بيت السحيمي..
انت في الصفحة 2 من صفحتين
وعُرف بيت السحيمي بذلك الإسم نسبة إلى آخر من سكانه، وهو شيخ رواق الأتراك بالأزهر الشريف محمد أمين السحيمي الذي ولد بمكة المكرمة، وقد أتى محمد أمين السحيمى إلى مصر ليستقر بذلك المنزل، وفيه أقام الليالي الرمضانية، وجعل منه ساحة دينية ودنيوية للتشاور كما جعله مأوى لعابري السبيل.
وعندما ټوفي أمين السحيمى عام 1928، رأت أرملته ضرورة استبداله خاصة بعدما أصبح غير صالح للسكن، وعندما علم الملك فؤاد الأول بأهمية البيت، أصدر مرسوماً ملكياً ينص على تخصيص مبلغ ستة آلاف جنيها لشرائه، وتواصلت الدولة المصرية مع عائلته ليتحول المنزل بعد ضمھ للجنة حفظ الآثار العربية، إلى أحد الآثار الإسلامية العريقة بمصر عام 1931.
شُيد المنزل من طابقين وصحنان، الأول يُطلق عليه "السلاملك"، وهو ذلك الجزء المُخصص لاستقبال الضيوف من الرجال، أما الطابق الثاني فيُسمى "الحرملك"، وهو الجزء المخصص للحريم، وبمجرد عبورك من المدخل الذي يفضي بك إلى الممر المنكسر تجد نفسك بالفناء الأوسط الذي تتوسطه حديقة صغيرة يجاورها بئر ماء البيت، ويعد هذا الفناء متنفس البيت والوحدة الرئيسية بالمنزل، ويتصدر الضلع الشمالي له وحدة انتظار واستقبال الضيوف أو "التختبوش" (كلمة فارسية تعني صاحب المقعد أو الكرسي) وهي عبارة عن مساحة مفتوحة على الصحن مباشرة، كما نجد المندرة (المنظرة) بضلع الفناء الجنوبي، وبالضلع الشرقي والغربي مداخل تؤدي إلى قاعات سفلية وسلالم صاعدة إلى القاعات العلوية.
وتتكون القاعات من مساحة وسطى تمثل الدرقاعة، ويتعامد عليها إيوانان، ويفتح بأعلاها شبابيك للإضاءة والتهوية، وتزين أرضية الدرقاعات الفسيفساء الرخامية ذات التشكيلات الهندسية.
وتظهر روعة الأعمال الخشبية في أسقف المكتبات الحائطية، وقد تم تجليد الجزء السفلي من الجدران بالخشب، كما نجد الأشرطة التي تحمل أشعار من قصيدة نهج البردة، ومن العناصر الهامة بالبيت المقعد الذي يقع أعلى المدخل بالضلع الجنوبي ليستقبل الرياح الشمالية في فصل الصيف.
وتعد القاعة الخزفية التي تعلو التختبوش من أهم القاعات بالبيت حيث كسيت جدرانها بـ"القيشاني" الأزرق المزخرف برسوم نباتية دقيقة، وتضم مجموعة من الأواني صنعت من الخزف والسيراميك الملون، بجوارها غرفة صغيرة جدا كانت تستخدم لتخزين الطعام.
ويعد كرسي الولادة والحمامين المجاورين للقاعة الخزفية، غطى سقفهم بقباب ضحلة به فتحات زجاجية مستديرة تساعد على دخول أشعة الشمس، يستخدم أحدهما في الصيف، والآخر في الشتاء حيث يوجد به موقداً لتسخين الماء لعمل جلسات "المساج"، بالإضافة إلى حمام ثالث تقليدي، مكسو بالرخام الأبيض، ذو سقف مقبب وفتحات مربعة ودائرية مغطاة بالزجاج الملون، ولا يوجد بالمنزل أسرة للنوم، فكان سكانه ينامون على مراتب من القطيفة المزخرفة. أما الفناء الخلفي فيوجد به حديقة وطاحونة للحبوب وساقية مياه للشرب.
وللأسف ظل لسنوات طويلة مهمشًا ومهملًا، حتى بدأت الدولة بترميمه عام 1994 ميلادية، ليعود مرة ثانية إلى حالته الأصلية، ويستقبل بيت السحيمى الزائرين كمتحف أثري، ويستخدم كمتحف لفنون العمارة الإسلامية، ومركز للإبداع الفني هو بيت عربي ذو معمار شرقي متميز.