الجمعة 27 ديسمبر 2024

لم يبق لنا إلا الوداع..بقلم منى أحمد حافظ

انت في الصفحة 3 من 40 صفحات

موقع أيام نيوز

تتلفت ومش عايزة حتى تبصي لي.
ترك يدها ورماها بنظرة اشعرتها بالذنب فزاده عليها بقوله
ممكن تقوليلي لما أنت رافضة قربي منك أنا هوصلك مشاعري وحبي ليك أزاي إيه عايزاني أوصله بالتخاطر! 
ألقى كلمته الأخيرة بتهكم وأشاح بوجهه عنها ليمنعها من رؤيته واستطرد قوله بعتاب
واضح أني كنت بوهم نفسي إنك بتحبيني وكان لازم أفهم كده لما قلت لك خليني اجي اطلب إيدك علشان متبقيش خاېفة ورفضت وقلت لي مينفعش علشان بابا مديون بسبب جواز أختك عفاف وسفرها ومصاريف المدارس والدروس وأنك مش عايزة تزودي الحمل عليه. 
راقبته منار بحزن ولم تدر كيف تخبره بتشتتها فرغم محبتها له إلا أنها لا تستطيع مجاراته فيما يريد والسماح له بما لا يحق لهما دون رباط شرعي يرضاه الله فيكفيها ذنب لقائهم السري وخيانتها ثقة والدها بها غصة توسطت حلقها بتذكرها والدها وكفاحه ونكرانه لذاته من أجلهم لهذا عليها الثبات فهي لن تتحمل أبدا أن تراه منكس الرأس بخزي بسببها تفرست ظهره بنظراتها ففهمت من تصلبه مبلغ استيائه منها وودت لو يعطها الفرصة لتخبره بمكنون صدرها وتصارحه بمخاوفها وهاجسها من فتور مشاعره وتنصله منها إن تمادت معه وبادلته عبارات الغزل ودت لو يطمئنها ولكن كيف وهي تلزم الصمت حثها عقلها على مصارحته لاتخاذ خطوتها الأولى نحوه فاستدارت ووقفت أمامه ونظرت إليه باستحياء وهمست باعتذارها ولكنه أعرض عنها بقوله الفاتر
وأنا مش قبل أسفك وخلينا نمشي بدل ما حد يعدي ويشوفنا ويفتكر إننا بنعمل حاجة كده ولا كده لا سمح الله. 
تقدمها أمجد ولم يلتفت نحوها ولو لمرة وتبعته برأس منكس وملامح حزينة وعيون اختنقت بدموعها دموع خاڤت أن تترك اثرا يراه والدها فتزيده حمله ثقلا.
وقبيل منزلها رفعت منار رأسها تتبين مكانه منها فلم تجده فعلمت أنه تركها بمفردها وأكملت خطواتها إلى منزلهم باغتمام وصعدت إلى مسكنها ووقفت أمام بابه تجبر ملامحها على الابتسام لتفاجأ بشقيقتها رنا تفتح لها الباب وتشير إليها بإصبعها  أن تلزم الصمت وهزت رأسها باتجاه إحدى الغرف وهمست
متعمليش صوت وأدخلي بسرعة غيري هدومك قبل ما بابا يرجع من مشواره أو واحدة من الحلوين تشوفك وتفتن إنك رجعت متأخرة. 
ربتت منار رأسها وسألتها بصوت خاڤت وهي تميل نحوها
مشوار إيه هو مش المفروض بابا فالشغل 
هزت رنا رأسها بالنفي وأجابتها بهدوء
بابا النهاردة رجع بدري وقعد شوية وبعد كده قال إنه رايح مشوار بعد ما نزل أحمد دخل اوضته قال هذاكر والحلوين قفلوا عليهم اوضتهم وسابوني لوحدي فضلت قاعدة اذاكر حبة وأتفرج على التليفزيون حبه لحد ما أخدت بالي إنك أتأخرت فروحت وقفت في الشباك وأنا قلقانة لحد منهم يعرف وأنت عارفة لسانهم عامل أزاي.
أومأت منار وسارت على أطراف أصابعها لغرفتها وولجتها وأغلقت بابها خلفها واستندت إليه حينها نزعت ابتسامتها المزيفة وارتمت فوق فراشها ودفنت وجهها في وسادتها وأجهشت في البكاء. 
بينما وقف أمجد بشرفة غرفته يفرغ غضبه بتدخينه وعينه تختلس النظر نحو شرفة منار أنتظرها أمجد أن تظهر وتعتذر منه ولكنها لم تفعل فازداد غضبه عليها لعدم تقديرها إياه وسعيها للحديث معه لتزيل سوء الفهم ذاك فأردف بسخط
براحتك يا منار اعملي اللي أنت عايزاه بس متبقيش ټعيطي لما أعاملك باللي تستحقيه. 
أنهى قوله وأغلق شرفته وغادر غرفته وأمام غرفة والديه وقف ينظر إلى محتواها بحزن وأردف
كنت دايما بحلم أني لما اربيها على إيدي وأعودها على طبعي وتفهمني من نظرة هتديني الحب اللي كنت بحسه بينكم بس الظاهر إن الحلم حاجة والواقع حاجة تانية ومنار بنت عم شهدي حاجة تالتة بعيدة عن الحب اللي خلى ماما عايشة تحت رجل بابا وبتسعى أنها ترضيه لدرجة أنها متحملتش ۏفاته وماټت بعده بأسبوع. 
أطرق أمجد رأسه بأسف وغير وجهته إلى غرفته وبداخله تعاظم ضيقه منها واندس بفراشه وأغمض عينه مستسلما للنوم.
بينما دفنت منار حزنها كما تعودت وانهمكت باستذكار دروسها حتى رفعت وجهها بعيدا بعدما ألمها ظهرها ولم تدر كم مر عليها من وقت وهي بغرفتها وتعجبت عدم تذكر أحد لها للآن فوقفت وتأوهت لثوان وغادرت غرفتها فوقع بصرها على شقيقتيها التوأم نهلة وهالة تتهامسان سرا فزمت شفتيها ورمقتهم بأسف على عدم استجابتهم لنصحها لهما أحست هالة أن هناك من ينظر إليها فنظرت نحوها بضيق وسرعان ما أشاحت وجهها وعادت إلى همسها مع توأمتها استاءت منار لابتعادهم عنها ومعاملتهم الفاترة لها ولرنا وحين يئست منهم أدارت ظهرها واتجهت نحو غرفة شقيقتها وفتحت بابها ببطء ووقفت تتطلع إليه فلاحظت شروده رغم تمسكه بكتابه اقتربت منار منه بشكل متأن وجذبت من بين يده كتابه فجأة فانتفض أحمد ووقف يرمقها پخوف وأصابعه تشبث بجزء من كتابه حدقت منار بأصابعه بشك ورفعت حاجبها عاليا بتحد فازدرد أحمد لعابه وتركه حينها اكتشفت إخفاءه كتابا هزليا بين صفحات

انت في الصفحة 3 من 40 صفحات