شوق اسماء عبد الهادي
الأرض من دفعته
_انتي تكتمتي خالص كله منك إنتي انتي السبب في اللي أنا فيه دلوقتي
ابتلعت ريقها وقالت بتوتر
_أنا يا بابا انا عملت ايه
_فضلت اقولك هاتي فلوس أكتر مسمعتيش الكلام لو كنتي زودتي المبلغ كنت كسبت انا متأكدبس اعمل ايه بنتي بخيلة ومش هاين عليها تعطي أبوها بعد ما تعب وشقا طول عمره علشان خاطرها
هتفت هي بضيق
أمسكها أبيها من ملابسه بحدة فخرجت صړخة فزعة على إثرها وهي تقول
_يعني معاكي ومنعاه عني يا فداء
هتفت هي بهدوء ولم تقاوم يد أبيها القابضة على ملابسها
_هيكون معايا منين ما حضرتك بتأخد كل الفلوس اول بأول ده حتى دهبي ودهب أمي الله يرحمها حضرتك أخدته وبعته كله
_اكيد طبعا براحتك يا بابا وعلشان عارفة ان فلوسك حرام سبتك تعمل فيه ما بدا لك
هتف أبيها بحدة وهو يدفعها بعيدا مرة أخرى لكنها أضعف من سابقتها
_اتلمي يا فداء بدال ما أزعلك
هتفت فداء بأسف على حالة أبيها
_حاضر يا بابا انا اسفة لحضرتك
ليقول لها بصوت ناعس ضجر
اومأت له بطاعة ورفعت يده حول رقبتها واحاطته بيدها الأخرى لتسنده بكل قوتها لتذهب به لغرفتها وهكذا كانت تفعل كل يوم وقبل أن تذهب إلى عملها
وصلت إلى الغرفة الخاصة بأبيها واودعته في فراشه ومن ثم توجهت نحو قدمه لتزيح حذاءه وجوربه ومن ثم عاونته في التخفف من ملابسه لينام براحه ثم خرجت وهي تطفأ مصباح الغرفة وهي تمتم في نفسها
قالت كلماتها وتوجهت إلى غرفتها وارتدت ملابسها واستعدت لتذهب إلى عملها
__
في حوالي الساعة الرابعة مساءا استيقظ مهند من نومه وتفقد هاتفه ليجد رسالة من أخيه أمير فاڼفجر من الضحك على إثرها وقام واغتسل وارتدى ملابسه وذهب لغرفة أخيه عساف
ليجده يرتدى ملابسه ويستعد للخروج أيضا
فقال مهند
_عساف انت خارج
اتكأ مهند على طرف الفراش وقال
_لا طبعا انا دايس معاك... بقولك شوفت الرسالة اللي باعتها أمير
رد عساف ببرود وهو يحكم رباط حذاءه الأسود
_اه شوفتها
_وايه
_سيبك منها مين دي اللي تحدد تقابلنا امتا هي نسيت نفسها ولا ايه
_بس أمير بيقول انها حكاية ومش زي أي حد جه هنا قبل كدا وأنا عايز اتفرج
_يابني بقولك اتفرج انت فهمت ايه
_فهمت انك عكاك وعينك زايغة على اي انثى ها اكمل ولا كدا كفاية
اغتاظ مهند من أخيه وكاد أن يتحدث الا أن عساف تحدث بمكر وصوت ضاحك
_بس مفيش مانع من إننا نتسلى تعالى
ابتسم مهند وخرج مع أخيه وهو يقول غامزا
_وماله.
