لم يبق لنا إلا الوداع..بقلم منى أحمد حافظ
أسرت به نفسه فتمنى لو تترك له فرصة الحديث مع والدها فهو يعرفه منذ سنوات وحتما لن يرفض طلبه بل سيأزره فوالدها دوما يحث أبنائه على تحصيل العلم والمثابرة والاجتهاد وحين يوضح له ظروف دراسته ومعيشته ويخبره بحقيقة مشاعره ورغبته في الزواج بها سيوافق نعم عليه المحاولة ليضمن وجودها الدائم معه فقد سئم لقاءات المراهقة المختلسة بينهما زفر أمجد أمنيته مع أنفاسه الحارة التي أشعلتها منار بقربها منه دون أن تلحظ فمد يده بغفلة منها والتقط يدها فانتفض جسدها وارتجف بفعل الحرارة التي انتشرت داخله فأحست وكأنها تقف فوق جمر ملتهب بدت تائهة مشتتة ټصارع مئات المشاعر بعضها يهمس لها أن تدع أمر نفسها للحب لتعيش اللحظة معه وتتمتع بها فهي لن تعوض والبعض أنذرها أنها لحظة عابرة سينتهي أثرها وستبقى نتيجتها أمرا واقعا ستحياه بمفردها فهل تساوي لحظة الحب تلك أن تعيش فيما بعد منكسة الرأس خائڼة لعهد والدها فجأة لاحت أمامها عين والدها ولمحت بعمقهما خيبة أمله فيها فأغمضت عينيها هربا وزفرت بتريث وشكرت نواقيس الخطړ التي قرعت لتعيدها لرشدها خفضت منار رأسها لتخفي اضطرابها وجذبت يدها منه ولكنه منعها وتشبث بها ومد أنامل يده الحرة ولمس ذقنها ورفع وجهها نحوه في اللحظة نفسها التي رفع يدها نحو شفتيه وقبل راحتها ببطء وعينه تترقبها باهتمام تجمدت لوهلة فما أن مست شفتيه يدها حتى سرت برودة قاسېة بجسدها زادت رعشتها فجذبت يدها منه باضطراب فظنها أمجد تبادله مشاعره فابتسم ومال بوجهه نحوها وأردف بخشونة طفيفة
أفاقت من غفلتها حين لفحت أنفاسه وجنتها فاتسعت عيناها لرؤيتها مدى قرب وجهه منها وانتفضت من أمامه كمن لدغها عقرب وتراجعت بضع خطوات إلى الخلف ووضعت مسافة فاصلة بينهم وأدارت رأسها بقلق يمينا ويسارا تنشد طمأنة قلبها المذعور خزيا بعدم وجود أعين تترقبها بينما حدق أمجد بملامحها على نحو غريب عاقدا لحاجبيه فقد أشعلت بفعلتها التي أكدت رفضها اقترابه منها فتيل غضبه لم تنتبه منار في أول الأمر لحالته فهي شحذت حواسها لمراقبة الجوار فاصطدمت بنظراته الغاضبة وازدردت لعابها وأردفت بصوت مضطرب بعدما توقعت سبب تبدله
لاحظت تبدل غضبه لبرود رمقها به من أعلاها وأسفلها وحين أزاح بصره عنها زفرت بأسف على إهماله حديثها وأضافت
أظن معدش في أي لزمه لوقوفنا هنا ويلا بينا نمشي قبل ما حد ياخد باله مننا ويظن فينا السوء.
أنا عايز أعرف أنت ليه مصرة تقفليني منك
ما تردي عليا وجاوبيني لما أنت مش حابة قربي منك ومش قابلة مشاعري كنت بتقوليلي ليه إنك بتحبيني إيه كنت عايزة تجربي إحساس الحب وخلاص ومش مهم البني آدم اللي بيحبك مش قلبه ولا مشاعره اللي بټجرحي فيها ببرودك ورفضك ليها.
أنا يا أمجد معقول أنت شايفني كده!
تعالت وتيرة أنفاسه وازدادت عصبيته لمحاولتها استعطافه بنظراتها الحزينة فأردف
أيوه أنت ولعلمك أنا مش بتجنى عليك عارفة ليه علشان أنت أتغيرتي وخلتيني أحس بالعجز ومبقتش عارف اتعامل معاك أزاي علشان ترضي عني لدرجة أنك خلتيني أندم إني اعترفت لك بحبي علشان أحنا فالأول كنا نطلع نسهر فوق السطوح ونقعد بالساعات مع بعض ومكنتيش بترفضي قربي منك وهزاري معاك لكن بعد ما عرفتي إني بحبك بقيت بشحتك علشان تطلعي تقعدي معايا أو أشوفك ولما تحني عليا وتنزلي من برجك العاجي وتيجي كنت تفضلي تتلفت حوالين نفسك وأنت مړعوپة أحسن حد يشوفك وبتهربي مني قبل حتى ما أسألك عاملة إيه وقتها التمست لك العذر وقلت خليها براحتها بردوا الوضع جديد عليها ومن حقها تقلق على نفسها وفكرت فحل تاني علشان متقوليش إني أهملتك وقلت لك خلينا نتكلم في الموبايل ونطمن على بعض وأسمع صوتك احتججت بأخواتك اللي بيضيقوك وبيحاولوا يسمعوا أنت بتتكلمي مع مين طلبت منك تطلعي البلكونة بعد ما الكل ينام ولو خمس دقايق اټرعبت وحسستيني كأني طلبت منك تقابليني في شقتي وقلت لا الجيران هيشوفونا ويتكلموا علينا وآخر ما فاض بيا قلت لك خلينا نتقابل بعيد عن البيت وأهو أديك واقفة