع زوجها منها رغما عنها فارتخت ساقيها وجلست أرضا وصاحت بصوت مكتوم
.. طيب أنا قصرت فأيه معاه علشان يبعد ويروح لواحدة تانية أنا غلطت فأيه علشان يعاقبني بقسۏة ويكسرني ويدوس على قلبي دا أنا بتعامل معاه كأني جارية عايزة تنول رضاه وباجي على حساب نفسي علشان يكون هو الأول فكل شيء اتحتملت غيرته وتحكماته وحبستي بين اربع جدران ومقولتش لأ مافيش مرة أعترضت أني لوحدي وماليش أصحاب حتى لما حكم عليا أسيب دروس الفقة والشريعة معترضتش وسبتها أنا أنا عايزة أعرف إيه اللي قصرت فيه علشان يتغير كدا ويتعامل معايا البيت بقى بالنسبة له فندق بيجي علشان ياكل وينام وبس حتى بناته أنا اللي بحاول أخليه يكلمهم ويتقرب منهم وبراجعه لما يتعصب عليهم.
تابعت تحديقها بصورته وهي تساله عما حدث ليصبح ذاك الرجل الغريب عنها شردت بماضيها تسترجع حياتهما سويا تحاول الوقوف عند نقطة البدأ التي تغير عندها عبد العزيز لتأتيها الأجابة من عقلها ساخرا منها بقوله
.. هو أنت ليه مش عايزة تفتحي عينك على فكرة عبد العزيز أتغير معاكي من وقت ما كنت حامل فسارا فاكرة لما كان بيتأخر فالرجوع وكان يتحجج مرة يقول أنه كان عنده ندوة ومرة كان فأجتماع أهو من الوقت دا أتبدل حاله ومبقاش عبد العزيز اللي بيحبك وبيخاف عليك من الهوا فاكرة كنت بتنامي معيطة إزاي ومكنتش بيهتم يسالك مالك ولما عدى على ولادة سارا خمس شهور ولاقيتي نفسك حامل فاكرة ردة فعله كانت إيه ڠصب وأتعصب عليك وقالك أنت ولا الأرانب وإنك المفروض تستخدمي وسيلة ويوم ما تعبتي يوم ولادة حنين ونسرين وأتصلتي بيه لاقيتي موبايله مقفول ولولا الجيران لما سمعوا صوتك وأنت پتتوجعي كان زمانك مۏتي أنت والتوأم ووقت ما عاتبتيه قالك الموبايل فصل شحن وأنه كان فندوة فاسكندرية كل دي كانت أعذار واهية علشان يخدرك بيها وأنت بكل سذاجة صدقتيه.
تركت نعمة صورة زوجها من يدها ووضعت كفيها فوق أذنيها تحاول منع صوت عقلها من جلدها ليصيح بداخلها بسقم يقول
.. مش عايزة تسمعي صوت الحق وعايزة تفضلي عايشة فالوهم يا نعمة أنت كنتش لعبد العزيز كل حاجة عشيقته وحبيبته وبنته كنت شيلاه فوق راسك ومأهملتيش فأي حق من حقوقه عليك وكنت أم جاهدتي علشان بناتك تزرعي فيهم الأخلاق وتحببيهم فالدين أنت نسيتي نفسك وأهملتيها حتى الكلية نكستي بعهدك مع نفسك ومكملتيش ولما عبد العزيز جالك وقالك أنه قدم استقالته من الجامعة وأنه فتح شركة استيراد وتصدير وقفتي جانبه وشجعتيه للأسف أنت كنت الطرف اللي بيحوط ويبنى وهو كان الطرف اللي بيبعد وبيسرب الحب من حياتكم وفالأخر النتيجة أيه صفر صفر ليك يا نعمة فكل حاجة.
اثقلتها الحقيقة التي أغمضت عيناها عنها بعدما لاحت أمامها كضوء شمس ساطع فخفضت رأسها بخزي لخداعها نفسها طويلا فمع مرور السنوات عليهما باتت على يقين أن شهوة المال غيرت نفس زوجها كليا وأنها فرضت سيطرتها عليه حتى صار لا يرى إلا نفسه فقط.
بعد مرور ثلاث أيام على مبيته خارج المنزل واعتذاره الواهي باضطراره للسفر إلى الإسكندرية أعترفت نعمة أن بقائهما سويا بات على حافة الهاوية. 
بينما على الصعيد الآخر جلست مي برفقة صديقتها فتون تضحك بسعادة وهي تقص عليها كيف تمكنت من منعه عن العودة لغريمتها وأنه صار كالخاتم فاصبعها لتقطب جبينها فجأة وتقول بصوت كريه
.. أنا عاوزاها تعرف يا فتون إن عبد العزيز