___
وقفت في شرفة غرفتها تتدلى أعينها على تلك الزهور الجميلة المزروعة بالأسفل في حديقة الفيلا التي تسكن فيها روحها تهفوا لأن ټحتضنها بين ذراعيها كما تهفوا أن يحتضنها احدهم وينتشلها مما هي به
تنهدت ببؤس وقالت
_نفسي اوي يا دادة خالد يسمحلي انزل بس الحديقة حتى انا زهقت من القعدة في اوضتي انا قريب هنفجر يا دادة بجد او ممكن اټجنن او يجرالي حاجة
اشفقت عليها مربيتها التي لا تفارقها أبدا وهي تقول
_هتنزلي تعملي ايه بس تحت ما كل الأماكن زي بعضها وأوضتك هنا فيها كل حاجة
هتفت ميار باستنكار
_لا طبعا مش زي بعضها وانا من حقي على الاقل اتجول في الفيلا انا مش هفضل طول عمري محپوسة بين
أربع حيطان يا دادة انا هنزل
خاڤت عليها مربيتها وقالت بزعر
_اوعي يا ميار خالد بيه محذرنا من كدا وانتي عارفة انه مش هيتهاون في دا ابدا
_اوف بقا يا دادة انا زهقت زهقت من كل حاجة .. زهقت من اوضتي ومن تحكمات خالد ومن حياتي كلها . هو ليه قاسې معايا اوي كدا.. هو مفيش حد بيغلط يا دادة قوليلي
ضمت المربية شفتيها وقالت بأسف
_معاكي حق يا بنتي بس متنسيش ان خالد بيه بېخاف عليكي بردو من الهوا الطاير وبيحبك وكأنك بنته مش اخته
هتفت ميار بحنق وهي تدفع الكرسي بعيدا
_لو بيحبني بجد مكانش يعمل معايا كدا انا هنزل يعني هنزل
قالت كلمتها واستمعت لصوت جامد جاف دب للړعب في اوصالها
_ميااار
اړتعبت ميار واختبئت خلف مربيتها تحتمي خوفا من أخيها
ليهتف هو والڠضب يشع من عينيه ويرمقها بحدة
_تعالي هنا سمعيني انتي قلتي ايه
ابتلعت المربية ريقها پخوف مما قد يفعله خالد بأخته بعدما سمع تصريحها الصريح في الهروج من غرفتها ورغبتها في مخالفة اوامره.
__
شوق
بارت٤
أسماء_الهادي
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
______
شوق ٤
وقف أمامها يحثها على الإسراع فهو يريد المغادرة سريعا لذا قال بنرفزة واضحة في نبرة صوته
_ما تخلصي يا بنتي هفضل كل مرة ملطوع بستنى سيادتك
اجابته وهي منكبة على وجهها تخفض جسدها وبصرها لأسفل فهي تحاول أن تحكم ربط رباط حذاءها الرياضي
_أصبر يا بركات مش عارفة اربط رباط الشوذ
أجابها ساخرا من هيئتها فهي ممتلئة الجسم بشكل واضح للعيان ولا تسلم من كلمات أخيها الساخرة من وزنها الزائد ذاك
_طبعا هتوصليله ازاي بالأهرامات والتلال اللي عندك في كل حتة دي
أجابته بنبرة مخزولة حزينة فهي كانت تتمنى ان يكون أخيها مصدر دعم وقوة لها لا أن يكون مثل الآخرين مثبطين لهمتها ساخرين من هيئتها متنمرين على طريقة سيرها
_الله يسامحك يا بركات أنا مش هرد على كلامك
أجاب هو غير مهتم بما قاله ولا بحزن اخته الذي بدا على صفحة وجهها
_هتردي على ايه يا بنتي هو انا قلت حاجة غلط مش دي الحقيقة انجزي عايز اروح الجيم اخلصي
أخيرا استطاعت الانتهاء مما تفعله فنهضت من فورها وارتدت حقيبة يدها في عنقها وقالت
_اديني خلاص خلصت اطلع يلا وانا جاية وراك أهو
أجابها وهو يقول بينما يخرج من باب الشقة وبعدما خرجت هي دفعها أمامه بانزعاج وهو يقول
_قدامي يا اختي دايما جايبالي الكلام وشكلي هقفل الجيم المكان الوحيد اللي بأكل منه عيش بسببك.
أجابته بنبرة بائسة وهي تقف محلها بينما هو يهبط الدرج
_أنا عملتلك ايه يا بركات حرام عليك
أجابها صارخا بها وقال وهو يشير لها لأن تتحرك من مكانها وتهبط الدرج خلفه
_جايبالي الكلام ياختي الناس بتقول فاتح جيم وقال ايه عامل انك بتساعد الناس انها تخس ومش عارف تساعد اختك مش عارفين ان اختي البعيدة برميل مش بتحس علطول لغ لغ مش بتفصل انزلي اخلصي بدل وربنا ما اطلع همي كله فيكي
هبطت هي الدرج في صمت وهي تنظر له بنظرات ممزوجة بالدمعات
ليتمتم هو بضيق شديد لاعنا حظه انه جعلها أخته
_جاتنا نيلة في حظنا الهباب الناس كلها أخواتها البنات قمرات تقول للقمر قوم وانا اقعد مطرحك جمال ورشاقة وانا اللي ابتليت ببرميل مخلل مش عارف اوله من أخره
هنا لم تستطع توبا التحمل أكثر من ذلك فوقفت محلها وتحدثت بصوت مختلطا بالبكاء
_كفاية بقا يا بركات انا تعبت من كلامك ده مش ذنبي اني تخينة اعملك ايه يعني
اجابها حانقا وهو يسير بينما يشوط بحجر صغير ملقى على الارض
_متعمليش حاجة ياختي ماهي البعيدة لو بتحس كانت خست شوية لكن اقول ايه حيطة مش بتحس مبتفهمش غير في الاكل وبس
هنا بكت توبا كثيرا ولم تستطع التحكم في دمعاتها أكثر فقالت باكية وهي تقف في منتصف الطريق
_كفاية بقا والله ما انا جاية معاك الجيم انا راجعة تاني البيت
ليمسكها أخيها من معصمها بحدة ويهتف بحماقة يثقلها بلازع كلامته دون ان يبالي بوقعها على نفسها
_اتحركي يا بجمة انتي قدامي وهتخسي يعني هتخسي حتى لو هموتك في ايدي فاهمة امشي يلا
سحبت يدها وقالت پغضب رغم دماعتها التي لا تتوقف
_لا مش هخس يا بركات وانا براحتي محدش هيجبرني على حاجة وكفاية بقا كلامك ده .
