أخر الأنفاس.. بقلم منى أحمد حافظ..الجزء الاخير..

للي أنت عيزاه ودلوقتي ناوية تعملي إيه هتقفي تتفرجي عليهم وهما بيمشوا فطريق ربنا وحده العالم بأخره من غير ما تكملي دورك معاهم حتى ولو رفضوا أنت أم يا نعمة عارفة يعني إيه أم يعني عليك مسئولية مينفعش تسلميها لغيرك بناتك أمانة فرقبتك هتتحاسبي عليها لو ضاعت بسبب الجو الجديد اللي هما عايزين يعيشوا فيه واللي مي زغللت عينيهم بيه علشان تسرقهم منك ولازم تفضلي فضهرهم حتى لو هما رافضين ولازم تفهميهم الكلام دا حتى لو كان أخر كلام بينك وبينهم.
زفرت نعمة بقوة وهبت من مكانها واتجهت لمكان بناتها فالتفتت سارا ورمقتها بفتور فتغضن جبين نعمة واقتربت منها ووقفت تتأملها وقالت
.. تعرفي إن أنا دلوقتي فهمت ليه والدتي كان قلبها جامد عليا وليه كانت بتقوي أخويا شرف أنه يعاملني بقسۏة فهمت أن سبب معاملتها دي مش علشان پتكرهني لأ دا كان خوف عليا خوف من الدنيا اللي مليانه فتن خوف من جو الصحاب اللي مباح عندهم كل حاجة ومافيش فحياتهم أي وازع ديني أنا بسببك يا سارا وبسبب تمردك ونفورك مني عرفت إن والدتي كانت بتحبني وجدا كمان علشان عرفت إزاي تحافظ عليا من فتن الدنيا يمكن طريقتها كانت صعبة وفيها أخطاء لكن قدرت تزرع جوايا حب ربنا والخۏف منه وخلتني أعمل حساب لكل تصرف وأفكر هل هو حلال ولا حرام مش عيب أو صح.
زفرت سارا بضيق وتجهم وجهها وهمت بالرد عليها فمنعتها نعمة بإشارة منها وأردفت
.. أنا أديتك الفرصة تقولي كل اللي أنت عيزاه وسبتك تخرجي كل اللي جواكي ودلوقتي هسيب لك الفرصة بردوا علشان تجربي تعيشي الحياة اللي أنا حرمتك منها هسيبك تعملي اللي أنت عيزاه براحتك ولعلمك أنا واثقة إنك فالأخر هترجعي لي علشان اللي أنا زرعته جواكي أنت وأخواتك لسه جواكم يمكن يكون عليه تراب مغطيه بس عارفة إن ربنا مش هيخذلني فيكم وعارفة إنكم هترفضوا الحرية اللي من غير قيود بعد ما تملوا منها وتتأكدوا أنها مزيفة وتفهوا إن الالتزام والقرب من ربنا هو الحياة الصح عيزاكي كدا وأنت عايشة من غير لأ وممنوع تفكري كويس فكل حاجة هتعمليها وتحاولي تفكري هتردي بإيه على ربنا لما يسالك عليها.
بدى التبرم على وجه سارا فربتت نعمة على وجنتها وقالت بهدوء
.. خلي بالك من نفسك يا سارا ومن أخواتك وحاولي تحافظي على صلاتك على الأقل وأنت هناك بلاش تقطعي عن نفسك نور ربنا علشان ينورلك بصيرتك وقت ما تحتاجي له. 
وبين ليال بلا نوم إلى أيام طوال تواسيها الدموع وبين أمل يتلاشى بمرار إلى يأس أحتل قلبها لأهمال بناتها لها كليا حسمت نعمة أمرها وزهدت كل ما ملكها إياه عبد العزيز تركته دون أن تلتفت إليه وبلا ندم وعادت إلى منزل شقيقها.
وقفت أمام باب منزلها القديم ترتجف وطرقت وهي تدعو الله بأن يتقبلها شرف ويغفر لها فرارها منه ومرت دقائق لتتفاجأ نعمة بطفلة صغيرة تستقبلها بابتسامة هادئة فسالتها نعمة عن شقيقها شرف بحرج وأجابتها الفتاة
.. بابا موجود أقوله مين حضرتك.
أجابتها نعمة بتوتر
.. قوليله نعمة.
على حين غرة صاحت الفتاة من مكانها تنادي والدها بصوت عال
.. بابا في واحدة على الباب منتقبة أسمها نعمة عوزاك.
لم يصدق شرف أذناه يتسائل أيعقل أن يكون الله قد أنعم عليه وأستجاب لدعائه وبلهفة غادر شرف غرفته ووقف أمامها يحدق بها بعيون دامعة صدمت نعمة كليا حين لمحت دموع شقيقها فمدت يدها وكشفت عن وجهها وبلمح البصر اختطفها شرف بين ذراعيه وضمھا بقوة داخل صدره وهو يبكي كلاهما بكى ومن مكانها تابعت ابنته ما يدور بفضول ورأت والدها يبتعد عن تلك المرأة ويقبل يداها ويحتضن وجهها بين كفيه حينها لم تستطع التحكم بفضولها أكثر فسالته بترقب
.. بابا هي مين دي.
سلخ نفسه بعيدا عن شقيقته ونظر إلى ابنته بمحبة وقال
.. دي أختي نعمة دي عمتك يا نعمة.
ازدادت دموعها ورافقتها ابتسامة حزينة المت قلبها حين أقتربت منها نعمة الصغيرة وفتحت ذراعيها لها لتنحي نعمة وتضمها إليها بقوة وتقبل وجنتيها وحملتها بعدما تشبثت الصغيرة بعنقها وقبلت وجنة عمتها وقالت
.. تعرفي يا عمتو إن أنا كنت دايما بسال عن حضرتك وحبيتك من كتر ما بابا كان بيحكي لي عنك وكنت بحاول أتخيل شكلك عامل إزاي علشان مكنش عندي أي صور لحضرتك ولما سالت بابا قالي إنك مكنتيش بتحبي تتصوري بس تعرفي حضرتك طلعتي أحلى بكتير مما كنت متخيلة يا عمتو.
ويأتي الجبر من حيث لا تحتسب ولا تدري 
ولجت لغرفتها القديمة لا تصدق أنها عادت إليها بدت بمحتوياتها وكأنها لم تفارقها يوما فشقيقها أحسن الأعتناء بها وحافظ عليها كما هي ليقينه من عودتها إليه جالت بعيناها بحنين ودموعها تسيل وأتجهت بتمهل لفراشها مدت يدها والتقطت وسادتها واحتضنتها وجلست فوق فراشها لتجهش في البكاء أخفت نعمة صوت نحيبها بوسادتها فأخر ما