ليضريها أخوها بقوة في كتفها فآلمتها
_اتلمى يا توبا ولمي الدور لحسن ما افرج عليكي الشارع واديكى علقة معتبرة وقدام الكل
لم تستطع توبا ان تفعل شيئا الا أن تكتم حزنها في قلبها ودمعاتها بداخل جفونها وتسير معه بصمت وقلب کسير محطم الروح والمعنويات.
__
نزل عساف ومهند الدرج وجلسا على الأريكة وانضم إليهم أمير وجلس جوارهم ليقول مهند بملل وهو يضع قدما فوق الآخرى ويحركها في الهواء
_هي فين دي يا أبني عايز أتفرج.
حملق به أخيه أمير وقال
_تتفرج على إيه يا ابني هي مش اللي في بالك خالص.
_الله يا غبي انت مش بتقول انها حكاية يبقى إيه بقا
ضم أمير أصابع يده وقال لأخيه
_اصبر هتلاقيها جاية أهي.
بينما عساف يجلس غير مهتم ويفرد كلتا ذراعيه يسندهما على الأريكة
رفع مهند علبة الكانز إلى فمه ليشربها و التي وضعها العم سيد أمامهم منذ قليل وعاد لمكانه في المطبخ.
وما إن رأى مهند شوق تدلف إليهم بهيئتها تلك جلبابها الاسود وحجابها الذي من نفس اللون والذي هو ليس معتادا على تلك الحشمة أبدا حتى بصق ما في فمه دفعة واحدة وانخرط في نوبة ضحك أطول من تلك التي أصابت أمير عندما رأى شوق لأول مرة.
ظل مهند يضحك كثيرا وشوق تقف أمامهم مربعة ايديها أمام صدرها
بينما يقول وهو ينظر لعساف الذي لم يبدى أي ردة فعل وكأنه لم ير شوق من الأساس
_يخربيت كدا أنا مشفتش كدا قبل كدا مين دي وبتعمل ايه هنا دي باينها عفريت انصرفي انصرفي مين اللي حضر البتاعة دي انصرفي.
قالها وانخرط في الضحك أكثر فلم يستطع عساف وأمير إلا أن ينخرطوا هم أيضا في الضحك.
وبينما هم كذلك سحبت شوق الأريكة الدائرية الشكل ووضعتها في مقابلتهم وجلست في هدوء تام وهي تقول
_وادي جاعدة لما تخلصوا ضحك نبجى نتكلم.
لينهض مهند من مكانه ويقول بينما يشير إليها مزهولا
_لا لحظة وكمان صعيدية لا كدا كتير أنا اول مرة أسمع عن عفريت صعيدي.
لترد شوق بغيظ من تماديه في الأمر وتقول بحدة
_أهي العفريت الصعيدي اللي عتقول عليه ديه هيقوم عليك يعفرتك دلوك ان ما اتلمتش وبطلت تريقة على خلق الله.
رمقها مهند غاضبا وهو يرفع أحد حاجبيه باستنكار لما سمعه منها
_نعم انتي بتكلميني انا بالاسلوب ده!
اعتدلت في جلستها وقالت بهدوء
_ايوة انت يا مهاند ممكن تقولي هتجعد وتخلص المسخرة اللي عتعملها دية امتا
ازداد حنق منهد كثيرا وهم ليقترب منها ليبطش بها
_لا انتي اتعديتي حدودك معايا انتي فاكرة نفسك مين.
لم تهتز لشوق شعرة واحدة وظلت مكانها كما هي بينما اتسعت أعين أمير خوفا من أن يمد مهند يده على شوق فهو ان قرر فعلها فلن يبالي أبدا فلا يهمه شىء.
ليهتف عساف بملل وهو يمط شفتيه
_اقعد يا مهند انت فعلا زودتها ممكن تقعد وتهدى.
نظر مهند لأخيه بحنق وقال
_انت مش سامع بتكلمني أنا إزاي دي
لا يمكن